قد تبدو ظاهرة التكفير والفتاوى التكفيرية والتضليلية من الظواهر الخطيرة، التي لازمت الإسلام للأسف الشديد، وغالباً ما كانت مصحوبة بالعنف وبالقتل وبالخروج على النطاق الشرعي الديني، وقد استغلت الانظمة السياسية الحاكمة المؤسسة الدينية، في تثبيت شرعية الحكم استنادا الى سيطرتها على تلك المؤسسة الدينية بالقوة ،اوعن طريق وسائل الترهيب والاغراء لافرادها ،وحصولهم على المكانة الرفيعة والامتيازات الدنيوية الاخرى، مقابل استغلال نفوذها الديني على المجتمع ،واجبار تلك المؤسسات على اصدار الفتاوى التي تنسجم مع وجودية تلك الانظمة الحاكمة واستمرارها كسلالة او افراد او احزاب في السلطة. ولو تمعنا جيدا وفي نظرة سريعة للتاريخ الاسلامي وعصوره فسنجد ان اغلب الحكام والسلاطين المسلمين في الدولة الاموية والعباسية وحتى الدولة العثمانية ،استخدموا رجال دين لا تتوفر فيهم شروط ومواصفات القيادة الدينية لامامة المسلمين واطلقوا عليهم ائمة ودعاة المسلمين وكانوا اغلب اولئك الدعاة والائمة والقضاة، يسيرون بمنهج واهواء الحاكم والذي اطلقوا عليه اسم الحاكم الشرعي او ولي امر المسلمين “والخروج عليه كفر “مما اعطى الشرعية التامة لأولئك الحكام في سلطتهم ونفوذهم مهما ارتكبوا من مظالم ومفاسد في الدولة والمجتمع.
في زمننا المعاصر في القرن الذي انصرم عادت هذه الظاهرة لتطل برأسها جالبة الكثير من الشروخ على الفكر الإسلامي وكثير من الآلام للأمة الإسلامية، وما زلنا للأسف الشديد نعاني وندفع ثمن هذه الظاهرة، من النفاق الإسلامي والولاء للظالمين والخروج عن الشريعة الاسلامية عن طريق التضليل وخداع الشعوب على حساب حقوق الأمة وعلى حساب الحق والفضيلة والعدل والإصلاح. فالغاية ليست رضا الحاكم بل الغاية هي الوصول الى الغايات النبيلة في إقامة العدل بمفهومه الموضوعي والشمولي الذي يعتبر أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، فالعدل مأمور به شرعاً في تعامل الفرد مع الفرد أو الجماعة، وتعامل سلطة الحكم مع المحكومين. وهذا كله يحتاج إلى قواعد عامة ومجردة واجبة التطبيق يرضخ لها الكافة المسلمين حكاماً ومحكومين على اساس العدل والانصاف والحقوق والواجبات .
لقد تباينت الكثيرمن وجوه وافكار وليدة تلك المؤسسة الباطلة من افكار تكفيرية واعمال تخريبية فرقت صفوف الامة وشوهت مقاصد الشريعة ومفاهيم الدين الاسلامي ابتداء من علماء الضلالة والتكفير وانتهاء بمؤسس الحركة الوهابية في السعودية وتفرعاتها الفكرية من التنظيملت الارهابية التي عاثت على الأرض ظلما وفجورا وفسادا وساعدت الحكام الظالمين على تثبيت امبراطوراياتهم الطائفية
ويعود تحالف رجال الدين وارتباطات العائلة المالكة الى الحركة الوهابية وتأسيس الأسرة السعودية في القرن السابع عشر، ومنذ ذلك الحين حكمت العائلة بتوجيه من رجال الدين الذين منحوا حكم آل سعود الشرعية الدينية، واستمر التحالف من خلال “تأسيس المملكة السعودية في عام ١٩٣٢”، حيث تشكلت الدولة السعودية بصيغتها الإسلامية الصارمة.والمتشددة ودعمت العديد من الحركات التكفيرية وأصبحت مصدرة للإرهاب الدولي من خلال فتاوى دعاة الظلام والتكفير والتشدد الطائفي
باسم الاسلام وحماية المسلمين والدين الاسلامي فاصبح الشرق الاوسط مسرح للعمليات الارهابية وفنون القتل والتفجير ونحر الرؤوس وتقطيع الأجساد ومع وصول ولي العهد، محمد بن سلمان وطموحه الكبير في الاستحواذ على قمة السلطة مما يستوجب عمل الكثير في تصفية الخصوم وإزاحة المعارضين وكسر شوكة المنتقدين، أمراء ووزراء ورجال دين ومثقفين فاستلزم الأمرعلى تشكيل فريق سري بادارة كبار مستشاريه ورجاله المقربين ( منهم احمد العسيري -نائب رئيس الاستخبارات ،وثامر السبهان وسعود القحطاني -المسؤول عن جيوش الذباب الالكتروني )وآخرون…. ويضم الفريق ضباط على مختلف الاجهزة الامنية والاستخبارية والفنية ومتدربين على فنون القتل والاغتيالات الداخلية والخارجية وبصفة رسمية وشرعية حيث غالبا ما تكون هوية المقتول بفتوى شرعية من ائمة ودعاة الظلم والتكفير في المملكة .
لقد مرت الكثير من الأحداث التي تحولت فيها هذه الأجهزة التي تكتنفها السرية إلى أسلحة تخترق باستمرار حقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية؛ فكانت هذه الأجهزة في أحيان كثيرة مسرحا للكثير من الانتهاكات التي تبدأ من التعذيب بأساليب قاسية، إلى التسبب بعاهات جسدية وصدمات نفسية لا يمكن الشفاء منها، وأحيانا كانت تصل الأمور إلى القتل المتعمد. وبابشع الطرق الا اخلاقية والا انسانية يندى لها جبين الإنسانية وهذا ما اقترفته الأيادي الاثمة المتمثلة في جريمة العصر الحديث. والتي هزت ضمير العالم الانساني في ابشع عملية قتل وتقطيع بالمنشار اليدوي التي تعد وصمة عار في جبين المملكة السعودية ودعاتها من الهمجيين التكفييرين الذين يدعون تطبيق الإسلام ظلما وبهتانا. فمن المفارقات العجيبة يصدرون فتاوى بحرمة قتل اليهود القتلة ويصنفون حركة حماس بانها منظمة إرهابية !! فأي تواطؤ واي عمالة واي دور تخريبي يمارس هؤلاء الدعاة ضد الاسلام والمسلمين.
تدور اليوم سلسلة من المؤشرات حول توقع حدوث تغيير داخل منظومة الحكم بالمملكة العربية السعودية؛ نتيجة غليان المجتمع الدولي تجاه جريمة مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، فمن جهة أبقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الباب مفتوحاً في قضية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول، ملمحاً إلى وجود أدلة تدين شخصية كبيرة بالجريمة، اعتبرها “رأس الهرم” بالسلطة، ومن جهة أخرى طَرق باب “التحقيق الدولي”.
اما الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب،المتعاطف مع المملكة خشية خسارة مصالح امريكا كرر في أكثر من مناسبة فكرة ضلوع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في قتل خاشقجي واعوانه ، وذلك على الرغم من إعلان الرياض اعتقال١٨ شخصاً روجت لفكرة أنهم جميع المتورطين في العملية، كما أن الرواية التي نشرتها عن تفاصيل الجريمة لم تقنع المجتمع الدولي، وصدرت على أثرها العديد من المواقف المنددة والمطالبة بإجراء تحقيق ومقاطعة السعودية
فيما يتعرض ترامب لضغوط في ظل تزايد الدعوات في الأوساط السياسية الأمريكية لعزل محمد بن سلمان؛ لأنه “أصبح عبئاً على الإدارة الأمريكية”؛ ما دفع ترامب أمام هذه الضغوط لتشديد لهجته مع الرياض.ومقاطعة اغلب الدول والشخصيات الرفيعة مؤتمر الاستثمار الذي انعقد مؤخرا في الرياض برعاية ولي العهد منشار العصر.فيما بقيت لحد الان ملابسات كثيرة خافية حول الجريمة اهمها جثة المغدورالتي قطعت الى اوصال بواسطة منشار يدوي وتم اخراجها من القنصلية بواسطة حقائب سفر حسب التقاريرالامنية التركية الخاصة بالتحقيق فيما لا تزال السلطات التركية تكثف بحثها وتنقيبها حول المناطق التي يشتبه بها في إخفاء بقايا جثة خاشقجي.