18 نوفمبر، 2024 3:23 ص
Search
Close this search box.

الغضب على القضاء

الغضب على القضاء

الان و قد هدأت عاصفة ما تلقته السلطة القضائية عقب إعلان قرار الهيئة القضائية المشكلة للنظر فيما قدمه السيد خالد العبيدي ضد السيد سليم الجبوري ، صار الوقت مناسبا للنقاش بشكل هادىء و واعي
لن ننشغل بتحليل محركات الغضب و الهجمة ، فهذا يرتبط بمناطق فيها من الحساسية الشيء الكثير ، نعم هنالك ما ينبغي الحديث عنه ، خاصة ما يرتبط بالغضب السياسي و الذي هو في الواقع ليس بغضب بل أستغلال للغضب ، و هنالك ما يندرج تحت صناعة الغضب و هو أشد خطورة من الأول ، أما الصنف الثالث من الغضب فهو الناتج بسبب عدم المعرفة ، و هذا أهون الأصناف ؛ لأنه ينتهي بمجرد ردم الجهل بالمعرفة .
و هنا علينا و على الطريقة البحث العلمي أن نعرف المفاهيم ، مالذي جرى ؟ السيد خالد العبيدي وزير الدفاع العراقي ، اتهم مجموعة من المسئولين و السياسيين و رجال أعمال ، و من بين من أتهمهم الدكتور سليم الجبوري ، أتهمه بالابتزاز من أجل تمرير عقود و صفقات تتضمن فساد مالي ، هل علينا أن نكتب كلمة إبتزاز بخط أكبر من غيرها ، و هل علينا أن نؤكد أن الواقعة أي عقد أو صفقة فاسدة لم تتحقق ، هذا الكلام ليس لدرء التهمة عن أي طرف ، بل الكلام هنا عن الموضوع بين يدي قاضي التحقيق ، هذه النقطة الاولى ، أما ما هو أكثر أهمية هو : متى بدأ التحقيق بهذه التهمة ؟ و الجواب ببساطة : العبيدي قال التهم في الاول من أب : الهيئة القضائية شكلت و عملت في الثاني من أب ، طيب متى أصدرت الهيأة حكمها ؟ الجواب في التاسع من أب … و كيف عملت هذه الهيأة ؟ الجواب : الهيأة مشكلة من ثلاث من أكبر قضاة النزاهة ، تفرغوا بالكامل لهذه القضية ، و لخصوصيتها عملوا بشكل يتجاوز وقت الدوام الرسمي . و كيف عملوا ؟ قاموا بأخذ كل ما قدمه المدعي خالد العبيدي كأدلة على تهمه ، و استمعوا الى كل الشهود الذين طلب العبيدي أحضارهم ، و السؤال الاهم : هل أن كل هذا لم يكن يدين السيد سليم الجبوري بتهمة الابتزاز ؟
الجواب يبدأ من : أولا : التهمة كما قلنا و نعيدها للتأكيد ليس صفقة فساد تمت ، بل أبتزاز على صفقة لم تتم ، ثانيا : الادلة عبارة عن قرص مدمج يحتوي على محادثة بين مجموعة من السياسيين منهم السيد الجبوري ، لا يرقى بل لا يرتبط موضوعها بأي شكل من الاشكال بإن تقدم كدليل على تهمة الابتزاز ، و إنما مجرد حديث عن العمل السياسي للأطراف المتحادثة ، و أما الشهود فلم يكن أي شخص منهم شاهدا بالمعنى القانوني للشهادة المعتبرة .
فإذا كان الامر بهذا الشكل فلماذا حصلت ردت الفعل هذه و بهذا الحجم !؟ ، الاجابة أن أطراف و هما الصنف الاول و الثاني من الاصناف التي ذكرناها في مقدمة الحديث ، عملوا على ربط إجراء حصل في مجلس النواب ، و هو رفع الحصانة عن السيد سليم الجبوري ، و صاروا يضخون بشكل كبير فكرة أن التحقيق بدأ و أنتهى من وقت رفع الحصانة الى وقت أعلان الحكم ، و في غمرة هذا الغضب ، لم يعد يسمح لأي توضيح عقلاني ، بل أن كثرة صناع الغضب و الفوضى كانوا وللأسف الشديد أكثر تأثيرا من العقلانيين و المتخصصين .
هذا المقال سيكتفي بإثارة أبرز معالم ما حصل ، على أمل التفصيل في سلسلة مقالات في الايام القادمة 

أحدث المقالات