الطبعة الثانية 2013
عدد الصفحات 192
الناشر:التنوير/ للطباعة والنشر والتوزيع/لبنان
ماوراء القص
أيّ عمل إبداعي يصل الى مرحلة متقدمة من النضج الفني،هذا يعني أن: المؤلف قد تمكن خلال رسالته الفنية الامساك بالخيط الرفيع الذي يفصل مابين عالمين متناقضين ومتقاطعين ــ الواقع والخيال،المنطق واللامنطق،المرئي واللامرئي،الحقيقة والوهم ــ في لحظة جمالية يكون فيها مُستقبِلُ العمل مُوزعاً بين خليطٍ من مشاعر مختلفةٍ تتوزع مابين الدهشة والغموض والمتعة والتأمل والاستفزاز،متأرجحاًعند نقطةٍ تتقاطعُ وتتداخلُ فيها الوقائع والاوهام في آنٍ واحد.والنص الروائي(الفراشة الزرقاء)سار المؤلف فيه بهذاالاتجاه،وبدامُنسجماً مع ماجاءت به كتابات ماوراء القص التي تمظهرت في”اهتمامها بالعلاقة بين الواقع والتخييل.فالواقع لم يعد قابلا للفهم،والتاريخ ليس أكثر من رواية.كماأهتمت بقضية اللغة وعدتَّها نظاماً اعتباطياًاستبدادياً.وناقشت الحالة المفارقيةلسلطةالمؤلف،وجعلته بلاسلطة أحيانا.وأبرزت إلى الواجهة خيالية الروايةوالواقع على حد سواء”. هذا ماوردفي كتاب الناقدة د.أماني ابو رحمة المعنون (ماوراء القص). من هنا لم يكن من السهل إستقبال مايُسرَدُ من تفاصيل داخل الحكاية الرئيسية التي بَنى عليها ربيع جابر عمله،وهذا يعود الى ” رفضه للوسائط البنيوية التقليدية في سرد الحكاية .” كما يقول شانون وليامز ومايتبع ذلك من تغير جوهري في وظيفة السرد، ليذهب المؤلف في مخطوطته السردية الى انعطافات حادة “.
قصد المؤلف أن يضَعَنا أمام تجربة جمالية تكون فيها ذائقتنا أمام تحدٍ،وهذا يستوجب منّا تفكيك ماتكدّس لدينا من اتفاقيات فنية في السرد في منظومتنا النقدية،فلم يكن من السهل علينا ونحن نقرأ النّص التوصل بسهولة الى معرفة أسم السارد/المؤلف الروائي داخل النص،وهو بنفس الوقت شخصية الحفيد الذي أُطلق عليه نفس الاسم الذي كان يحمله جده الاسكافي انطون الذي وجد مقتولا في دكانه يوم الاثنين 12 تشرين الثاني عام 1877 في بيروت،بعد ثلاثة أيام على مقتله من قبل رجالٍ من أهالي الجبل،أخذاً بثارٍقديم عليه. ” خَالةٌ من خالاتي،لاأعرف مَنْ بالضبط،إقترحت أن يسمّوني سليم.لكن أبي حسم الموقف،فأطلق عليّ إسم نورعلى سبيل الدعابة “. وبعد أن يكتشف صدفةً خبر مقتل جدِّه في أرشيف مكتبة الجامعة الاميركية التي يَدرُس فيها،يطلب من صديقه الذي يشاركه الغرفة في البناية المخصصة لطلبة الجامعة أن يناديه بأسم انطون. ” ألأحساس الذي انتابني،عقب قراءة تلك الكلمات المرسومة على الشاشة الخاصة بآلة الميكروفيم،كان شديد الوطأة.فجأة بدا لي أن العالم كلّه مزيّف.كأن أنطون الصغيرالذي أسموهُ على أسم جدِّه المقتول في بيروت لم يولد قط.كأنّ بلدتنا بلدة خيالية.كأنّ غرفة الميكروفيلم ليست موجودة داخل حرم الجامعة بل فوق سطح القمر.كأنّ الجامعة ذاتها هي غير حقيقية.واستمرذلك الإحساس للحظات معدودة.فكأنّ كل شيء مزيَّف،ولا شيء حقيقي إلاّ هذا الاحساس للحظات معدودة الذي يستولي عليّ بسبب من هذه الكلمات المنشورة في صحيفة من القرن الماضي ” .
تفكيك اتفاقيات القصة
المؤلف جابرلايتردد في استفزازالقارىءعندما يأخذ بنية خطابه الروائي نحو منطقة يستثمر فيها تقنية الاسطورة ليصبح المنجز الفني بالتالي تجسيداً وتشخيصاً منطقياً لكل ماهو غير منطقي.هنا تكمن الحرفية العالية للمبدع في التعامل مع أزمنة متناثرة متباعدة بأحداثها ووقائعها وشخصياتها.فالكتابة الابداعية وهي تدخل مشغل السرد الروائي لاسبيل امامها للوصول الى جوهر الاشياء والدلالات إلاّ أن تنطلق فيها مخيلة المبدع من عتبة الحرية وهو يصبو إلى بناء عالمه السردي وفق منطق التصور والافتراض على اتساع مخيلته.وهنا يشير (شانون وليامز) في مقالته المعنونة(خصائص الرواية في مابعد الحداثة):”أدب مابعد الحداثة يطبِّق فوضى الوجود المعاصر على اشكاله ويسعى إلى تفكيك اتفاقيات القصة من أجل فضح زيف الاسطورة التي تروج لنظم عقائدية مستندة إلى الوهم ” .
تخطى ربيع جابر أساليب السرد التي راكمتها الرواية العربية التقليدية عندما لجأ إلى آلية بناء المشغل السردي في كتابات ماوراء القص،وفيها يطل السارد بين فترة وأخرى ليعلن عن حضوره .” أقرأُ الجملة الاخيرة فلا أعرف ماذا سأكتب بعدها،وأحسُّ بألمٍ في صدري،وأفكِّر بأن عليَّ أن أرمي القلم من يدي وأن أمضي إلى السرير “. وفي مكان آخر من الرواية .”أراقب البُخار يتلوّن بضوء اللمبة الصفراءأفكِّر أني وصفت هذا المشهد في رواية سابقة “.. وبهذا الصدد تقول ليندا هتشيون:”رواية عن الرواية،أي الروايةالتي تتضمن تعليقاًعلى سردها وهويتهااللغوية “.
انطون/السارد/المؤلف الروائي داخل الرواية،إلى جانب كونه طالب ماجستيرفي الجامعة الاميركية في بيروت،هو كاتب روائي. ” كتبتُ تسع روايات ونشرت ثلاثا ًمنها “. وهوعلى وشك البدء بكتابة روايةجديدة.فالذاكرة تختزن الكثيرمن الحكايات منذ ايام الطفولة. ” هناك في البداية حكايات جدتي عن أخيها الصغير،وعن جوزف وجورجي بابازواغلي،وعن معمل تحرير الحرير من دودة القز وصاحبه الفرنساوي بروسبر بورتاليس.حكايات سكنتني منذ ايام الطفولة ” . ولأنَّه لم يكن مستعداً للبدء بمشروع روايته الجديدة طالما لم يجد أنَّ ماتختزنه الذاكرة غيركافٍ لكي يصنع منها رواية إلاّ أنّ لحظة الشروع جاءت بعد فشل تجربة عاطفية عاشها مع س. “وبعد أن تركتني(س)ومضت بعيدا اكتشفت فجأة انني قد وصلت إلى البداية لتوّي…..سأكتب رواية،قُلتْ.وقلتُ إنني سأبدأها بجنازة جدتي ” .
بنية الزمن
استثمر ربيع جابر مهنة الشخصية المحورية ــ بأعتباره يعمل مؤلفا روائياً ــ ليرسم مُخطَطَاً هندَسياً شيَّدَ على أساسه بنية النص،عبرمعمارفني إنشطرت فيه الحكايةالى شظايا،توزعت على أربعةأزمنة:الماضي،الحاضر،المُتخيَّل،الحُلم.هذه الازمنة تقاسمت الحضوربشكل متدفق وسريع قائم على استثمارالبناء المتوالي الذي تتيحه آلية المونتاج السينمائي في البناء السردي للحكاية بكل تشظياتها الزمنية والمكانية،لتتوالى حركة الازمنة(تقدماً ورجوعاً)في سرد الحكايات على لسان أبطالها أو على لسان(السارد/المؤلف الراوي داخل النص/الشخصية الرئيسة)،أو على لسان(السارد/المؤلف/الضمير الغائب).وتم تقطيع النص إلى حكايات كما لوأنها مُقاربة شكلية مع التقطيع الحاصل في المعالجة الادبية لبناء سيناريو الفلم السينمائي قبل مرحلة(السِّكْرِبْت) أي المخطوطةالتنفيذية:حكاية دخول جدتي في معمل بورتاليس /كيف تحولت جدتي من عاملة بسيطة الى/ جملة اعتراضية/حكاية الفراشة التي طارت/جدتي تداعبني / جوزف/ لكنه ليس انطون / الرؤية في الظلام /حياة وموت جوزف بابا زغوالي .
فالرواية حبكة فنية لمجموعة من الحكايات المرتبطة والمتشظية مِنْ مَتنٍ واحد:حكاية يوسف وابنه سهيل/حكاية سهيل وابراهيم البخعازي/حكاية الشقيقان جوزف وجورجي وصديقهما سليم/حكاية حب جوزيف لزهيّة/حكاية زواج زهيّة من سليم/حكاية زهيّة ودخولها معمل بروتاليس لتحرير الحرير/عودة جورج من الغربة بعد اربعين عاما .
الحكاية
مع منتصف القرن التاسع عشر وعلى اثر تداعيات انهيار الامبراطورية العثمانية شهدت مستعمراتها العربية ومنها بلاد الشام جوعا كبيراً إضافة الى أن هذه الفترة كانت بدايةً وصول علامات النهضة الحديثة إليها،جاء بها مبشرون ومستثمرون مغامرون غربيون سبقوا الجيوش الفرنسية والانكليزية في الدخول اليها.بنفس الوقت كانت هذه الفترة بداية الهجرة الاولى للعديد من ابناء الشام الطامحين الى الثروة والعمل الى أميركا وافريقيا،وكان من بينهم جبران خليل جبران،كذلك يعقوب صروف وفارس نمر اللذان اصدرا مجلتي (المقتطف والمقطّم)في مصر،إضافة الى جورجي زيدان الذي كان ينشر مقالاته في المجلتين المذكورتين،وزيدان يرد ذكره في النّص بأعتباره صديق الطفولة والشباب لسهيل بابازواغلي قبل أن يسرق الاسوارة من الصائغ الاعرج ويودع في السجن.أيامها كان زيدان يعمل مع والده في ادارة فندق في منطقة بتاتر،في لبنان ويحرص على قراءة الكتب التي يجلبها له سهيل بعد أن يسرقها من المكتبات،أي قبل أن يهاجرالى مصر ليصبح فيما بعد أحد اشهر الذين لعبوا دورا أساسياً في النهضة الفكرية التي شهدها العالم العربي مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في مختلف شؤون الفكر والمعرفة والادب مشاركةً مع آخرين من ابناء جلدته.
مُقدّمات أحداث الروايةــ التي تلعب الوِراثة والصُدَفُ دورا حاسماً في تقرير احداثها ومصائر شخصياتها ــ تعود بنا الى تلك الفترة العاصفة(منتصف القرن التاسع عشر)وفيها كان العالم يشهد قيام عالم جديد،تقوده قوى وآليات جديدة،على انقاض عالم آخر،كان قد وصل إلى مرحلة بدا فيها هَرِماً وماعاد قادرا على رؤية الحياة ومتغيراتها العلمية بوضوح،لذا لم يعد قادراً على المواجهة والبقاء.في تلك الفترة أراد يوسف بابازواغلي أن يصبح أبنه سهيل طبيباً أوموظفا حكوميا كبيراً مثله،لذا يرسله الى مدرسة الفرنسسيكان الداخلية.لكن الاقدارجَرت على غير ماكان يحلم.فبينما كان الأب يوسف يقضي وقته بين المعاملات الحكومية وقراءة آخر الكشوفات العلمية التي قام بها داروين وجد سهيل لنفسه طريقا ً آخرى ستفضي به إلى مستقبل غامض وخطر،عندما مدّ يده وسرق اسوارة ذهبية من دكان صائغ اعرج.فلحق به وتمكن من القبض عليه.فيتم إيداعه السجن فيتبرأ منه والده الى الابد.وليقضى ثلاث سنوات في السجن وهو يلعب الورق مع ابراهيم بخعازي المُصاب بالسّل والمحكوم لمدة عشر سنوات بتهمة قتل مراقب العمال طَعناً بالسكين اثناء عمله في أشغال جرِّ مياه نهر الكلب الى بيروت مع شركة تونان الفرنسية عام 1871. فكانت الاعوام تمر متشابهة على بخعازي لكنْ بمجيء سهيل تبدل كل شيء،فقد عرف في شخصية سهيل شاباً صادقاً.وإكراماً لطيبته معه،بعد أن كان معزولا من قبل جميع السجناء،ترك له بخعازي قطعة أرض صغيرة كتبها في وصيّة قبل أن يموت،واحتفظ بها سهيل في صندوق خشبي كَصَك ملكية في الكوخ الذي بناه على ارض الحقل بعد خروجه من السجن.وبعد عقود من السنين يموت سهيل بابازواغلي بشكل تراجيدي وهوفي حقل الحنطة وحيداً يدافع عن السنابل التي هاجمتها اسراب من الجراد بعد أن كان قد اتفق مع حفيديه على حصدها في اليوم التالي . ينتقل الصندوق الى عهدة حفيديه جوزيف وجورج اللذان يتشابهان بشكل كبيرالى الحد الذي لايمكن التفريق بينهما رغم أن جوزيف أكبرمن جورج بعام واحد.وكان جوزيف على وشك أن يتزوج من زهيّة التي أعجب بها بعد أن شاهدها تخرج من معمل بروسبر بورتاليس لتحريرالحريرالطبيعي من دودة القز،لكن الجَّراد الذي قضى على محصول الحنطة،ومن ثم القحط الذي مرعلى البلاد في تلك السنة واصابها بالمجاعة،دفع الاخوين ــ مثل كثير ٍمن ابناء الشام ـ لأن يتخذا قرارهما بالسفر الى مصروكان سفرهما قد تمَّ بعد نهاية الحرب العالمية الاولى مباشرة.عند ذاك أصبح الطريق سالكا أمام صديقهما سليم لكي يتزوج من زهيّة التي كان هو الآخر يحبها بصمت دون أن يكشف ذلك لجورجي وجوزيف،لذا كان رحيلهما عن البلاد فرصة سانحة له لكي يرتبط بمن يحبُ. وبعد اربعين عاما من الغياب يعود أحد الاخوين الى القرية ويلتقي بصديقه سليم مرة اخرى الذي لم يكن متأكدا إن كان العائد هو جوزيف أم جورجي،فالشبه الكبير بينهما أدخل سليم في حالة من الحيرة والقلق رغم ادعاء العائد بأنه جورج وأن شقيقه جوزيف قد توفي قبل عدة اعوام في المانيا على اثر اصابته بمرض السّل. “منذ اللحظة التي بدأ فيها جورجي حكايته عن حياة وموت جوزف بابازواغلي إستدارت سوسةٌ صغيرة تحت اضلاع جدي،وأخذت تنخرصدره من رأس معدته حتى حنجرته،ففقد الأمان الذي كان يملؤه،وأستعاد أرق تلك الليالي التي سبقت زواجه من جدتي”. وبعد أن ينتهي جورجي بفترة قياسية لاتتجاوز الشهرين من بناء نزل واسع بغرف متعددة على نفس الارض التي كان عليها كوخ جده سهيل بابا زواغلي وبنفس معمار النزل الذي كان محبوسا فيه لمدة ثلاثة اعوام في بيروت،يغادر سليم القرية فجأة بعد أيام على افتتاح النزل وامتلائه بحياة صاخبة دون أن يخبر أحدا عن وجهته،حتى زوجته لم يخبرها بذلك لكنها كانت قد لاحظت تحولا مفاجئا طرأ على شخصيته قبل اختفائه،فلم يعد رقيقاً معها ولامع بناته،وبات يغضب لأقل كلمة،ويفضل دائما أن يتناول طعامه وحيداً.وبعد ثلاث سنوات تعلم زهيّة بخبر غرق سليم في مياه البحر مع ستين راكبا،كانوا جميعاًيستقلون باخرة قادمة من اوربا إلى مرفأ بيروت وكان هو عائداً من رحلته،بعد أن إستلم مكافأة نهاية الخدمة من الجيش الفرنسي الذي عمل معه إسكافياً لأكثر من 25 عاماً. بعدها اقفل جورجي النزل نهائيا،وجلس أمام المرآة وبدأ يتكلم مع صورته: ” هاأنا وحدي ياجوزيف،وأنتَ وسليم هناك.هل تفكران بي كما أفكربكما؟ “. وفي المرآة كان جورجي يرى وجهاً أصفر.ويتسائل مع نفسه. “هل هو وجهه أم وجه جوزيف ؟ “. ليُدخلنا النّص مرة اخرى في لعبة الشك والتأويل التي تنساق إليها كتابات ماوراء القص،والتي انعكس حضورها الواضح في تركيبة الحبكة التي اتقن نَسْجَها المؤلف جابر وماشَحَنَ به نصَّهُ من تعليقات،إضافة الى القصدية الواضحة في تصدير الشكل وتحطيمٍ واضحٍ للعلاقة الفاصلة مابين المرئي والمتخيل.لم يعش جورجي أكثر من عام بعد خبر وفاة سليم فمات هو الآخر وحيداً في نزله المهجور.وترك وصيّة تنازل فيها لزهيّة عن النَّزل،وبعد موتها هي الاخرى يصبح النزل ملكا لحفيدها انطون مؤلف الروايات الذي يرفض هو الآخر بيعه مثلما كان عليه موقف جدته رغم الحاح بناتها واحفادها لأنهم كانوا يفكرون بالفائدة المادية التي ستعود عليهم فيما لو تم البيع . “النَّزل يجب أن يبقى كي لاتموت الحكاية.أمّاالآن وقد كَتَبتُها،فما الضرورة من بقاء النزل ؟ “
الجنوح الى اللعب
يبقى أن نشير إلى أن الرواية عندما صدرت عام 1996 في طبعتها الأولى كانت تحمل اسم المؤلف “نور خاطر”وليس ربيع جابر!؟ وهذا بتصورنا كان جزءاً اساسياً يدخل في منظومة كتابات ماوراء القص التي انخرط فيها المؤلف بذكاء وحرفية عالية أطّرَ سرديته فيها،بالشكل الذي أباح له ابتكارعوالم داخل عالم النص،لأَجل توريط القارىء في لعبة الوهم، مما يجعله غير قادر على التَّوقع والتمييز مابين الحياة الحقيقية والحياة المُتخيّلة داخل الرواية،طالما قد جنح المؤلف الى تجاوز الحدود التي يفرضها البناء الفني الكلاسيكي المتماسك.وهذه الآلية الشكلية التي تثير البلبلة والشك سترتقي بالتالي بمستوى المهارات القرائية التي ينبغي أن يكون عليها القارىء،وتضعه هو الآخر إلى جانب المؤلف في مسؤولية المشاركة الواعية والفاعلة في تفكيك المعنى وصناعته .