22 ديسمبر، 2024 11:22 م

الغذاء والدواء مقابل القتل والإيذاء؟

الغذاء والدواء مقابل القتل والإيذاء؟

سؤال مُلح فيه مرارة الأسف والغضب والكآبة يدور في قلوب الملايين من الذين غضبَ الله عليهم فبلاهم بولادة واحدٍ اسمُه الخميني، وبوريثٍ له اسمُه خامنئي ومن لفَّ لفَّهما من قريب أو بعيد.

والسؤال هو،  كيف كانت ستكون، اليوم، أحوالُ شعوب إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن ودول المنطقة الأخرى، برمتها، لو لم يولد هذا الخميني، أو لو لم يُخطيء صدام حسين فيطرده من النجف قبل عام واحدٍ فقط من سقوط نظام الشاه، أو لو لم تلتقطه فرنسا، ومعها أمريكا، من الحدود العراقية الكويتية 1978، حين  قررتا معاقبتنا بتمليكه الدولة الإيرانية، بعظمة جيوشها وثرواتها وموقعها، وعلمائها وخبرائها وأدبائها ومفكريها وفنانيها، مع سبق الإصرار والترصد؟.

ألم يكن مؤكداً أن يكون الإيرانيون، اليوم، ومعهم العراقيون والسوريون واللبنانيون واليمنيون والسوريون والسعوديون والإماراتيون، والكويتيون والبحارنة، وباقي شعوب المنطقة أسعد من شعوب أوربا وأمريكا واليابان؟

أما كانت هذه الشعوب لم تعرف قاسم سليماني في إيران، وحزب الله في لبنان، وداعش والحشد الشعبي في العراق، والحوثي في اليمن؟.

وأما كانت فلسطين ما زالت هي القضية الأولى التي لا يستطيع ولا يجرؤ مسؤول عربي واحد على مصافحة إسرائيلي واحد، ولو بالصدفة غير المقصودة؟.

وأما كانت شعوبنا وشعوب العالم الأخرى لم تعرف كل  هذا الإرهاب الذي يمكن القول، بثقة، بأن أكثره إسلامي متطرف تمول إيران ثلاثةَ أرباعه، وتسلحه وتدربه وتضع ثرواتها وطاقاتها في خدمته، وترسله إلى الدول الآمنة لترويعها وإفقارها وإفشالها واستنزافها وزعزعة أمنها واستقرارها؟

ففي اليوم الأول الذي هبط فيه على أرض مطار طهران، 1979، تفجرت في نفسه ينابيع العنف وحب الخنق والحرق والشنق، فبدأ بشعبه أولا، فأكثر من قطع الأرزاق والأعناق، ثم أدخل دول جواره والعالم، بعد ذلك، في عصر المفخخات والمليشيات، وجعَل الحكومات، بدل انشغالها بإشباع جياعها، وإشفاء مرضاها، وإلباس عراياها، ملزمةً بتخصيص أموالها وطاقاتها لكشف الانتحاريين قبل أن يفجروا أنفسهم في أسواقها الشعبية ومدارسها ومستشفياتها وكنائسها ومساجدها  وموانئها ومحطات قطاراتها ومطاراتها.

ومنذ العام الأول من عهده حصَرَ وظائفَ الدولة الإيرانية باستيراد الخبرات والمعدات والأدوات والمصانع واللوازم الضرورية لإنتاج البنادق والمدافع وذخيرتها ومقذوفاتها، ولتصنيع الصواريخ والمسيرات والمتفجرات، والتفنن في تغليفها وتعليبها وتهريبها إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن، وإلى دول بعيدة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وأوربا، لمزيد من الدمار والخراب وسفك الدماء.

حتى الصومال الممزقة الجائعة الغارقة في دخان حروبها المهلكة لم تنجُ من هداياه ولا من عطاياه.

 قالت “(المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية)، وهي منظمة بحثية مستقلة مقرها جنيف، “إن أسلحة قدمتها إيران لحلفائها الحوثيين في اليمن يجري تهريبها من اليمن، عبر خليج عدن، إلى الصومال، حيث يحارب مقاتلو حركة الشباب المرتبطون بتنظيم القاعدة حكومةً صومالية ضعيفة ومنقسمة”.

فلو أراد متخصصون محايدون وموثوقون أن يحصوا عمليات الاغتيال تفجير المفخخات وتهريب المخدرات التي ينهمك النظام الإيراني الإسلامي المتدين المنتمي لآل البيت لاحتاجوا إلى آلاف الصفحات، وإلى عدة سنوات لتسجيل المعلن منها، فقط. أما ما خفي، وأما الخلايا النائمة في انتظار أوامر التنفيذ فحدّث ولا حرج.

والخلاصة هي أن هذا النظام (المعمم) لا يرسل إلى جيرانه سوى الموت وخراب البيوت، وسوى الفقر والعوز، وسوى الجهل والضلال. وشعوب العراق ولبنان وسوريا واليمن شهودٌ على ذلك.

أليس هو المسؤول الأول عن هروب الالآف من منازلهم والعيش في المخيمات، أو الموت غرقا في المحيطات؟.

وجرت العادة على أنه، في أعقاب كل جريمة يرتكبها حرسه الثوري، أو يأمر وكلاءَه وجواسيسه بارتكابها، يسارع إلى إدانتها واستهجانها ويدعو إلى التحقيق فيها ومعاقبة فاعليها. يقتل القتيل ويمشي في جنازته، ولا يستحي.

قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، بعد ساعات من الاعلان عن محاولة اغتيال رئيس وزراء العراق، مصطفى الكاظمي، إن طهران “تدين الهجوم الذي نفذ بواسطة طائرات مسيرة إيرانية الصنع، وتؤكد موقفها الثابت في دعم الأمن والاستقرار في العراق”. ودعا جميع الأطراف “إلى توخي اليقظة لمواجهة المؤامرات الرامية لاستهداف أمن العراق وتنميته”. وأكد أن مثل هذه العمليات “تصب في مصلحة الأطراف التي انتهكت أمن واستقرار واستقلال العراق ووحدة أراضيه طوال السنوات الـ18 الماضية”.  

آخر سؤال، ماذا لو زرع الله الرحمة والشفقة وحب الخير في قلب الخميني، ثم في قلب وريثه خامنئي فشغَل نفسه وحكومته وشعبه بالإكثار من صناعة الأغذية والأدوية والملابس والعطور وآلات الزراعة والصناعة وبناء المستشفيات ودور العجزة والحدائق والمتنزهات؟.

ثم ماذا لو دأب على إرسال الأدوية والأغذية والأغطية والملابس وأجهزة التدفئة إلى إخوته في الدين في أرجاء المعمورة، حتى لو خصَّ بها، فقط، أبناءَ طائفته الشيعية التي يدّعي بأنه لا يسعى إلا إلى نصرتها وحمايتها والدفاع عن حقوقها؟.

ترى، ما الهدف، وإلى أين يريد الوصول، حتى وهو يرى مشروعه الامبراطوري الذي ولد ميتا يتلقى الضربات الموجعة، و(بعضها مميت)، في داخل دولته ذاتها، وفي كل مكان له فيه مليشيا وأسلحة ومعسكرات؟.

سؤال ليس له جواب.