كان يعلم تمامآ ان ( الفتوى ) التي سوف يطلقها ستكون لها آذانآ صاغية و عقول مؤيدة و كان يعلم رجل الدين هذا جيدآ ان ( فتواه ) تلك اطلقها في بلد دستوره مدني و علماني الى حد كبير لكن لا احد يأخذ بالدستور و القوانين طالما ظلت تلك الميليشيات الدينية هي من يحكم بقوانينها و دساتيرها لذلك فهو كان متأكدآ من ان ( فتواه ) سوف تجد صدى لها و ترحيبآ و فعلآ كان ذلك حين اعلنت العديد من الميليشيات الدينية تأييدها و التزامها بتلك ( الفتوى ) و اخذت تطلق التهديدات في ضرورة مهاجمة القوات الأمريكية المتواجدة على الأراضي العراقية و ايضآ مهاجمة سفارة الولايات المتحدة و قنصلياتها العاملة في البلاد .
من اعطى الحق لرجل الدين الأجنبي هذا في اطلاق ( فتواه ) المحرضة على الحرب و القتال ضد دولة لها تواجد عسكري و مدني وفق اتفاقيات مع الحكومة العراقية و التي هي صاحبة الشأن الأول و الأخير في الرفض او القبول بتواجد تلك القوات من عدمه و ليس له الصلاحية في ان يقبل او يرفض رجل الدين هذا وجود هذه السفارة الأجنبية او تلك و اذا كان و لابد فهناك في ( طهران ) حيث عاصمة بلاده العديد من السفارات و التي هي على شاكلة السفارة الأمريكية من حيث ( الشيطنة ) فهناك السفارة البريطانية و كذلك الفرنسية و الروسية و غيرها و كل هذه الدول لها اطماع استعمارية قديمآ و حديثآ و التي هي ليست اقل شرآ من تلك الأمريكية في ( بغداد ) و عليه كان الأجدى به اطلاق صيحته تلك في حث مواطنيه على مهاجمة تلك السفارات .
لو فرضنا جدلآ ان العراقيين قد استمعوا الى تلك الفتوى و نفذوا ما جاء فيها و قاموا بمهاجمة القوات الأمريكية و السفارة الأمريكية و القنصليات المتواجدة في العراق سوف يكون الأمريكان امام خيارين لا ثالث لهما الأول يتمثل في اغلاق السفارة و القنصليات الأمريكية و كذلك سحب القوات العسكرية من العراق و المغادرة و الرحيل و بالتالي سيكون العراق قد فتحت ابوابه على وسعها في استقبال النفوذ الأيراني السياسي و العسكري و عندها ستكون هناك هيمنة ايرانية و بشكل كامل و علني على المشهد السياسي العراقي و حينها سوف يتكون حلف عدائي لأمريكا و اسرائيل و دول الخليج و يتشكل من ثلاث دول قوية و متجاورة هي ايران و العراق و سوريا و هذا الحل لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية و بأي شكل من الأشكال القبول به .
اما الخيار الثاني و هو على الأرجح ما سوف يؤخذ به و هو المواجهة المسلحة بين القوات العراقية و القوات الأمريكية و التي سوف لن تتنازل عن العراق بتلك السهولة التي قد يظنها البعض اعتمادآ على تجارب شعوب اخرى في مقاتلة الجيش الأمريكي و الأنتصار عليه في فيتنام و كوبا و غيرها من الشعوب غير آبهين و لا مهتمين بالأختلافات الزمانية و المكانية و مزاج الشعوب المختلف و المتغير و بالنظر الى التفوق العسكري الأمريكي و بشكل ساحق على القدرات العسكرية العراقية فأن الهزيمة سوف تلحق بالقوات العراقية و سوف تعيد امريكا احتلال العراق من جديد وتبدأ فصول من التدخلات الخارجية بحجة مقاومة الأحتلال و تبدأ مرحلة من الحرب و الدمار و الخراب .
عندما يكون هناك خطاب تحريضي يحث على العنف و القتال و أراقة الدماء ويمس أمن الدولة و يعرض مواطنيها للخطر الذي هو في حماية الأجهزة الحكومية فعلى الدولة و اجهزتها الأمنية ملاحقة ذلك الشخص كائنآ من كان و القاء القبض عليه و احالته الى المحاكم المختصة و التهم التي سوف تكون بأنتظاره كثيرة و عديدة و هذا ما ينطبق على رجل الدين الأيراني الذي اصدر ( فتوى ) تحرض أهل العراق فقط على مهاجمة القوات و السفارة الأمريكية في العراق و اعتباره شخصآ يثير الفتن و يدعو الى العنف و القتال و على الأجهزة الأمنية القبض عليه فور تواجده على الأراضي العراقية و تقديمه الى المحاكمة بتلك التهم التي ذكرناها سابقآ و انزال العقاب الصارم به و ان لا يكون للقب الدني الذي يحمله أي شفاعة او استرحام بل على العكس ان يكون العقاب صارمآ فالأجدى بهؤلاء الذين يحملون هكذا القاب و مسميات دينية رفيعة ان يدعوا الى التسامح و السلام لا ان يكونوا من مثيري الفتن و القلاقل و المشاكل كحال صاحبنا هذا صاحب تلك ( الفتوى ) .