22 ديسمبر، 2024 8:58 م

الغزل مع بعض نصوص التاريخ

الغزل مع بعض نصوص التاريخ

التاريخ عالم كائن بحد ذاته وفيه تاريخ كل العلوم من صنع الانسان وكلما عدنا الى الوراء كلما تعقدت طرق تمحيصه وبين هذا وذاك يبقى العقل وفق الادوات السليمة له الراي في الاحداث بين الجزم والترجيح ولكن لا يجوز اطلاقا الغاء اية ورقة من التاريخ فيها اشكالات بل وضعها على جنب للزمن .

التاريخ بين منعطفين مهمين ، منعطف الحقيقي والمزيف ، ومنعطف الاهم والمهم ، والاهم في علوم الدنيا هو علم تشريع قانون عادل بين البشرية ، وهذه الملكة ملكة التشريع لها اصولها وجذورها ومعاييرها ، لسنا بصدد من يمكنه تشريع القانون وهذا له مجاله الخاص والعميق ، ولكن نحن بصدد الحقيقي والمزيف ، وفي الحقيقي ما لا يستحق التركيز وفي المزيف اصبح يستحق التقديس ، وفي كل كتب التاريخ الاسلامي سنة وشيعة فيها روايات بين المزيفة وبين التي لا يستوعبها العقل لانها حدثت في زمان له حيثياته في حياة المجتمع .

الاشكال الحقيقي هي الروايات التي تصر عليها بعض الفرق الاسلامية بانها صحيحة بالرغم من كذبها او تنال من الاسلام وهذه الروايات موجودة في كتب السنة والشيعة ، والفرق بينهم ان السنة تحكم بصحة كل الروايات في الصحاح بينما الشيعة تاخذ بالروايات التي تتوفر فيها شروط صحتها بينما في الشيعة انفسهم جماعات تقدس هذه الروايات بالرغم من غرابتها وضعفها بل تعتبرها حتى من الواجبات وتحذر من تركها وهؤلاء على نفس شاكلة من يقدس كل روايات البخاري ، مداخلة هنا اود توضيحها ، المشكلة ليس بالبخاري فانه جمع ما يراه صحيحا وعلى من ياتي من بعده ان ينقح وليس البخاري لوحده من جمع الضعيف بل حتى في كتب الشيعة ، ولكن التمسك بهذه الروايات اتاحت الفرصة لمن يريد الطعن في الاسلام ان يلوح بهذه الروايات .

واما الروايات التي لا طائل من ورائها اي ان صحت او لم تصح او حصل الاقناع او لم يحصل فما الفائدة التي يجنيها المجتمع منها هنا اؤكد على المجتمع لان العلماء لربما يغوصون في علوم معينة هي نعم علوم ولكن لا تؤثر على المجتمع ، ماذا يجري في البرزخ ، وكيف تكون الاخرة ؟ وهل الميت يسمع ؟ وغيرها من العلوم التي كثيرا ما اشاهد جدلياتها العميقة التي تفتح ابوابا للنقاش تشتت العقول من غير نتيجة ، انا لا انكرها بل اؤكد على الافضل منها التي يجب ان نلتفت اليها حتى ننهض بواقع المسلمين.

في احدى زياراتي لشخصية علمائية معينة وبعد السلام دخل فجاة شخص على مجلسنا وادى التحية ورد عليه هذه الشخصية وتفاوتت ردود الحاضرين له وبدا النقاش معه حول وجوب رد السلام باللغة الفارسية طبعا انا لا اعلم عن جوهر النقاش ولكن سالت صديقي الذي يعرف اللغة الفارسية وسالته عن ماذا يتحدثون قال يتباحثون حول وجوب الرد وكيف الرد وثواب الرد وعقوبة عدم الرد وماهي الاحاديث على ذلك واين جواز عدم الرد وما الى ذلك ، نهضت واستاذنت منهم بالخروج .

هنالك احاديث في التاريخ مثلا يرى الشيخ عباس القمي رحمه الله عدم الحديث عنها لانها تؤثر على ثقة بعض الشباب بالمذهب بينما يرى السيد محسن الامين رحمه الله الحديث عنها لانها تاريخ والتاريخ امانة ولكل منهما جانب صح وجانب بحاجة الى نقاش ، وحقيقة يبقى الزمان والمكان له الحكم في ذلك ، ومن جانب اخر الاختلاف في المعتقدات طبقا لعصرنا هذا لا يصح ابدا اقصاء احدنا الاخر ولا النقاش فيها فهذا يصلي بتكتيف اليد والاخر يسبل والثالث بالثالوث والرابع عند الحائط والكل يرى ان هذه العبادة توطد علاقته مع الله ولا احد يؤثر على عبادة الاخر الحكم عند الله عز وجل .

العجيب بشريحة معينة من المفكرين عندما يطلعون على حدث او رواية تاريخية ولا يستوعبها عقله لكنه يحاول ايجاد مخرج يقنع بها نفسه وغيره ويصر على ذلك وهذه الطامة الكبرى التي تؤخذ على المسلمين ، ولا انكر عندما اقرا رواية لا اقتنع بها لا اجادل بها ولا اثبتها ولا انكرها وحسب الاثر المترتب عليها ان كان يخص تشريع يمس العدالة هنا يكون لاصحاب الاختصاص القول وغير ذلك لا اشغل عقلي فيه لانه يدخلني في دهاليز مغلقة تسمح للاعداء باصطيادي .