22 نوفمبر، 2024 8:34 م
Search
Close this search box.

الغموض الدستوري  والاقتراع الخاص

الغموض الدستوري  والاقتراع الخاص

ورد في المادة ( 9 ) من الدستور العراقي مايلي : ـ
أولا  ـ أ ـ تتكون القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييز أو اقصاء  وتخضع لقيادة السلطة المدنية وتدافع عن العراق  ولاتكون اداة لقمع الشعب العراقي  ( ولاتتدخل في الشؤون السياسية  ولا دور لها في تداول السلطة )
    ج ــ لايجوز للقوات المسلحة العراقية أو افرادها  وبضمنهم  العسكريون العاملون في وزارة الدفاع أو أي دوائر او منظمات تابعة لها الترشيح في انتخابات لاشغال  مراكز سياسية ولايجوز لهم القيام بحملات انتخابية  لصالح مرشحين فيها ولا المشاركة في غير ذلك من الاعمال التي تمنعها وزارة الدفاع . ويشمل عدم الجواز هذا انشطة اولئك الافراد المذكورين آنفا التي يقومون بها بصفتهم الشخصية  أو الوظيفية  ( دون ان يشمل ذلك حقهم بالتصويت في الانتخابات ) .
ثانيا  ــ تنظم خدمة العلم بقانون .
عندما ندقق بهذه النصوص الدستورية سنجد انفسنا امام غموض او تناقض دستوري . فمن جهة ان القوات المسلحة وقوى الامن الداخلي  (لاتتدخل في الشؤون السياسية  ولا دور لها في تداول السلطة ) وهذا يعني انها يجب ان تكون بعيدة عن الميول والاتجاهات السياسية ومن جهة اخرى اعطى الدستور منتسبي هذه الاجهزة ( حقهم بالتصويت في الانتخابات )
وبما ان المعنى الحقيقي في الاختيار الديمقراطي ( الانتخابات ) هو انحياز الناخب  لمرشح معين وبالتالي للقائمة او الجهة التي ينتمي اليها  وهذا سيلغي صفة الحيادية المطلوبة لهذه المؤسسات الامنية  من خلال منتسبيها خاصة وانهم من المتطوعين المحترفين لهذه المهنة الشريفة  التي تعتمد التضحية ونكران الذات   ولايوجد بينهم من يؤدي خدمة الزامية حتى يعطى هذا الحق لان خدمته الزامية ومؤقتة ( حسب الفقرة ثانيا من المادة ( 9 ) من الدستور)
وبغض النظر عن موضوع التاثيرات والتدخلات التي يمكن ان تحدث وتؤثر على عملية ما سمي ب ( الاقتراع الخاص ) وما يمكن ان تجر اليه من مساجلات بين الجهات المتضررة والجهات المستفيدة وهو امر حصل سابقا .  ان اهمية الاشكالية هذه انها تجري في مؤسسات من المفترض ان يكون عملها مبنيا على الضبط العسكري الصارم واطاعة وتنفيذ الاوامر بدون نقاش وهي خاضعة للسلطة التنفيذية  التي سيكون استمرارها مرتبطا بنتيجة الانتخابات وهذا سيدخل في باب تضارب المصالح .
كما ان اعطاء حرية التصويت لمنتسبي هذه المؤسسات الامنية سيؤدي الى تعدد الولاءات  فيها الامر الذي يتعارض مع الانضباط الصارم والالتزام في اطاعة الاوامر  ومع  المهنية  المطلوبة في الولاء ( للدولة ) ونظامها السياسي الدستوري أو الولاء للسلطة التنفيذية وما يتطلبه هذا الولاء ……؟؟؟
كما ان عملية المشاركة في الانتخابات ( تصويتا او ترشيحا ) هي مشاركة فعلية (في تداول السلطة ) وهذا يتعارض مع ما اوردته  المادة الدستورية .
وعليه فان مسألة ( الاقتراع الخاص ) فيها اشكال دستوري يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار لجديته واهميته في مستقبل تشكيل الدولة الديمقراطية . سنجد ان كثيرا من القوى التي استفادت من امر سلطة الائتلاف او القانون الخاص بدمج الملشيات بالقوات المسلحة  او القوى التي اصبح لها ارضية فيها ستعترض وتقف عائقا امام مثل هذا التوجه لاسباب معروفة ولانها ستفقد اصوات ومراكز نفوذ تحققت وتتحقق لها رغم تعارضه مع التوجه الديمقراطي ومتطلبات تحقيقه .
وبما ان الموضوع يدخل ضمن الاشكاليات الدستورية المتعددة في دستورنا الحديث  فان راي المحكمة الدستورية اصبح مطلوبا وبشدة اضافة الى  آراء المختصين في القضايا الدستورية  لاغناء الموضوع بخبرتهم القانونية والمهنية .

أحدث المقالات