الرسالة الربانية للتبليغ الإلهي، بخصوص الغدير، وخلافة يعسوب الدين، وقائد الغر المحجلين، إنما تتجلى بوضوح الحق وإتمامه، على يد وصي الرسول عليهما السلام، كما أن إختياره ليس طائفياً، أو مذهبياً، بل كان إختياراً، مستحقاً من العلي الأعلى، لأنه الإنسان الوحيد الوليد، في الكعبة المشرفة، وصاحب ليلة المنام، فداءً للنبي الكريم، صلواته تعالى عليهما وسلم، إنه صاحب الراية في خيبر، وقالع الباب، وقاتل الكفرة والفجرة من قريش، إنه صاحب لواء المسلمين، والحامي والذاب عن الرسول يوم أحد، وصاحب الخندق، إنه النهار الباهر، والقمر الزاهر، الذي لا يخفى على الناظر، في ظلام الجاهلية.
عندما نتحدث عن غدير خم، فإننا نعبر الى الطرف الأخر من الدنيا، في يوم قائض شديد، يهجر فيه المؤمنون عالمهم الظاهري، ليحصلوا على خير الدنيا والاخرة، بأن أتبعوا الأمر الإلهي، عن طريق رسولهم الكريم محمد عليه صلواته تعالى، في إكمال دينه، وإتمام نعمته، وإبلاغ رسالته، وبالتحديد خلافة الوصي، علي وإمامته (عليه السلام)
القارئ المتعجل لموضوعة عيد الباريء عز وجل الأكبر، وهو عيد الغدير فإنه يستعلي علينا، بأننا (عليا اللهون) أي عبدة الأمام علي (عليه السلام)، ونحن لسنا بذلك، رغم أن مناقبه، وآثاره، وروائعه، ومعجزاته، وكراماته، لا يمكن أن تحجبها الشمس، فيدعونها بين دفات أساطين الكتب، لأن لها أناسها الذين يقرؤونها، أما هم فسبيلهم ما مات عليه أصحاب السقيفة وبنو أمية.
الحديث عن العيد الجهادي الأكبر، في القرن الحادي والعشرين، هو الأخر يحتاج منا الفخر والإعتزاز، ذلك أن الفتوى صدرت في وقت، إستشعرت فيه المرجعية الرشيدة بالحدث الجلل، الذي ألم بعراق الحسين عليه السلام، فلولا هذه الفتوى الربانية، لإعادة أصحاب السقيفة الجدد مؤامراتهم، وإستمروا بإستباحة المقدسات، كما إستباحوا الكعبة المشرفة، والمدينة المنورة، عندما رميتا بالمنجنيق والنبال، أيام الأمويين الطغاة.
الغدير والفتوى قرار من الدرجة الأولى، وأكتسبا القطعية من مصدرهما، الخالق الواحد الذي لم يلد ولم يولد، فما كذبهما إلا مبغض لعلي وشيعته، وما صدقهما إلا موالٍ لأمير المؤمنين، وأنصاره محبيه، إنهما إمتداد طبيعي لخط الأنبياء والمرسلين، لوأد الفتنة بين المسلمين، وصدرا بقول وفعل صريحين.
لقد إكتملت الرسالة النورانية، يوم أعلن حفيد الدوحة العلوية، الإمام السيد علي السيستاني دام ظله الوارف، فتواه في الجهاد الكفائي، لأن إصدارها على الملأ، كان غديراً جديداً يطل على أصحاب العقيدة، والمذهب العلوي الحسيني، ضد معسكر النفاق، من أصحاب الفكر الوهابي المتطرف، الذي نسجت خيوطه السوداء في سقيفة بني ساعدة، وأستوطن أرض الحجاز، فخلطوا الحابل بالنابل، ليستشري العنف والتكفير، بين أبناء الدين الواحد.
ختاماً: فتوى الجهاد تكملة ربانية لعيد الغدير، فكلاهما يلتقيان في نقطة الوسط، وهي الولاية لمحمد وآل بيته الأطهار، والدفاع عن الأسلام من ظلم الطارئين عليه، والمعادين لأهل البيت، فطوبى لكم العيدين، أيها المحبين الموالين الصادقين العاشقين لعلي بن ابي طالب (عليه السلام).