22 ديسمبر، 2024 1:12 م

الغرب ، ونظرته الدونية لنا

الغرب ، ونظرته الدونية لنا

لقد أصبح مصطلح (المعايير المزدوجة) الذي ينتهجه الغرب ، مصطلحا قديما ومسلّمٌ به أزاء جميع التصرفات والعلاقات التي يرتبط به الغرب مع العرب والمسلمين بالذات ، منذ أن وُجدت البشرية وظهور المبادئ الإستعمارية والعنصرية وإنتهاكات حقوق الإنسان بالجملة ، وتاريخ العلاقات الغير سوية والتي يغلب عليها مبدأ السيّد والعبد في أقل تقدير ..

جثة لشهيد أعزل مرماة على قارعة الطريق  قتله قناص صهيوني ، ولا يجرؤ أحد على إخلاءه ، وقربه قطة شاردة تسير آمنة مطمئنة ! ، وعادة ما يستهدف هذا الكيان المجرم ، حشود اللاجئين في طرق حددها لهم هذا الكيان ، لينهال عليهم الرصاص والقنابل وهم شاردون من الموت ، لم يبق منزل أو جامع أو كنيسة أو مدرسة أو رياض أطفال دون تدميرها تماما على رؤوس ساكنيها بدعاوٍ كاذبة من أن تحتها أنفاقا لحماس ! ، أهل غزة صاروا يدارون الموت بالإبتكارات ، فهم يسحبون جثث الشهداء بواسطة نقالات مجهزة بعجلات تجرها الحبال خلال مناطق القنص الصهيوني ، ورغم ذلك ، ثمة رصاصات تنبش هذه الجثة أثناء سحبها ! ، لو كان هذا القناص يحمل دماغ خنزير ، ما فعل فعلته !.

المحكمة العليا الهولندية ، أصدرت قرارا يوم أمس ، بمنع تصدير قطع غيار طائرات  F 33  إلى الكيان الصهيوني “للإشتباه” بأن هذه الطائرات تستخدم في خرق القانون الدولي الإنساني ! ، فإن كانوا على يقين بذلك ، لماذا لم تصدر الحكومة الهولندية قرارات إدانة من أعلى المستويات ضد هذا الكيان ، بل وبدلا من ذلك ، قدمت الحكومة الهولندية إلتماسا للمحكمة للطعن بهذا القرار ! .

تبلورت لدي فكرة نظرة الغرب اللاسوية لنا عندما كنت أخدم في البحرية العراقية ، وبعد إنتهاء الحرب العراقية-الإيرانية ، تولت شركة بريطانية لتطهير الممرات الملاحية في الخليج من آثار الحرب ، كنت بصحبة أحد الخبراء في بهو السفينة وكان التلفاز يبث فعاليات إنتفاضة الحجارة في فلسطين ، وظهر مشهد جنديان صهيونيان ، وكل منهما يحمل صخرة كبيرة ويقومان بكسر عظام أحد المنتفضين الفلسطينيين بها بعد أن إنفردوا به في مشهد مرعب يجعلك تيأس من كل عدالة في الأرض ، فقلت للخبير ، ما رأيك !؟ ، قال ماذا تتوقع منهم فعله وهو يرمي عليهم الحجارة (!!!) ، فعرفت أن ثمة وحشية وتفاهة وغطرسة وتعاليا ونظرة دونية وعنصرية معشعشة تختبئ خلف مظهره “المتمدن” جدا وأن أدبهم بالتصرفات والكلام ليس سوى تظاهرا  وإدّعاءً ، لكني قلت له ، ماذا سيكون رأيك إن كانت هذه الضحية بريطانية ؟! ، إن كان تصرفهم هذا أمام الكاميرات ، فما هو تصرفهم معه في المعتقل ؟! ، لم أنتظر منه الجواب ، وغادرت مقعدي وصرت أتجنبهم إلا ما يتطلب مني العمل .

ضرب الصهاينة عشرات قرارات الأمم المتحدة عرض الحائط ، وما كان لهم أن يستخفوا بالمجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ، لولا الغالبية العظمى من الذين يحملون أفكار هذا الخبير البريطاني الخبيث ، وهو من عامة الناس ، فكيف بالسياسي ؟! ، فغراب ينعق في تل أبيب ، تجيبه عشرات الغربان الأوربية ، رغم صور الدم والقتنص والقصف والقتل بحق المدنيين العزل في آلاف مقاطع الفديو ، وأطنان من وثائق الإنتهاكات دون أن يجرؤ أحد على مجرد إنتقاد سياسة الدمار الشامل والإبادة البشرية (التي لا يوجد دليل على ممارستها) على حد قولهم !! ، فما أن نطق الكيان الصهيوني بإتهام بضعة أفراد من (الأونروا) بأنهم ساعدوا حماس ، حتى نبحت كلاب 8 دول أوربية بقطع المعونات عن هذه المنظمة (وعذرا للكلاب)  ، ورغم عدم توفر أي دليل على حد تصريح مديرها ، لكن يا ويلك ويا سواد ليلك ، إن شكّكت بمحارق النازية ، أو إنتقدتَ (المثلية) ! ، أو ظاهرة (الفامينيست) ، وحتى إن قلت ، هذه إمرأة ، وهذا رجل ! .

إستوقفني خبر صدر عن مجلة (Planet Magazine) ، من أن منظمة (PETA) للدفاع عن حقوق الحيوان ، تطالب بإلغاء لعبة الأحصنة الدوارة التي يركبها الأطفال لأنها تتنافى مع حقوق الحيوان ! ، (أما أولاد شحيبر صحيح) على حد قول فناننا عادل إمام ! ، وتطالب هذه المنظمة بإلغائها ، حيث تبدو مع الموسيقى المرافقة للعبة ، إستغلالا لمشاعر الحيوان !! ، نفس هذه المنظمة تقوم بجولة على المشردين لتأخذ كلابهم منهم عنوة لأنهم يظلمونها بمعيشتهم المتواضعة ، تاركين المشرد يواجه أقسى ظروف حياتية !! ، وكل يوم ، ماكنة فرم اللحم الفلسطيني الصهيونية ، تهرس يوميا ما يزيد عن 150  فلسطيني أعزل ، من غير الممكن أن تكون تصرفاتهم هكذا لولا نظرتهم لنا من إننا أحط درجة من الحيوان ! ، وربما أن الكيان الصهيوني يقوم بالنيابة عنهم بمهمة قذرة ، هي القضاء علينا وتخليص الأرض منا ! ، وهل يوجد دليل أكبر من ذلك ؟! ، فيا للتفاهة ويا للخسّة ، حقا إننا نعيش عصر الظلام والتفاهة بإمتياز .

كل هذا في كوم ، وموقف زعماء العار العربي في كوم ، لا أدري لمن جيوشهم التي أرهقت ميزانيات دولهم ؟ ضد مَنْ ؟! ، وفوق ذلك لا تزال ألسنتهم النتنة تلهج (بالتطبيع) !!!! .