22 ديسمبر، 2024 8:08 م

الفاسدون حاربوها وحاربوا عائلتها.. وبقيت عالية!

الفاسدون حاربوها وحاربوا عائلتها.. وبقيت عالية!

لم تنجح الكثير من البرلمانيات العراقيات في خلق قاعدة شعبية جماهيرية خلال فترة وجودهن كنائبات في البرلمان، والكلام يشمل اللواتي وصلن بأصوات الناخبين او بالكوتا النيابية، باستثناء القليلات جداً، وهؤلاء القليلات عبارة عن (طفرة وراثية) تتميز بالشجاعة والجرأة والثقافة العالية وصدق الانتماء للوطن بعيداً عن المسميات الطائفية والقومية الضيقة، ولكن البرلمانية التي تتوفر فيها هذه الخصال النبيلة من الطبيعي ان تتعرض للهجوم من قبل الفاسدين في هذا البلد المليء باللصوص وسراق المال العام والانتهازيين .

ومن بين هذا الصنف من البرلمانيات النائبة عالية نصيف، التي من خلال كل بياناتها ومؤتمراتها الصحفية ولقاءاتها التلفزيونية تتحدث بروح عراقية خالصة، ومن خلال عملها البرلماني خاضت حروباً ضد العديد من عمالقة الفساد ومن بينهم اسماء معروفة عربية وكردية سنية وشيعية، فهي طيلة ثلاث دورات برلمانية نجحت من خلال الاستجوابات والتحقيقات والبيانات الصحفية في فضح عمليات فساد تقدر بمليارات الدولارات، وتمكنت من إقالة وزراء ومسؤولين طغاة وأوقفت عجلة فسادهم وأحبطت مخططاتهم، والشيء الجميل انها عندما تهاجم وزيرا او مسؤولا فاسدا تواصل معركتها حتى النهاية، وكلما ضغطت عليها الأحزاب لإسكاتها ازدادت عنادا وإصرارا، بعكس الكثير من النواب الذين يطلقون اول بيان ضد المسؤول بهدف تهديده وابتزازه، وفجأة يلتزمون الصمت بعد ان تتم تسوية الامور خلف الكواليس !

والآن، لنأت الى الثمن الذي دفعته عالية نصيف بسبب اخلاصها لشعبها، فقد حوربت من قبل العديد من الجهات، وتم تسخير جيوش الكترونية ليس لتحطيمها فقط بل لتحطيم عائلتها وجعلها تنشغل بمصائبها وتتخلى عن محاربة الفساد، وبصراحة يندر ان نجد انسانا يتحمل جزءا مما تعرضت له هذه السيدة دون ان يرفع الراية البيضاء، فعندما يصل الأمر بأعدائك الى إيذاء عائلتك لابد ان تعيد التفكير في الحرب التي تخوضها .

لكن عالية بقيت عالية، ولم تستسلم، ولم تنهزم، فكم هي عجيبة هذه الأم العراقية الحديدية التي تذكرنا بأمهاتنا العراقيات في الأزمات والحروب والحصار، وما يتميزن به من قوة وشجاعة وصبر .

وربما الخطأ الوحيد الذي ارتكبته عالية هو رفضها تسلم اي منصب تنفيذي، لكن البعض يرى انها لم تخطئ في ذلك، فإذا افترضنا انها تسلمت وزارة مهمة ونجحت في تطهيرها من الفاسدين – في حال لم يقتلوها لاسمح الله – فكم من المال ستوفر للبلد؟ ربما سيكون اقل مما توفره في حال بقائها تمارس عملها كنائبة في لجنة النزاهة تحارب الفساد بالأدلة والوثائق وتكشف عن سرقات بمليارات الدولارات، اي ان بقاءها في البرلمان قد يكون اكثر منفعة للبلد، وفي كل الاحوال، نأمل ان تقتدي كل نائبة في البرلمان بعالية نصيف، وتتبع خطاها في مكافحة الفساد بلا خوف، فما المانع من ان يكون لدينا على الاقل عشرون نائبة مثل عالية نصيف ؟!
[email protected]