كثيراً ما صّرح القرآن الكريم بمفهوم الفتنة وبين خطرها والحذر من الوقوع فيها وهناك أشارات عديدة ومعاني كثيرة وفي سياقات متعددة في آيات كثيرة لكن ما يهمنا في حديثنا هذا هو الحديث عن الفتنة التي تؤثر على القلب ؛ ما يصيب الفرد أو الجماعة من هلاك أو تراجع في المستوى الإيماني، أو زعزعة في الصف الإسلامي ؛ ولعل من أروع الصياغات والبلاغات اللغوية ماجاء في الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه واله وسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما ( قال: سمعتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ، وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ»، قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: «يَا أَبَا مَالِكٍ مَا «أَسْوَدُ مُرْبَادًّا»؟» قَالَ: «شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ». قَالَ: قُلْتُ: «فَمَا «الْكُوزُ مُجَخِّيًا»؟» قَالَ: «مَنْكُوسًا».
عندما تكثر الفتن وتتسع غايتها فعند ذلك يكون الانسان في أهلك حالاته وذلك أن الفتن ستكون فساد للقلوب وسبب الهلاك ولهذا فانها تعرض على القلب شيئاً فشيئاً “فتنة فتنة ” عودا” عوداً” فإذا قبل القلب الأولى تبعتها أختها؛ حتى يصير القلب أسودا مظلمًا كما جاء في الحديث الشريف ..
فالفتن والشهوات تنسلُّ إلى القلب متتابعةً واحدةً بعد الأخرى كما ينسج الحصير عودًا عودًا، فأمَّا قلب المؤمن العامر بحبِّ الله ورسوله فإنه كالصفا أي: كالحجر الأملس في صلابته وتماسُكه ونقاوته لايؤثر فيه شيء ، فلا تضرُّه فتنةٌ ولا تستهويه معصيةٌ ولا يرضى بديلًا عمَّا ظفر به من حلاوة الإيمان في قلبه.
وأمَّا غيره ممَّن لم يتمكَّن حبُّ الله ورسوله في قلوبهم فإنَّ سهام الفتن وشهواتِ الدنيا تؤثِّر تدريجيًّا في ذلك القلب وتشوِّه صفاءَه حتى يكون «مُرْبَادًّا» وهو بياضٌ يسيرٌ مع السواد، فإذا انساق العبد أكثرَ فأكثر وراء أهوائه اختفى أثرُ البياض الباقي واسودَّ القلب وأظلم. وبمعنى اخر ان القلب وعاء، لكن هذا الوعاء (( كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ))، مقلوب لا يمكن أن يأخذ شيئا، ضع الكأس على عكس وضعه، صب فيه الماء، وقعره نحو الأعلى، (( كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا )) أي منكوساً. لايبقى منه شيء
نعم فالميزان الذي يجب أن توزن به القلوب صلاحًا وفسادًا هو مدى معرفتها للمعروف، وإنكارها للمنكر؛ من أراد أن يعرف نسبة الصلاح في قلبه من نسبة الفساد فيه فلينظر إلى موقفه حينما يرى حرمةً لله تعالى انتهكت، أو فريضة عطلت وهكذا تعرض الفتن .ولعل من أهم المنجيات أن يفقه المرء دينه، وأن يميز حدود الشرع ـ دون التباس ..وللأسف كثيراً ماتقع المنكرات ويراها الكثير من الناس ولكن لاينكرونها !! ولهذا يسعى المغرضون لعرض الفتن بين الناس حتى تصبح مغشية لاترى شيئا من الحق فيختلط الخير بالشر والحق بالباطل فيمتزجان وبالتالي تتيه القلوب في عالم الفتن القاتل السافك للدماء وهذا مااشار اليه المرجع الصرخي في حديث الفتنة وأثرها على القلب في محاضرته الحادية عشر من بحثه تحليل موضوعي في العقائد والتأرخ الاسلامي وحسب ماجاء عن ابن اليمان حذيفة وللمتابعة اكثر تابعوا الفيديو
اللهم انا نعوذ بك من الفتن ماظهر منها ومابطن