22 ديسمبر، 2024 2:55 م

الفاسدون الكبار مجرد جباة

الفاسدون الكبار مجرد جباة

مما لاشك فيه ان الامريكان والبريطانيين وسائر المستعمرين والمحتلين والمستكبرين ؛ اذا دخلوا بلاد افسدوها , وجعلوا أعزة اهلها أذلة ؛ فمنهم تبدأ السرقات والفساد والمؤامرات والازمات واليهم تنتهي , فما من جريمة في العراق الا و وراءها امريكي او بريطاني او عدو خارجي ؛ و من اوضح الواضحات ان قوى الاستعمار والاستكبار ليست معنية بالحرية او الديمقراطية او القيم الاخلاقية او الانسانية او محاربة الظلم والجور والدكتاتورية ؛ بقدر ما هي معنية بالنهب والسلب , وتحقيق المصالح الرأسمالية البشعة , والحصول على الثروات والخيرات والامتيازات والاستثمارات .

وقد امعن الاعداء المنكوسون في تشويه سمعة العراق والامة العراقية , واشتدوا في أذاها حتىوصل بهم الامر الى تسليط اعتى طغاة العالم واسفل مجرمي السجون واقسى جلادي الاجهزة القمعية على الشعب العراقي الاعزل ؛ بحيث قتلوا الشيوخ واستباحوا الحرمات واغتصبوا النساء وعذبوا الشباب وقتلوا الاطفال شر قتلة ودفنوا العوائل والرجال وهم احياء , ومن بقى منهم حيا ؛ ذاق الامرين , اذ عانى من الجوع والعوز والمرض والحرمان والسجن والاعتقال والمطاردة والجهل والتخلف والذل والعنف والقسوة … الخ ؛ ومن ابشع واقذر ما قامت به قوى الاستعمار والاستكبار والاحتلال والنفوذ , تسليط الامعات والعملاء والخونة والفاسدين والسراق والمرتشين والفاشلين وسقط المتاع وحثالة المجتمع على رقاب ابناء الامة والاغلبية العراقية ؛ قبل عام 2003 وبعده , و عملت فلول السفارات ومرتزقة المخابرات وشراذم العمالة والتبعية والخيانة بعد العام 2003 على بث الشائعات ونشر الدعايات واختلاق القصص والمسرحيات التي تهدف الى اتهام كافة ابناء الامة العراقية بالفساد , وتأكيدها من خلال الاعلان عن حالات الفساد التي يتم كشفها على مرأى ومسمع من الجميع في الداخل والخارج، علما ان اغلب ان لم نقل كل عناصر حالات الفساد الكبرى والمعلن عنها والمتهمين بالسرقات وصفقات الفساد هم من عملاء الخارج ومن المرتبطين بالجهات الدولية والاستكبارية والخارجية المعادية والمشبوهة ؛ والهدف من ذلك كله , الايحاء للشعب بان الجميع فاسدون والكل مرتشون , كي يفقد المواطنون ثقتهم بأنفسهم وبوطنهم الام , ولا يلتفوا حول الحكومات الوطنية والمحلية , فضلا عن الاساءة للعراق وتشويه سمعة الامة والاغلبية العراقية .

ونتيجة للمقدمات المنكوسة السابقة ؛ اصبحت كلمة  الفساد اكثر انتشارا في حياتنا اليومية من  تحية ( السلام عليكم ) ؛ وتستخدم في الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي بسبب ومن دون سبب , اذ انتشرت هذه الكلمة عبر منصات و فضاءات “السوشيال ميديا” من قبل اشخاص تنوعت اهدافهم وغاياتهم، فمنهم من يتحجج بخوفه وغيرته على الوطن وحمايته من الفاسدين ومنهم من ينقل لمجرد انه سمع  – من باب قال الراوي – من دون تثبت وتأكد من صحة الخبر , ومنهم من يريد تشويه صورة أي إنجاز حكومي أو فكرة  وطنية أو مخطط مستقبلي زاهر , ومنهم من يريد أن يحقق مكاسب شخصية او حزبية من خلال استرضائه وهم الاكثر والغالبية ، ومنهم من يريد تأجيج الرأي العام لخلق الفوضى واحداث الضرر في الوطن ونزع عباءة الاستقرار السياسي والاقتصادي عنه ، لذلك يجب على عموم المواطنين وكافة العراقيين  أن يتبينوا وان يفرقوا ما بين الفساد المعلوم والمؤكد وما بين الفساد الذي يراد فيه تشويه صورة الوطن واستخدامه لتصفية الحسابات  بين الخصوم .

وقد اصبح الحديث عن الفساد حديث الساعة , فلا حديث متداول غيره , بل اضحى هواية عند البعض , و وسيلة للارتزاق لدى البعض الاخر , فيتحدثون بالعموم عنه دونما ان يخصوا اي قضية او الاعلان عن الفاسد فيها  , وترك ما يطرحون للاجتهاد والكذب والتأليف الذي اصبح البعض منهم يتفوق فيه ؛ على كتاب «السيناريست» في الافلام الهندية (1) ، وهذا لا يعني ان العراق خالي من الفساد او ان صفقات وشبهات الفساد فيه قليلة ومحصورة , بقدر ما نحاول هنا اثبات عمل دوائر الاستكبار والاستعمار والمخابرات والسفارات المشبوهة  على تعميم هذه الظاهرة وجعلها ثقافة شعبية مستساغة والايحاء للعالم اجمع بان العراقيين فاسدون عن بكرة ابيهم ؛ والهدف من ذلك التغطية على الفساد الاكبر والسرقات الكبرى المتمثلة بقوى الاحتلال والاستكبار والاستعمار والنفوذ الدولي والاقليمي ولإبعاد المستثمرين الاجانب والدول المانحة والمانحين عن العراق .

و لا يمكن للمسؤولين الفاسدين العمل إلا تحت عباءة الاستعمار والاحتلال والاستكبار والقوى الدولية والاقليمية , ولا يسقط في شباك القانون الا المسؤول الفاسد الذي لم يرتبط بجهة خارجية تحميه او الذي انتهى دوره , فالحكام الخونة والمسؤولين الفاسدين بنظر المستكبرين والمحتلين والاعداء المنكوسين كالحفاظات التي يجب تبديلها بين الآونة والاخرى عندما تمتلئ بالفضلات وتزكم رائحتها الانوف .

نعم ارادت قوى الظلام ان تجعل من العراق ساحة للفساد والنهب والسلب وتصفية الحسابات الدولية والاقليمية , وقد قدمت لهذا المخطط الخبيث ( الفوضى الخلاقة ) عقود طويلة من الارهاب الطائفي والاجرام البعثي والتي تعتبر توطئة ومقدمة لما الت اليه الامور حاليا ؛ فلولا العذاب الصدامي والارهاب الطائفي والاجرام البعثي لما قبل العراقيون الاصلاء بهذه القسمة الضيزى والمعادلة السياسية المنكوسة ؛ والتي جعلت من الفساد أمرا مستساغا بل عربد الفساد والفاسدون في العراق بلا خوف من قانون او وجل من عقاب , وبلا ضابط او رادع , وانهارت هيبة الدولة والمنظومة القانونية والدينية والاخلاقية , اذ توالت الضربات عليها , ودخل الفساد الى كافة المجالات والاصعدة والميادين , و ولج البيوت من دون استئذان , ولم يسلم منه أحد , وبات نمو الفساد في  العراق وبرعاية القوى الدولية والاقليمية أمرًا طبيعيًا، وانتشاره أصبح بلا عائق في الفكر والتطبيق والأسلوب والتصرفات ، بل راح البعض ينظر للفساد ويدافع عن الفاسدين بحجة ان الفساد اهون من القتل وازهاق الارواح وقطع الرقاب , وقد تلبس المقاول والمتعهد والمهندس والمشرف والمراقب والمشرع والعامل والشرطي والموظف والمعلم ورجل الدين بالفساد ، فقد تعاظم الفساد وصار كالحرباء يتلون باسم الدين تارة، او باسم الشعب , او بذريعة المصلحة العليا للوطن تارة أخرى، وبسياسات أسوأها تلك التي تطلق موجات مذهبية وطائفية ركبها سياسيون وانتهازيون ومنافقون لتحقيق مآرب رخيصة، مصحوبة بلعبة الأقطاب و( المحاسيب ) والأتباع (2) ، وطالما اختبئ البعض تحت عباءة الدين , اذ اضفوا القداسة على بعض الشخصيات والعوائل الدينية ؛ مما جعلها محصنة من المساءلة والمحاسبة ، يفعلون ما يعن لهم دون رقيب او حسيب … ؛ وعملت القوى الخارجية المنكوسة على جعل الفساد حالة طبيعية ؛ لذلك ارتضى البعض التعايش مع الفساد ومع الفضائح ومع اللصوص الرسميين من سياسيين وبرلمانيين وموظفين ومسؤولين ؛ وقد ارادت تلك القوى الدولية المشبوهة تقزيم العراق واختزاله في شخصيات وعوائل واحزاب لا تفكر الا في مصالحها المادية وارتباطاتها الخارجية ؛ ونكرر القول : لولا التدخلات الاجنبية والاملاءات والضغوط الخارجية ؛ لما انتشرت افة الفساد بهذا الشكل الهستيري , فقد لعبت تلك القوى الدولية دورًا مشهودًا في تغذية الفساد  وتنميته وأفرزت واقعًا يزخر بالبرلمانيين والسياسيين والمسؤولين الذين فسدوا وأفسدوا … ؛ وعندما تشجع تلك القوى الدولية  المنكوسة على الفساد , فإنما هي تعرف تمام المعرفة ؛ أن الفساد حين يضرب في أوصال أي بلد، لا عجب إذن أن يمضي نحو ضعف متزايد، ويصبح من السهل النيل منه واستغلاله والتعدي على اراضيه ؛ وعليه لا تستغرب من قطع بعض دول الجوار ماء الروافد والانهار عنا ومع ذلك نستورد منها بضائع وخدمات بمبالغ طائلة جدا , او عندما تتمدد الكويت نحو المياه والاراضي العراقية ولا نحرك ساكنا ؛ او عندما تتحكم امريكا وبريطانيا بمقدرات الوطن او عندما تفرض علينا دفع مساعدات ومنح للأردن ومصر وغيرهما وكأن الامر لا يعنينا ؛ وذلك لوجود بيادق الشطرنج المرتزقة والعملاء الخونة في العملية السياسية ؛ فهؤلاء مأمورون بتنفيذ تلك الادوار المنكوسة , فما من مليار يسرقوه او عقد استثماري يجروه او تنازل سياسي يقدمون عليه ؛ الا يصب في مصالح القوى الدولية والجهات الخارجية التي جندتهم ودربتهم وساندتهم , وحصتهم من هذه الخيانة الفتات وفضلات الموائد .

وعليه لا تتعجب من ان الفاسدين ورغم فضائحهم والشبهات التي تحول حولهم ؛ يسرحون ويمرحون , او عندما تسمع  باستقدام النزاهة العراقية للمتهمين بالفساد من دون نتائج أو عقوبات وإنما  مجرد إجراءات شكلية، لذر الرماد في العيون وللضحك على الذقون , والتي  تعطي انطباعاً بأن مكافحة الفساد في العراق مجرد شعارات لا تترجم إلى واقع ملموس … , بل أصبحت التبعية والعمالة والفساد ميزة الوصوليين، بل هو شرط أساس للترقية والترفيع ، اذ لا يمكنك  ان تحصل على حقك واستحقاقك وسط هذه الاجواء الموبوءة من دون المرور بدائرة التملق والتبعية والحزبية والفساد , بل وصل الامر بأصحاب الاجندات المنكوسة والولاءات الخارجية والارتباطات الاجنبية المشبوهة بمحاربة واستبعاد وتهميش الأشخاص الأكفاء والنزيهين والوطنيين والمستقلين والمحترمين … ؛ والسبب معروف , فالمحتل والمتنفذ والمستكبر الخارجي لا يريد ذلك , وعندما يقررون  تبديل الحفاظات وتغيير القناعات والشخصيات , يقومون بدور المحرر والمخلص , ويظهرون بمظهر البطل الذي يخلص العراق والعراقيين من الفساد والفاسدين كما فعلوها سابقا مع عميلهم المدلل صدام ونظامه الاجرامي الذي وصل الى سدة الحكم بقطار امريكي …!!

…………………………………………………………….

1-    هذا هو «الفساد الأكبر» فتجنبوه / علاء القرالة / بتصرف .

2-    الفاسدون على أشكالهم يقعون..!! / خليل يوسف / بتصرف .