يستغرب الكثير من المحللين والمتابعين للشإن العراقي من الطريقة التي لجأ اليها المالكي مؤخرا بإحداث ( هزة عنيفة ) أصابت بنيان المجتمع العراقي في الصميم ، الا وهي حملة الاعتقالات التي لم تخلو محافظة عراقية من شرورها ، وهي حملة ليس لها ما يبررها في ظروف كهذه ، تتزامن مع اقتراب الانسحاب الاميركي من العراق، وعده الكثير من العراقيين خطوة متسرعة اقدم عليها المالكي في غير أوانها ، فقد فيها الشعب العراقي ثقته بإمكان اصلاح الحال بعد كل الذي جرى من عمليات اعتقال بالجملة ، أشعرت العراقيين انهم امام خطر كبير يهدد وجودهم في الصميم.ان حملة الاعتقالات هذه من وجهة نظر مراقبين ومحللين انقلبت على المالكي نفسه ، بعد ان كان العراقيون يأملون منه ان يعزز خطوات اللحمة الوطنية والوحدة الداخلية واذا به يتراجع عن كل تعداته السابقة التي قطعها على نفسه بان يفتح صفحة جديدة مع العراقيين تقوم على المواطنة واشتراك جميع العراقيين في تدبير شؤون بلدهم وقيادته الى شاطيء الامان ، ولكن ما تم اتخاذه من اجرءاءات حتى الان لايمثل تطبيقا لهذا المنهج ، ان لم يكن تراجعا خطيرا ينذر بكوارث على عموم الحياة في العراق، للاثار الخطيرة الناجمة عنه والتي حرم فيها الاف العراقيين من فرصة ان يجدوا لهم موقعا للعيش الامن في ظل اجواء أكثر طمأنينة وامنا ، وانقلبت الاحوال على عقب ، وشنت حملات اعتقال ومداهمات طالات الاف العراقيين الابرياء الذين لاذنب لهم سوى انهم عراقيون يريدون ان يروا بلدهم وقد سارت به القافلة الى الحالة الافضل لا ان يتراجه قهقريا الى الوراء ويتم التخلي عن كل ما تعهد به امام الشعب العراقي من انه سيفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقة مع الشعب العراقي قائمة على الاحترام المتبادل وفي توفير العبيش الكريم لغالبية العراقيين ورفع مستويات معيشتهم وتحسين اوضاعهم ، لكن ما جرى حتى الان من حملات مداهمة واعتقال يخالف هذا المبدأ كليا ويناقضه ويضع العقبات بوجه المصالحة الوطنية المنشودة ان لم يتم احداث شروخ كبيرة في جسدها وتعريض مستقبل الاف العراقيين لخطر الموت والاعتقالات والتشرد والفناء.ان الدعوة للاقاليم والفدراليات كانت من نتاج هذه الحملات بعد ان شعر العراقيون بالخطر الداهم الذي يواجههم ويعرض حياة الالاف من ابنائهم ورجالهم واغلبهم كبار في السن الى مخاطر الموت والتعذيب والهلاك، ما اضطرهم الى المطالبة بالاقاليم كحل مؤقتت للخلاص من الدكتاتورية وجورها وظلمها، ما يؤكد ان الحياة أصبحت شبه مستحيلة في هذه البلد، في ظل اوضاع لاتحترم فيها كرامة الانسان ، وعندما تتعرض هذه الكرامة للامتهان تكون الغربة كرامة عندما يصبح الوطن مذلة.