23 ديسمبر، 2024 1:28 ص

الغريب والسّاحر والمُحبب والضرورة

الغريب والسّاحر والمُحبب والضرورة

يقع الشاعر أحيانا وبدون إرادته بين أمرين ، فهو أما يكون وجها لواقعة من تجربته الحياتية ، أي أن الشعر سيكون عقلَ الشاعر وبالتالي وبتعبير أمرسون سيكون صوتا شفاهيا للأمكنة والأحداث ومجمل الرؤى التي تقع تحت تأثير العقل أو من إختلاساته ، أو أنه يقع تحت تأثير التبلور الفجائي حيث يصنع الإلهام صنعته ، تلك الإلهامية التي لايعيقها غرض ما للبوح الغيبي بما تستحضره اللحظة من عوالم اللاوعي حيث تكون فرصة الإستبدال والإستدلال على موجودات المخيلة ذات أثر بعيد قد لايقع تحت هدف معين أو حدود دنيا وحدود قصوى ، بل بفعل ذلك الأثر يتجزأ الشاعر إلى كيانات ويحتفي بالمجهول ليأت بكل ماهو ساحر وغريب وغامض ومحبب وضرورة ،

يتذكر أمرسون يتذكرغوته الذي يرى أن ما من شيء معزول عن الجمال ،

فالشاعر لديه أشياء كثيرة من الأشكال والمكعبات وهو خارج لعبة المنظور لأنه دائما يقيم حاجزا بين الحياة وماورائيتها ،

أن كل شئ منظومٌ ليس في الحياة وإنما في الأبدية

وأن تلك الأبدية التي تُبصر من خلال جودة الحياة التي تستدعي التناقض المستمر مابين المتخيلات وكونها المُرعب ضمن أطروحات وتنويعات لاحصر لها وتكون دالاتها في الغالب بقوة رمزها وليست بقوة حرفية معناها كما هو الحال في واقع التجربة الحياتية ،

أن المُركب الحديث الذي بنى عليه أمرسون :

أن العالم أخف من النور

والشاعر يرى كل شئ بالعيون التي يرغب بها ، وبدأ أمرسون بتطوير مثاليته تلك إلى :

أن العالم زورق

والعالم ضباب وشرك عنكبوت ،

ورغم إنفتاحه فقد إحتفظ بقدرة الموجودات إن تمكن الشاعر من تخيل أضدادها لتغيير العالم

من هذا الباب أدخل أمرسون معاصريه بجدل الحداثة

للإيقاع بتزكية الواقع ، الواقع الذي يتحكم بالحريات

ويغري على ضرب الأمثال والأفكار المسبقة ،

إن كل شئ يبنى على شيء آخر ويدعو إلى شيء ليس بشبيهه وفي ظل تلك الجدلية تقبع فرصة الشاعر لخلق أي عالم يراهُ صالحا للسِّيح بين الأصابع لفك شفرات الكون وبالتالي إكتشاف جغرافية أخرى فيها روح

تستأنس العقبات .

[email protected]