14 أبريل، 2024 1:38 ص
Search
Close this search box.

الفدرالية تحفظ وحدة العراق..ونظلم (الاقلية والأغلبية) يهددها بمخاطر التقسيم

Facebook
Twitter
LinkedIn

قبل سنوات كان كثير من العراقيين يعارض مفهوم ( الفدرالية ) أو لايتناغم مع توجهاتها، بضمنهم كاتب هذه السطور، لأن هناك من ركز في أدمغة الكثيرين في هذا البلد  ان ( الفدرالية ) تعني ( تقسيم ) العراق.
ولكن ما إن مرت السنين وتفحصنا مضمون هذا المفهوم جيدا وتمعنا في مدلولات مضامينه السياسية المطبقة في كثير من دول العالم ، وبعد ماجرى في العراق من احداث طائفية دامية مريرة ، تحت غطاء ( طائفي ) مرة ، وفي إطار ( عرقي) مرة أخرى ،وجدنا انه ليس هناك (تعارضا) من حيث المفهوم بين تطبيق الفدرالية و(الحفاظ على وحدة العراق)، إن لم تكن ( الفدرالية ) هي العلاج الأمثل الأقل (خسارة ) أمام تهديدات لاتنتهي الا بشرذمة العراق ، حتى أصبح مفهوم الفدرالية واقع حال لايمكن إنكاره بأي حال من الأحوال..
لقد احتوى الدستور العراقي الحالي على مغالطات كثيرة بشأن مستقبل النظام السياسي في هذا البلد وكيف يكون التعامل مع مكونات شعبه ، وزرع من الألغام والهفوات ومصائد المغفلين مايجعل وحدة العراق مهددة دوما، بل ربما نجد ان مفهوم ( الفدرالية ) كان احدى تلك السمات التي تبقي وحدة العراق في توافق متناسق لايسير به باتجاهات التقسيم، وهي تعني ( وحدة العراق ) أصلا على عكس مايشاع من مفاهيم مغلوطة او مشوهة عن الفدرالية التي تعبر عن مضمونها بكل دقة، وهي أي ( الفدرالية ) الوحيدة التي ربما يبقى من خلالها العراق محافظا على ( بقايا ) وحدته، هذا ان بقيت للعراق ( وحدة ) فعلا، والا فالأجواء لاتبشر بخير بكل تأكيد، فما تم تاكيده من خلال النظام السياسي الحالي المتصارع بل والمتضارب والمتناقض في الرؤى والتوجهات والاهداف لايحمل دلالات ايجابية او علامات تفاؤل بإمكانها ان تحافظ على ( وحدة العراق) ، بل ان ( الجوقة الموسيقية) الحاكمة في العراق، وبخاصة تلك التي تدعي ( الأغلبية ) هي من تعرض وحدة العراق الى مخاطر جمة ، وهي نفسها التي تريد تسليم رقاب العراقيين للآخرين تحت دعاوى ( الأغلبية ) ، والا فما معنى ان يكون بعض العراقيين ( أقلية ) وآخرين ( أغلبية ) وهم الذين كانوا بودقة واحدة تنصهر في التكوين العراقي الجمعي ليتشكل منها العراق الواحد الموحد، بل ان أصل نشأة الدولة العراقية كانت من نفس الفصيلة التي أتهمت الان بأنها ( أقلية ) ولم تطلق على العراقيين يوما انهم أقلية او اغلبية ، بل ان الجميع عراقيون متساوون في الحقوق والواجبات، وهم من يدافعون عنه ويحمونه بأرواحهم ان تعرضت مصالحه للمخاطر والتهديدات من أية جهة كانت، إقليمية او دولية ، فكل من له اطماع في العراق لابتلاعه ، كائنا من يكون، حتى وان اقترب منا ( طائفيا ) أو ( مذهبيا ) فلن يكون لأحد مسعى ان يحافظ على وحدة العراق، بل يريد ان يسير بالعراقيين الى المجهول..
والفدرالية في المفهوم السياسي تعني ( نظام اتحادي ) يحفظ لاقاليم البلد او محافظاته وحدته من ان تتعرض للانقسام وليس كما يشاع كثيرا هذه الايام من ان الفدرالية تعني تقسيم العراق، بل اذا اردنا فعلا ان نحفظ للبلد بقية هيبته، فما علينا الا ان نسير في النظام الاتحادي الفدرالي، الذي لايفرط بوحدة البلد بل على العكس يزيدها تماسا ووحدة، ويحفظها من محاولات ( البعض ) للسير بها بإتجاه الانفصال..
لقد أثيرت في الاعلام العراقي وعلى نطاق واسع ، وبخاصة في اقبية قنوات السياسة ، منذ شهور مضت ( زوبعة ) أو لنقل ( عاصفة هوجاء ) تزامنت مع إشتداد أزمة غبار الصيف هذه الايام ومع حره اللاهب، لتزيد من ( سخونة ) الأجواء السياسية، وتزيدها فرقة وانقساما ، وبدلا من ان تكون ( الأجواء الملبدة بالغيوم ) وسيلة لتنظيف الاجواء من البيئة الملوثة، كما تحدث عند هطول الامطار شتاء او قبل نهايات الربيع ، واذا بها تشعل فتيل توتر سياسي كاد ان يعصف بالبلد، بالرغم من ان هناك ( ريحا طائفية ) تختفي وراء تلك الدعوات الداعية بأتجاه المحافظة على وحدة العراق..
أي أن هناك من يظهر خشيته على ان العراق يتجه نحو التقسيم، دون ان يدري ان الجهة السياسية التي ينضوي تحت لوائها والترديد الببغاوي لطروحاتها ، بل تمحيص او تدقيق في توجهات مضامينها وأهدافها ، هي من تسير بهذا البلد بإتجاهات ( التقسيم ) و (الشرذمة ) و( الانفلات ) ، وهي التي تدعي ليل نهار الحفاظ على وحدة العراق وتعزف على هذه ( السمفونية ) ، من خلال ( إشاعة النمط المذهبي ) المعين المراد فرضه تحت مبررات سياسية لايتم الاعلان حقيقة عن نواياها، لكن ما إن تتمعن في ( خفايا ) تلك الدعوات التي تتسارع لاثارة تلك الزوابع حتى تجد انك امام دعوات من نوع مريب وغريب، وتشعر في قرارة نفسك ان تلك الاصوات التي تدعي الحفاظ على وحدة العراق هي نفسها التي أشاعت الاجواء الطائفية والمذهبية الانقسامية ، وهي التي كانت تتغنى بها ليل نهار، وما ان وجدت ان من مصلحتها الحفاظ على انتشارها بعد تغييرات ديموغرافية انتشرت في العراق حتى شعرت ان السيطرة على ( الكل العراقي )  هو من خلال إشاعة فرض نمط التوجه المذهبي، تحت دعاوى الحفاظ على وحدة العراق، لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما، بل التهيئة لعمل سياسي خطير أكبر من كل ما نتصوره من مخاطر وتوجهات هي أبعد عن مصلحة العراق بكل تأكيد، بل تحمل توجهات اقليمية لإلحاق العراق بدول جوار، تسعى الى ابتلاع هذا البلد وضياع دم أبنائه بين القبائل..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب