مرَّ العراق بعد الحكم الملكي بتقلبات سياسية نتيجة الانقلابات، وتأثير الأفكار العالمية والقومية على المجتمع، وكانت الحصيلة النهائية سيطرة صدام حسين وإنفراده بالحكم بدكتاتورية قاسية، حول فيها حزب البعث من حزب سياسي الى مؤسسة عسكرية إستخبارية، مهمتها متابعة الأفراد، وتهيئة السبل لإدامة حكمه الوسائل من ترهيب، وترغيب، وقتل، وتشريد، وبذلك هدم البنية الاجتماعية والفكرية للمجتمع العراقي.
في ظل هذه الظروف، كان التغيير حلم يصعب تحقيقه، حيث أصبح العراق صندوقا مُقفلا، وأغلب الموجودين داخل العراق يعملون رغم أنوفهم لأجل ديمومة الحكم، وحكمت الظروف أن يأتي التغيير من خارج العراق وفرحنا به في بادئ الأمر، رغم قناعاتنا بالكيفية التي تم من خلالها الإحتلال، لكن لا مناص من ذلك.
إن عزم قادة العراق المخلصين الوطنيين وتفانينهم بمقارعة ذلك النظام، ومحاربتهم لأقسى الطغاة وأعتى المجرمين، هو الذي أدى قمع الدكتاتورية والطموح لتحقيق الديمقراطية، ولكن بقى حلمهم بتحقيق الدولة المدنية العادلة (دولة المواطنة)، وحالت الظروف التي مر بها البلد دون تحقيقها، واستغلت الديمقراطية من قبل أحزاب وشخصيات طارئة وصلت بواسطة الاسلام السياسي، لغرض بناء مصالح حزبية وشخصية وطائفية على حساب الفرد العراقي.
لقد استغل الاسلام السياسي الشيعي والسني الفوضى التي خططت لها الولايات المتحدة الاميركية، وأطلقت عليها الفوضى الخلاقة لغرض تحقيق ومكاسب حزبية وطائفية وعنصرية لتمزيق نسيج المجتمع العراقي وتدمير طموحه بإقامة الدولة المدنية (دولة المواطنة) التي تحتوي الجميع.
ان القيادات المخلصة من أجل العراق، والتي عملت المستحيل من أجل إنهاء الدكتاتورية والتغيير نحو الأفضل، تم تهميشها بطريقة وبأخرى لغرض تحقيق مصالح خاصة، مصالح دول تساندهم بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن.
يُحكى ان د. أحمد الجلبي (رحمه الله) كان موجوداً في مجلس النواب في أحد إجتماعاته، وكان نائب من جماعة الإسلام السياسي الشيعي يتهجم بكلمات على الدكتور أيـــاد عـــلاوي، وكان النائب المهاجم يردد كلمات (علاوي كذا، وعلاوي كذا)، فما كان من الدكتور الجلبي أن يسأله: “من هذا علاوي الذي تقصد؟”، فقال له (أيـــاد عـــلاوي)، فرده بالقول يجب أن تقول الدكتور (أيـــاد عـــلاوي)، لوما هذا الرجل ومعه رجل آخر (يقصد الجلبي نفسه)، ما وصلتم الى الحكم، ولا جلستم في مجلس النواب، فسكت النائب، وأن صدقت الرواية أو لم تصدق، فهو عين الحقيقة.
ان الشعب العراقي بذمة قادته، وان القائد يملك ما لا يملكه العامة من قدرات على العطاء وعلى التفاعل واداء المهمات القيادية المناطة به ليس كعامة الناس، حيث قالت العرب (وما الناس ألف منهم كواحد وواحد كألف ان أمر عصى)، وان أضطرت الظروف أن تجعل القائد هدفاً لأعدائه (أعداء العراق)، وتجبره على التفكير بمراجعة اشتراكه بالعملية السياسية يفقده أخوانه ومحبيه وجمهوره والناس التي أولته ثقتها.
والقيادة سمة أعطاها الله له، ولا يمكن أن يموت وهو حي (لقد مات قوم وماتت مكارمهم، وعاش قوم وهم في الناس أمواتا)، ان العزم والقوة رديفان لحياة الانسان، ولا يمكن للحق أن يتحقق الى بسواعد الرجال، ولا يمكن لأهل العزم والقوة أمثال الدكتور أيـــاد عـــلاوي والمعروف بتأثيره القيادة، كعراقي نذر نفسه لخدمة الوطن، وهو الشخصية الوحيدة لديه مقبولية عند أبناء الغربية وأبناء الجنوب ويثقون به، أن يبتعد عن العملية السياسية، وأن تأثيره الدولي والعروبي المعروف نتيجة جهود وتفاني بالعمل، لا يمكن ان تذهب سدى.
ان فقراء العراق والمتضررين من أخطاء التعصب والتطرف الطائفي السياسي، عيونهم وقلوبهم مفعمة بالأمل بأهل القوة والعزم أمثال الدكتور أيـــاد عـــلاوي لتصحيح المسار قدر الإمكان، وان سرّاق القوم هم قيادة الأوطان وهم عمادها، ولا يمكن ان تتقدم الشعوب بلا تضحية وإسناد، حتى وان صعبت الأمور فأن رجال الصعاب هم القادة الفعليين لمسيرة الوطن والمواطن.
وأنا على يقين ثابت ان المخلصين لا يمكن أن يتركوا هذا الوطن تتلاطم به الأمواج في بحر الظلمات.