غـَادر شقـتـه كـعادته ؛ مـرح السريرة ؛ بشوشَ الـوجْـه . متوجها نـحْـو مصعَـد العمارة .بعْـدما قضى مآربه وحاجياته؛ وتناول وجْـبته الصباحية . ضغط عـلى الـزر؛ فانفتح بابه ، فتلفظ بصباح الخير لجاره . فلم يـرد عليه الـتـَّحـيَّـة.
كـظـَم جفاء جاره ؛ متوجها إلى عمله ؛ فصادف أحَـد الساكنة ؛ فحَـيَّاه بصباح الخيـر فلم يـرد عليه الـتـَّحـيَّـة ؛ كما فعل جاره ؛ فاستغرب في الأمـر ! وظل يتساءل في دواخله عن السبب ، حتى وصل لبوابة الإدارة؟
نظر للحارسين نظرة تأمل؛ وبسرعة فكر هل يُحَـيِّـيهما أم يعْـرض عَـن تحيتهما ؟ لكن لباقته وأخلاقه . فـرضت عليه عكس ذلك ؛ فـتـَلفظ بصباح الـورد والياسمين ؛ لكـنَّ أحـَدهما أدار وجـهه ؛ والآخـر ردَّ عليه :
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
ابتسم ؛ وصعِـد المِصعَـد نـحو جَـناح مكـْتبه ؛ فصادف جاره الذي لم يحَـيِّيه ؛ جالسا على مقعـد الانتظار؛ ماسكا تسبيحـة الزهراء :ربما يلعب بها أو يُسبِّـح لله أن تقضيَ حاجته الإدارية ….؟
اقـترب إليه يسأل حاجته وسبب وجوده في بهو الإدارة ؟ دون أن يحَـيِّـيه ؛ فانفعل جاره وصرخ في وجهه كأنـه ابـنـُه :
– يـا أخي ؛ قـل السلام عليكم أولا؛ فهي تدعـو لسلامة الدين والعقيدة.
كعـادته ابتسم في وجـهه ؛ وحَيَّـاه بتحِـيته المعتادة .
– يا أخي ؛ إنك تخالف تًـحـيَّـة الإسلام !
– صباح الخير أوصباح الفل… أليست تـحـيَّـة ؟
– كلا ؛ إنها بـدْعة من بـدَع المشركين ؛ وخاصة هي تحية مجوسية ! والكلمة تجذب الشياطين ! ولهذا السبب لم أرد عليك صباحك ونـحْـن في المصـعَـد !
– من قال :إن صباح الخير تجْـذب الشياطين ؟!
– عُــلماؤنا الأجـلاء .
– هـؤلاء العلماء ؛ ألا يتكلمون اللغة العَـربية ؟
– المهـم صباح الخير ليست تحيـة المسلمين !
– لم يكن في عِلمي؟ ولكن هل في عِلمك أن صباح الخير يقصد بها إشراقة يوم جديد وهي إلاهية المعْـنى ؟
– اثق ربك يا رجل؛ ولا تـكُـن مـثلهـمْ .
– اثق ربك أنتَ ؛ واسمع لي جيدا؛ فهل الصباح صباح علمائك أم صباح ربِّ العالمين؟ هَـل أنت َ
صاحب الخـير أم ربُّك ؟
نظر إليه جـاره في صمت ؛ لكن بلباقة أخَـذ مـن يـده الورقة التي جاءتْ به لمصلحة الضرائب؛ وابتسم كعادته .
– انظـر لاستدعائك ؛ هاهي الإدارة تسلم عليك بصباح الخير باللغة الفرنسية !؟