23 ديسمبر، 2024 8:48 ص

الفدرالية في العراق بين التقسيم والوحدة

الفدرالية في العراق بين التقسيم والوحدة

إن مسألة الفدرالية أو الأقاليم في العراق ليست قديمة ، فهي ظهرت في تسعينيات القرن المنصرم . فبعد عزل شمال العراق قسراً عن الحكومة المركزية بدعم من الولايات المتحدة وحلفائها، عقب ما يسمى حرب تحرير الكويت، إتخذ الاكراد قراراً تبنوا فيه الفدرالية في العراق.
وظل هذا الطرح قائماً بين أوساط “المعارضة” آنذاك في الخارج، حتى إحتلال العراق في العام الفين وثلاثة ، وصدور “قانون إدارة الدولة المؤقت” الذي أقر الفدرالية بأمر الحاكم الامريكي لسلطة الاحتلال بول برايمر آنذاك.
وأحدث صدور هذا القرار جدلاً واسعاً بين “قادة الكتل السياسية” الحاليين ، خصوصاً لجهة العلاقات الاجتماعية مستقبلا، لذا شكلت الفدرالية عقدة أخرى تضاف الى سلسلة العقد التي تعصف بالعراق مع قدوم المحتل، حتى وصلت حالات عدم التوافق والانقسام بين سياسيي “المنطقة الخضراء” الى التناقض بين الجهات المختلفة حولها . فما بين فيدرالية عرقية، أو جغرافية، أو أدارية، أو طائفية، وما بين تعميمها الى البلاد كلها ، أو حصرها على كردستان العراق، وجهات نظر مختلفة . واذا ما كان أمر تطبيق الفدرالية أو ما أصبح يسمى بالمرحلة الراهنة “أقليم” لا بد منه ، فالمطلوب بالنهاية الوصول الى صيغة تحمي وحدة العراق ضمن نطاق التنوع والتعدد، وألّا يتم فيها تفخيخ الوحدة بفيدراليات أو اقاليم تحمل في نواتها بذور الفرقة والفتنة، بل ربما تدخل البلاد في أتون حرب أهلية لا سامح الله، خصوصا إذا ما أعتُمدت فيدرالية أو اقاليم الجغرافيا الطائفية عماداً لها ، الأمر الذي يجعل العراق بلداً طائفياً رغم وجود الطوائف فيه على مدى قرون طويلة رافعة شعار التأخي ما جعلها تعيش فيما بينها بسلام ووئام . ويبقي السؤال قائما مَنْ مِنَ  السياسيين الحاليين قادر على صون وحدة العراق ؟ . لذلك ، تبقى الفيدرالية أو الإقليم مصدر قلق دائم للعراقيين ، إذا ما أخذنا في الاعتبار الظروف الاقليمية والدولية المؤثرة بالشأن العراقي . فالعراقيون بحاجة الى مزيد من اللحمة الوطنية، لا إلى مزيد من التفخيخ المرعب . وبين هذه المتناقضات التي أسلفناها، يمكن العبور بالعراق الى بر الامان إذا ما أراد “أصحاب القرار” فيه وضع حد للكثير من الخلافات، وهذا يستدعي، موافقة جميع الاقطاب السياسية على إعتماد فكرة الفيدرالية للمحافظة الواحد لضمان عدم إنفصالها أو إرتباطها بأي من الدول الاقليمية، والعمل على نشر ثقافتها لدى المواطن العراقي من خلال إعلام نزيه لا سيما الندوات والمؤتمرات الخاصة بها، والشروع بإجراء إستفتاء شعبي لبيان رأي المواطن قبل الشروع بتطبيقها . ولكن مع اصرار مليشا “الحشد” على ارتكاب جرائمها بحق المدنيين من جهة ، وغض الطرف الحكومي عن تلك الجرائم بل وتبريرها من جهة اخرى ، يبقى السؤال المطروح هل تصلح الفيدرالية في العراق ، وهل هي الخيار الأخير ؟ .