23 ديسمبر، 2024 2:42 ص

الــجـــفـــاف الــمـســـرحـي (02)

الــجـــفـــاف الــمـســـرحـي (02)

اسـتـــطـــراد
بعض المتتبعين؛ أشاروا بأن الجفاف تحول إلى تصحـر؛ وتلك رؤيتهم. ولكن ما نراه بأن المسرح المغربي لم يصل بعد إلى التصحر؛ نظرا لبعض التحركات الإبداعية واللقاءات الثقافية ؛ ولكن لم تصل إلى ذاك التوهج وتلك اللقاءات الحميمية، التي تترك آثـارها؛ بحكم عوامل يلعب فيها الفاعل المسرحي؛ الذي يهدف ما يهدف من وراء ذاك[ الفعل] الذي يخفي نوايا تخدم النزوع الذاتي والمصلحة الشخصية؛ أكثر مما تخدم الفعل الإبداعي والثقافي؛ طبعا سيدلي البعض بأن النوايا لا يعلمها أحد؟ ولا غرو بأن تلك الأنشطة تكون من باب الدفع بعجلة الممارسة المسرحية نحو الأمام، دون الدخول في صراع مع أي طرف( ما) وخاصة إن كانت تـنسجم مع المستجدات الراهنة ثقافيا وإبداعيا، والاهتمام الجدي بالفعل و بالفاعل الثقافي؛ وبالتالي فلما سوء النوايا تتمظهــر إبان أو بعد ذلك النشاط أو العرض المسرحي؟ استطرادا للقول أو السؤال؛ فكل شيء أمسى مكشوفا؛ ولا يمكن المزايدة عن أية استنتاجات؛ لأن البراءة في الممارسة المسرحية؛ يوم كان نكران الذات وصدق الأحاسيس والتفاعل الروحاني بين المسرحيين؛ كيفما كانوا وأين ما كانوا؟ مما نفـخ ومنح لروح المسرح قيمته وقوته وجعله في طليعة الفنون الحقة ؛ منتجا في نفس اللحظة طاقات إبداعية ؛ همها الأوحد الممارسة المسرحية ؛ التي ترد الاعتبار لحرية الفكر وتستهجن الاضطهاد وتدين الإقصاء ؛ لكن [ الآن] فعند تركيب الخيوط ؛ رغم أنها تبدو متشابكة ! ولكن في ناصيتها تنكشف النوايا؛ فمثلا النماذج التي تستدعى لذاك اللقاء ؟ اختيار النص المسرحي ؟ الفضاء الذي يقام عليه [ذاك] اللقاء ؟ وبالتالي فالنقابة ما دورها في هـــذا المضمار ؟

صـــراع ومصالح

==========

فالتحول المريع الذي نعيشه الآن؛ في كل القطاعات الحيوية؛ كل منا يقول في سره وأحلامه : فلكم أتمنى، أن أكون سعيد الحظ هذه المرة؛ فأفوز بالجائزة ويعتبرني الناس شاعرا بارعا، ذلك أنني أعتقد أنكم جمهور حصيف الرأي(1) والحصافة تكمن في دواليب – النقابة –

أكيد أن البعض سيتهمني بالخرف؛ حينما أقحمنا – نقابة المسرح- في الموضوع ؛ لكن بنوع من التحليل الرصين؛ وعدم الاندفاع والتهور اللفظي. فالهدف الأساس من وراء كل هاته الكتابة : خلخلة الوعي المسرحي الذي افتقد لاعتبارات متعددة، وفي نفس الوقت ؛ محاولة القبض عـلى صانعي أو صناع : الجفاف المسرحي ؛ وبالتالي حينما يصرخ أحد أعضاء النقابة وبالمناسبة وضعه – أستاذ جامعي-” إننا كمسرحيين في حاجة إلى تنفيذ منطوق الرسالة الملكية الموجهة إلى المسرح الاحترافي في شقيها المادي و الأدبي من أجل حل كل المشاكل التي يتعرض لها المسرح و المسرحيين المغاربة (2)

إذن ليس كل المسرحيين محترفين الآن؟؟ حتى مسرح الشباب؛ الذي لا تذكر أنشطته ولا يحظى بالمتابعة الإعلامية والنقدية؛ وفي نقطة( النقد) سيسخر من البعض؛ مؤكدا فالعروض المسرحية الوطنية لا تحظى بالمتابعة والنقد المسرحي؛ فكيف تشير لمسرح الشباب؟ ولكن الرد سيكون من معدنه؛ أليس لدينا جمعية النقاد المسرحيين المغاربة: فما دورها يا ترى ؟؟ فالملاحظ ؛ سؤال يجرنا لسؤال؛ لأن إشكالية الجفاف المسرحي؛ يفرض البحث عن بصيص من أي موقع لا ينبع الماء؟ ومن المتحكم فيه ؟ فبالعودة لمسرح

الشباب الذي تولد بين كواليس (حزب سياسي) وتبنته – كتابة الدولة للشبيبة والرياضة وقتئذ؛ من أجل شل خصائص وإنهاء مهام – الجامعة الوطنية لمسرح الهواة – والمفارقة أنها أنهت مهامهما يوم تم تكريم رئيسها الأبدي2002؛ وانخراطه في كواليس المسرح[ الاحترافي] وفي نفس الوقت تمظهرت {الشبكة الوطنية للمسرح التجريبي} فأمست شبكة مثقوبة بدون خيوط من أجل ترميمها ورثق رتقها،لأن مهرجان{ربيع الشباب} استقطب الجمعيات المسرحية؛ في صيغة أنها نوادي، ولكن ماذا قدمت؟ لاشيء؛بحيث الحصيلة أسفـرت على إفـراغ التوهج الذي تحمله تلك الطاقات، وفي سياقها تم نسف مشروع – الشبكة الوطنية – وذلك ليتحول وينخرط [ الكل] في ( الاحتراف= النقابة) فمن دواخل أنشطته وعروضه تتحرك عناصر[ قيل] أنها محسوبة على ( الاحتراف) وهذا الاستهتار والتطاول ليس خافيا على أحـد. وبناء عليه إن القصد من إنشاء نقابة للمسرحيين في غـياب الأرضية والمشروعية {القانونية} وانعدام مفهوم – مهنة – الفنون الأدائية ؛ في أية مدونة قانونية ؛ ما هي إلا منهجية ليتم القـضاء على روح الفعل المسرحي الجاد باعتباره صادم ومشاكس، ومن بين مـا كان {الدعم} هـل يعقل بأن الدولة تخلت عـــن الدعم الأساسي للمواد الضرورية للأفـراد ، ولم يعد لصندوق المقاصة وجود، وللمسرح دعمه موجود؛إنه لغز من ألغاز(العولمة) وعليه فالكل تهافت نحوه، وإن لم يفلح فباب الترويج شكل من أشكال الدعم، وبشروط غير قابلة للنقض:أهمها أعمال باهرة جمالية وفارغة فكريا وإيديولوجيا،ارتكازا على الأعمال الأجنبية،إن التاريخ يعيد نفسه بمصوغات أخرى، لنعيش زمن اللامسرح؛ ولـقـد تحقـق ذلك [!!!]فلو كانت النوايا صادقة لتقنين مهنه الفن الأدائي؛ لما برزت – نقابة المسرحيين المغاربة – على أعقاب النقابة المغربية لمحترفي المسرح؛ وتظهر بعدها – الفيدرالية المغربية للفرق المسرحية الاحترافية – ليعلو ويحتدم الصراع على حصــة من حصص الدعم المعلن والمشبوه؛ إذ كلا الفصيل يعتبر نفسه [ ذو ]التمثيلية الشرعية للقطاعات المهنية في المجالين الثقافي والفني، فمن حق هـذا القطاع أن ينظم قانونيا وفي حاجة ماسة إلى مؤسسات ثقافية مسؤولة ومواطنة تدرك أهمية دور المسرح في التنمية و في ترقية المجتمع نحو الأحسـن . وكذا انوجاد وتأهيل المقاولات المسرحية من ناحية التسيير وخلق تعاقدات بشركات مساهمة في تنمية السوق الفنية، دونما إغفال التخصص وتقنين المهام ؛ ورعاية كل الأنشطة الفاعلة؛ من حيث التواصل والتشاور؛ بدل التشتت و الصراعات الجوفاء؛ والبحث عن مصالح ذات أبعاد انتهازية واستغلالية ووصولية تضر بالمسرح المغربي؛ فانــوجاد مؤسسات جمعوية وهيئات نقابية وغيرها… مسألة حتمية؛ تفرضها طبيعة الحياة الاجتماعية بكل مكوناتها لشريحة أو طبقة معينة؛ فرض عليها الصراع مع سياسة الدولة ؛ ولكن إن كانت بعض الشروط متوفرة ؛ وبعض القضايا المرتبطة بصلب حياة تلك الشريحة؛ ولكن غير مفعلة أو مهضومة في مقتضياتها العملية؛ ولعل نقابة المسرح الاحترافي في بلادنا ضرب من الأوهام؛ والعجيب بأن الأوهـام هي السائدة في هـذا المضمار؛ فمثلا إشكالية [التعاضدية للتأمين الصحي] الأستاذ أوالموظف في القطاع العام؛ هل من حقه أن يستفيد من التأمين الصحي؛ وهو منخرط في إحدى النقابات المسرحية؟؟ بكل بساطة غير ممكن؛ لأنه مؤمن من خلال قطاع عمله الوظيفي؟

والفنان المتفرغ فهل يتوفر على دخل قار يسمح للمؤمن( عليه) بأن يتقطع من دخله لصندوق التعاضدية؟

فالموضوع يتجاوز التنظيم وتقنين المهنة باعتبار أن النقابة والفاعلين فيها مدفوعة من طرف من له مصلحة في إبقاء الجفاف المسرحي؛ كما هـو ولربما يتطور إلى تصحر بعد انقضاء المهام المنوطة؛ وبالتالي فالنقابات: تقدمها كأدوات معرفة أو أدوات تواصل وليس أبدا كأدوات سيادة تخضع العالم لبنيات تؤدي وظيفتها السياسية من حيث هي أدوات لغرض السيادة وإعطائها صفة المشروعية في هيمنة طبقة على أخرى(3).

لأننا إذا دققنا في الموضوع ؛ من حيث الأعضاء( المكتب التنفيذي) للنقابة(الأولى) هل خرجوا فارغي الجيوب والنفوذ؟ هل ظلوا يتسكعون كبعض المهووسين بالحركية الإبداعية ؛ يبحثون عن دور( كومبارس) في إحدى إنتاجات شركات الإنتاج أو استوديوهات ورززات ؟؟ هنا المسألة جدلية في معطياتها واستنتاجاتها؛ وهل النقابات التي تصدر كل مناسبة بيانا حول قانون الدعم ؛ تستطيع أن تكشف( عن) أسماء من استفادوا من الريع الثقافي والفني؛ ومن هم الأغنياء من المسرحيين كتابا ومخرجين وممثلين وتقنيين ؟؟؟ لن يستطيعوا لاعتبارات مصلحية؛ ومتداخلة؛ وما يسمعه المسرحيون المنخرطين والتابعين للمنخرطين؛ سوى بلاغات طنانة ونارية ؛ لن نقول تجاوزها الزمان؛ بل هي أصلا أضحوكة الزمن الأرعـن

ك : نعم باسم المسرح والمسرحيين، أعتبر عدم تنفيذ ما جاء في الرسالتين الملكيتين الساميتين مؤامرة على المسـرح والمسرحيين والثقافة المسرحية بشكل عام عبر منابرها. وإني أدعو بهذه المناسبة إلى محاسبة الذين كانوا السبب الخفي في السكوت عن تطبيقهما، مثل هؤلاء وغيرهم من المندسيـن، الذين ساهموا في إقصاء دور المسرح في توعية وتنمية وتطوير الإنسان المغربي والاعتزاز بفنه وفنانيه وثقافته .. نعم ، ترى من يستطيع إضافة شيء يلغي ما سبق …؟(4) لنتوقف قليلا؛ لأن هذا البلاغ يحتاج إلى رؤية خاصة وتحليل هادئ

يـــتــــبـــع

إحــــالات

1) مسرحية السحب : لآريستوفانس سلسلة المسرح العالمي ص 44

2) لقد أغفلت المصدر( قصدا) عل أحد النقابيين يتهمني بالمزايدات والحشو[؟؟]

3) الرمز والسلطة : لبيير بورديو- ترجمة عبد السلام بنعبد العالي – ص95 دار توبقال / 1990

4) كلمة نقابة المسرحيين المغاربة بمناسبة اليوم العالمي للمسرح: بقلم الكاتب المسرحي المسكيني الصغير :جريدة الصحراء المغربية بتاريخ 24/ مارس/ 2011