الشاعر أبو تمام، يقول:
ليس الغبيّ بسيد في قومه
لكن سيد قومه المتغابي.
الشاعر أراد بالتغابي في هذا البيت الشعري، التغافل عن صغائر الأمور، وعدم أعطائها أكبر من حجمها.
النصوص الدينية الإسلامية، حثت على التغافل عن عيوب الآخرين، وأعتبرته أمراً ايجابياً للتواصل والتعامل مع الآخرين.
عُرّف التغافل هو أن يكون المرء عالماً بالشيء ثم يتعمد أن يظهر نفسه وكأنه لايعرف.
عن الإمام علي عليه السلام أنه قال:(من أشرف أخلاق الكريم تغافله عمّا يعلم).
عن الصادق عليه السلام أنّه قال:(صلاح حال التعايش والتعاشر ملء مكيال، ثلثاه فطنة وثلثه تغافل).
السيد والحاج أبو أسراء”نوري المالكي”، رئيس وزراء العراق في الحكومة السابقة، خرج علينا على أحدى القنوات الفضائية، وكعادته يتحدث لنا عن بطولاته التي لا تنتهي! وقال إننا تغاضينا وتغابينا عن كثير من الأمور، وعن تصرفات شركائنا في العملية السياسية، ثم ذكر قول أبو تمام، الذي ذكرته في مطلع المقال.
أحب أن ألفت أنتباه السيد المالكي، إن التغابي أو التغافل، على نحوين:”مذموم وممدوح”.
المذموم: ما كان بدافع الإساءة إلى الغير، كتغافل الغني عن حاجات الفقير، فعن الصادق عليه السلام انه قال:(السخاء فطنة واللؤم تغافل).
الممدوح: ما كان بدافع المحبة للآخرين وعدم إهانتهم، وجرح مشاعرهم، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام أنه قال:(… ولا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره والتغافل عن خطأه).
تساؤلات نوجهها للسيد المالكي:هل التغابي والتغافل، عن ضياع حقوق الناس، أمر جيد أم رديء؟ فألإمام الصادق عليه السلام قال:(ما عبد الله بشيء أفضل من أداء حق المؤمن)!
هل قتل 1700 مؤمن في سبايكر، تاركين وراءهم، دمعة يتيم، وأنين ثكلى، ولم يعاقب المتسبب في قتلهم، تغابي وتغافل مذموم أم ممدوح؟ عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:قال الله عز وجل:(ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن…).
هل تشريد العوائل وتهجيرهم بعد سقوط مدنهم، وأغتصاب نسائهم، والسكن بالعراء بلا مأوى، أمر حسن أم جيد؟
هل أنتشار وسرقة أموال الدولة، أمر نتغابى ونتغافل عنه أم لا؟
التساؤلات كثيرة يا سيادة دولة رئيس وزراءنا السابق، المؤمن الحاج” أبو أسراء”، لكنّي سأكتفي بهذه الامور، التي أعتقد إنها من الغباء وليس تغابي، ولكن مع ذلك سأنتظر منك الإجابة في لقاء آخر معك.. والسلام.