5 نوفمبر، 2024 1:48 م
Search
Close this search box.

الـ علة في رأسي من هول تكالب – الأعدقاء – على الكرسي!

الـ علة في رأسي من هول تكالب – الأعدقاء – على الكرسي!

” عدنان القيسي يكول فلن شعرجن،ظفرنه ذيل حصان وآني بطلجن”و “العلة علة في رأسي من عكسية عدنان القيسي” ليحرفها بعضهم فتصبح “العلة علة في كرشي من أكل الكبة والطرشي” إنها جانب من الأهازيج الشعبية التي شاعت بين العراقيين يوم كان الإلهاء بالترفيه والتسخيف من جهة، وبالتهويل والتخويف من جهة أخرى على أشده فبالتزامن مع أكذوبة القاتل المتسلسل”أبو طبر”واسمه حاتم كاظم هضم، بعد أن عاد الى العراق قادما من أوروبا، ظهر لنا المصارع عدنان القيسي،العائد من اميركا يومئذ ، وفيما ارتكب الأول عدة جرائم قتل وسرقة قبل إلقاء القبض عليه في آذار عام 1974ومن ثم اعدامه عام 1976،طالت بعضها معارضين سياسيين عراقيين في الداخل، نجح الثاني ومن دون علمه في الهاء الجماهير وصرف أنظارهم بنزالاته التي يحضرها الآف مؤلفة فضلا على كبار المسؤولين عن قضايا شائكة ومهمة ومعقدة تحيق بهم من كل حدب وصوب آنذاك وقد نجحت الظاهرتان غير المسبوقتين عراقيا في اخلاء الشوارع العراقية وبما يشبه حظر التجوال، الأولى نهارا لمتابعة نزالات القيسي، والثانية ليلا خوفا من أبو طبر وبما سمح للسلطات وأجهزتها الأمنية القمعية يومذاك بتصفية حساباتها مع الأحزاب المعارضة والمناوئة على حين غفلة من الجماهير المخدرة والخائفة من القتل والسرقة ليلا، المستمتعة بالتسلية والترفيه نهارا وهكذا هو حال معظم شعوب الكوكب الأزرق ولسنا استثناء من تلكم القاعدة ، فهذا هو عين ما اقترحه ميكافيلي من وسائل وإن كانت غير نبيلة لتحقيق الغايات المرجوة في كتابه ذائع الصيت (الأمير) ويقول فيه “من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك فالناس أسرع إساءة إلى من يحبّون منهم إساءة إلى من يرهبون!” وفي ذلك قال الكواكبي في كتابه الاشهر”طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد” ما نصه ” أضر شيء على الإنسان هو الجهل، وأضر آثار الجهل هوالخوف” فكلما كثرت الحفلات والمناسبات الترفيهية والابتهاجية فاعلم يا رعاك الله بأن هناك تجهيلا متعمدا،وتخويفا مبرمجا يقبع كما الأشرار خلف النور ليستتر بظلاله والهدف غير المعلن هو اصطياد الفراشات المسكينة التي تدور حول النور مستمتعة بالدفء والترفيه مؤقتا قبل أن تحترق بناره أو ليصطادها من يقبع خلفه تباعا بلسانه !
قبل أيام وتحديدا في السادس من أيلول 2024 مرت علينا الذكرى السنوية الأولى لوفاة أيقونة المصارعة الحرة الترفيهية غير المقيدة عدنان القيسي،مرور الكرام،فهذا المصارع الذي ذاع صيته وكان ملء السمع والبصر في حقبة السبعينات من القرن الماضي ، والذي توفي في بغداد بعد عارض صحي ألم به العام الماضي 2023 قد أطلق عليه اتحاد الـ WWE للمصارعة الحرة غير المقيدة لقب” بيلي وايت وولف” فيما كان يسمي نفسه بالجنرال عدنان عندما يرتدي الملابس العسكرية المزدانة بالنياشين، والشيخ عدنان عندما يلبس الغترة البيضاء والعقال العربي، لقد شغل هذا المصارع العراقيين لعقد كامل من الزمن بداية السبعينات ولا سيما بعد تغلبه – وبحسب الاتفاق الترفيهي المسبق- على ثمانية مصارعين عالميين على حلبة المصارعة في بغداد آنذاك بين عامي 1969 – 1975 أمثال المصارع الامريكي كريانكو ، وجون فريري الفرنسي ، وجون ليز ، وإيان كامبل ، وكومالي وغيرهم اضافةالى المصارع الامريكي داني لانش ، على حلبة ملعب نادي التضامن في الكويت ، وسبق للقيسي أن قال في حوار أجري معه عام 2009 ” أتذكر أن السفير البريطاني في بغداد قال لي إن شهرتك عالمية والحزب الحاكم قد استفاد منك في أشياء كثيرة” مضيفا” لقد سمعت من بعض الأقارب المقربين من أجهزة النظام الحاكم تحذيرا من مغبة البقاء في العراق بعدما سمعوا في أحد الاجتماعات من يقول – لقد استفدنا من عدنان القيسي ويجب أن نتخلص منه – “على حد وصفه .
ولا ريب أن العراق اليوم يعيش حالة مشابهة من الالهاء والتخويف في آن واحد ، إلهاء بالفاشينستات والتيك توك والانستغرام والمحتوى الهابط والمسابقات الالكترونية منها والتلفزيونية كذلك الترفيه المتواصل وبرامج التوك شو التي يتحدث خلالها مقدمو البرامج أكثر من ضيوفهم بأضعاف مضاعفة اضافة الى الالهاء المتتالي بأكذوبة التغيير القادم من المريخ و كوكب اكس أو من اللامكان لازالة الطبقة السياسية الحالية وازاحتها على يد طبقة أخرى – مجهولة الهوية – ستعمل على توفير الخبز وإشاعة الحرية والعدالة الاجتماعية – بالمشمش – ويعلم الجميع وبصرف النظر عن حبهم أو بغضهم بأن هناك أربع شخصيات مغتربة تقود حملة الالهاء الاصلاحي المزعوم ، والتخدير التغييري المفترض طيلة الاربعة أعوام الماضية ومن بريطانيا وأمريكا تحديدا والكل يعرفهم ولا داعي لذكرهم ، يقابل ذلك كله تخويف من كل شيء وتهويل لكل شيء، حيث التخويف المتواصل من قطع الرواتب ، من عودة ترامب ، من انخفاض أسعار النفط ، من حرب أهلية ، من تراجع قيمة الدينار مقابل ارتفاع الدولار ، من زيادة الأسعار، من انتشار جدري القردة والحمى النزفية وأنفلونزا الطيور وعودة كورونا ، ومن ومن ومن ، كل ذلك يأتي بالتوازي مع سيل جارف من الفضائح السياسية والأخلاقية المدوية، وبعد كم لا يحصى من الاتهامات المتبادلة والمحبطة في غضون الأسابيع القليلة الماضية بين أركان ورموز العملية السياسية الأغرب في التاريخ البشري(فهي توافقية أمام أنظار الجماهير فقط عند توزيع المقاعد والمناصب أول الأمر ) وتحت شعار “ماكو فرق كلنا خوان،عرب وكرد وتركمان” وسط بحار من الدموع الحرى وعواصف رعدية من التصفيق والزغاريد والعواطف الجياشة وهم يحملون الأعلام العراقية ويرتدون الأزياء الفلكلورية ، ويرددون الهتافات الوطنية ظنا منهم بأن اتفاقات وتحالفات القوم في السر هي ذاتها أمام الجماهير ووسائل الإعلام في العلن !” إلا أنها عملية تناحرية في واقع الحال الى حد الإقصاء والتهميش والتخوين وتكسير العظام عندالمغانم والمكاسب بعيدا عن أنظار الناخب العراقي وقد قصرت مهمته الوحيدة في خضم التجربة الديمقراطية الهجينة بصيغتها العراقية التي تختلف واقعيا وإن كانت تتشابه ظاهريا عن كل ديمقراطيات العالم بأسره ، هي أن يدلي بصوته وأن يصبغ سبابته بالحبر الازرق وينتخب ومن ثم عليه أن يبكي ويولول وينتحب ويتظاهر ويعتصم طيلة أربع سنين عجاف لاحقة لن يحصل خلالها على أي من الوعود الانتخابية التي ضُحك بهاعلى ذقنه خلال الحملات الانتخابية الفضفاضة ليتلقى بعدها الكوارث والمصائب ولا حل على ما يبدو من وجهة نظر المراقبين سوى باعتماد النظام الرئاسي بدلا من البرلماني عملا بقاعدة ” أخف الضررين”) بدا للعراقيين جليا على اختلاف طوائفهم ومكوناتهم بأن غول الفساد قد خرج عن نطاق السيطرة وتحول بالفعل الى قاطرة حديدية جامحة تسير بأقصى سرعتها من دون هدى ولا سائق ولا ضوابط ولا مكابح لتسحق كل الرؤوس الفاسدة بعد فضحها لبعضها تباعا على رؤوس الأشهاد فيما اختلف الناشطون والمراقبون فيما بينهم بشأن تعليل الأسباب الكامنة وراء ذلكم الفضح المتتالي العلني وهل يقف وراءه ابتزاز وتصفية حسابات شخصية أو تسقيط سياسي تمهيدا للدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة أو الى نظام رئاسي بدلا من النظام البرلماني الحالي ، أم أن هناك توجيهات فعلية وتحريضات جدية من خلف الكواليس بدأت تتوالى على البيادق المحلية ،أم أنها صحوة ضمير مفاجئة بعد طول سبات ورقدة لضمائر بعض البيادق بعدما ضاق عليها الخناق وشعورها بأنها قد أصبحت خارج اللعبة وبعيدا عن مضمار السباق وخارج حدود المنظومة والنطاق ؟
إذ لا يكاد العراقيون يغفون على خبر فضيحة فساد مروعة إلا ويصحون على أخرى أشد منها فظاعة فمن ما يسمى بـ ” سرقة القرن” مع أنها وبرغم ضخامتها تعد من أقل السرقات فداحة في بلاد ما بين النهرين إذا ما قورنت بما سبقها وزامنها وتلاها من سرقات مخيفة يشيب لهولها الولدان، الى فضيحة التنصت والابتزاز والتجسس على كبار السياسيين والنواب، الى فضيحة بيع السكك الحديد العراقية بالكامل مقابل 18 مليار دولار ، الى فضيحة توزيع الاراضي بين كبارالمسؤولين لشراء الذمم والولاءات، الى فضيحة سرقة العائدات الجمركية، الى فضيحة الاستيلاء على مئات الدونمات والممتلكات والعقارات التابعة للدولة وتحويلها بهويات مزورة وبأسماء وهمية لحساب فاسدين ومفسدين في الأرض ،الى الاعتداء السافر على خريجي المهن الطبية بعد مطالبتهم بالتعيين ، الى مآسي المستشفيات الحكومية والخطوط الجوية والدكات العشائرية وذلك في دوامة قمئة لا متناهية ، ومتاهة منتنة لا مخرج منها وعلى ما يبدو إلا بتغيير جل الوجوه ولاسيما من مزدوجي الولاءوالتبعية والجنسية ولاسيما بعد وصول الصراع الى مديات خطيرة للغاية لم يعد غض الطرف إزاءها والسكوت عنها مجديا ولا مبررا ولجميع الأطراف بالمرة!
وبرغم ما تقدم كله ، وبرغم التحذيرات المتتالية من اعادة تدوير وتجربة المجرب لأن المُجرب لايُجرب ، فإن ذات الوجوه والاحزاب سترشح ممثلين عنها وستفوز وتتحالف مجددا بأصوات الناخبين في الانتخابات النيابية المقبلة بناء على العصبيات والطائفيات والعشائريات والمناطقيات والقوميات الضامنة للفوز في كل دورة ولعقود مقبلة ” لأن العلة علة في نفسي وفي رأسي من حجم التضليل والتهويل والترفيه الطامح بالكرسي ” ما يؤشر الى أن الخلل الاكبر وبيت الداء إنما يكمن في الجماهير ذاتها أكثر منه في الطبقة السياسية إياها وهنا تسكب العبرات وتنفث الزفرات لتكتفي الجماهير طيلة الاربع سنين المقبلة بالسخرية والتنكيت والشكوى والبكاء والترفيه كما هو حالنا على مدار 21 عاما ولا جديد تحت شمسك ياعراق !
ولكي أقرب الصورة الى أذهان القراء أكثر أقول في أوروبا على سبيل المثال لو لم يكن تعري النساء عرفا مستساغا لما ظهر لنا ما يعرف بـ”التعري النضالي”وأشهر منظماته “منظمة عاريات الصدور” ، أما في أمريكا فلو لم يكن الاقتصاد والمال والشهرة هي الحاكمة والمتحكمة الفعلية في عقول ونفوس سائر شرائح المجتمع الأمريكي هناك على حساب بقية المعايير الاخلاقية والمجتمعية والدينية الأخرى ، لما ترشح دونالد ترامب ،عن الحزب الجمهوري وهو متهم بـ 37 تهمة جنائية تلاحقه في المحاكم الامريكية ، ولما فاز المشاهير ورجال الأعمال والساسة البارزون في الانتخابات الدورية كل أربع سنوات، والتي لم يفز فيها تكنوقراط نخبوي أو ثوري شعبوي واحد قط على مدار التاريخ !
ولو لم يكن الشذوذ الجنسي متقبلا في المجتمعات الغربية لما حظيت لوسي كاستيتس، المرشحة الفرنسية الأبرز لمنصب رئاسة الوزراء في فرنسا لعام 2024 ، وهي امرأة شاذة متزوجة من امرأة أخرى وفقا لتصريحها الشخصية لـ صحيفة “باري ماتش” الفرنسية،أقول لما حظيت بالمقبولية المشفوعة بالحث على انتخابها وترشيحها فضلا على التصويت لها ” فكيفما تكونوا يولى عليكم” !
لتسير فرنسا بذلك على خطى أيسلندا التي سبق لها وأن عينت وزيرة الشؤون الاجتماعية والأمن الاجتماعي السابقة يوهانا سيغورذاردوتير، رئيسة لوزرائها بين عامي 2009 و 2013 وكانت مثلية تزوجت أثناء فترة رئاستها للوزراء من الروائية والكاتبة المسرحية الايسلندية يونينا ليوسدوتير، وعلى خطاهن سبق لرئيسة وزراء مقاطعة أونتاريو الكندية ، وزعيمة حزب أونتاريو الليبرالي كاثلين أوداي وين ، بين عامي 2013 و2018 وهي متزوجة من صديقتها جين رونثويت،لتكون فترتها أسوأ فترة رئاسية في تاريخ كندا برمته ولا سيما بعد فرضها لبرنامج التربية المثلية والتحول الجنسي ضمن المناهج المدرسية اضافة الىتورطها بفضائح سياسية ومالية لا تحصى اضطرت من جرائها الى الاستقالة فيما مُنيَ حزبها بخسائر جسيمة ، وما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة من هذا النوع العاهر ،ومن ذلكم الطراز الداعر قط !!
وبالقياس على ما تقدم فإن الجماهير هي التي تسهم في صعود ذات الوجوه دوريا وببقائها في السلطة وسدة الحكم ، وما أروع ما قاله جيفارا ” على السياسي أن يزاول الحياة العامة خلال دورة واحدة أو دورتين،ويعود بعد ذلك إلى عمله الخاص ليخضع للقوانين التي سنها هو”وأضيف” ليكتوي بنارها على المستوى الشخصي “إلا أن الملاحظ هو أن السياسي وبعد خروجه من المنصب فإنه ينسب كل الدمار والخراب الى – أعدقائه- في الأحزاب الأخرى ، والى شركائه في العملية السياسية ليتحول الى ” مناضل تلفزيوني ” يبث نضالاته من بريطانيا أو الولايات المتحدة ، تماما كما يفعل ” أيهم السامرائي “حاليا وقد كان وزيرا سابقا وسيئا للكهرباء ليظهر لنا وهو ينظر متوعدا بالتغيير والاصلاح العاجل غير الآجل وقس على ذلك ما شئت من أمثلة مثيرة للاشمئزاز لا حصر لها فيما يراهن الكل على الذاكرة السمكية الضعيفة للجماهير، وعلى الفتن المتتالية التي يُنسي بعضها ومن شدة هولها و جسامتها بعضا !
وبالتالي فإن تغييرا جذريا واصلاحا جادا لم و لن يلوح بالافق القريب ما لم يتم تثقيف واصلاح عقلية الناخبين قبلا ،وضبط أهواء الجماهير أولا قبل أحزابهم وسياسييهم وكتلهم ..نقطة راس سطر .
وقد صدق المفكر والمؤرخ والإعلامي والسياسي الأمريكي الداهية نعوم تشومسكي ،حين قال ذات يوم ” للأسف الشديد لا يمكن التخلص من السيئين عن طريق الانتخابات ، لأننا لم ننـتخبهم أصلاً ” يقصد بقوله هذا بأن أهواءنا وترددنا وسطحية تفكيرنا وسهولة خداعنا وتضليلنا والهاءنا في كل مرة اضافة الى طائفيتنا وعصبياتنا المتجذرة علاوة على تأثرنا بالدعايات الإعلامية والانتخابية المضللة التي يُنفق عليها المليارات من أموال الشعب هي التي جاءت بهم الى سدة الحكم وليس ارادتنا الحرة ،ولا اختياراتنا الصحيحة وإن غردت خارج الصندوق بعيدا عن السرب ، ولا أصابعنا البنفسجية الباحثة عن الكفوئين الأعزة المستقلين الكرام ، وليس عن بقايا البطانيات وكارتات الموبايل وفتات موائد اللئام وذلك بخلاف ما نظن على الدوام وعلى النقيض كليا مما نعتقد ، فهل من صحوة وبصيص نور في نهاية النفق المظلم بعد طول غفلة وسبات أم وعلى قول سعد زغلول لزوجته بعد أن أحبط واستيأس من الجماهير” مفيش فايدة ياصفية..غطيني !!”لأن العلة علة في رأسي من حجم وهول تكالب – الاعدقاء- والفرقاء على الحقيبة والمنصب والكعكة والكرسي . اودعناكم اغاتي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات