العالم المعاصر ميدان لصراع وتفاعل الأذكياء.
وكل أمة تؤهل أذكى أبنائها ليكونوا في مقدمة الركب.
وتحملهم مسؤولية الحاضر والمستقبل , وإرادة المصير.
والمجتمعات القوية ذات قدرات وطاقات ذكية.
والمجتمعات الضعيفة ضحية الكراسي الغبية.
وكلما إزدادت المسافة ما بين درجات الذكاء والغباء , إزدادت الفواصل ما بين الحالتين.
فالذكاء قوة.
والغباء ضعف.
وجمهرة من العقول الذكية المتفاعلة , تؤسس لحالة ذكية فائقة ومتميزة.
ومجموعة من العقول الغبية , تؤدي إلى صياغات أشد غباءً من واحدها.
وفي هذا الخضم القائم في الحياة , تتحدد معالم وإتجاهات الصيرورات الوطنية والمصيرية لكل مجتمع.
ففي المجتمعات المتقدمة يكون القادة , أكثر ذكاءً من المجموع العام , والمجتمع يمتلك آليات لتأهيل الأذكياء للوصول إلى مقدمة الركب وقيادة المسير , فيكون التفاعل والتنافس ما بين جمهرة الأذكياء , والمُعبّرين عن ذكائهم بما أوجدوه من مؤسسات ومشاريع , وصناعات ومبتكرات وإختراعات , ومنطلقات لرؤية الحاضر والمستقبل.
وفي المجتمعات المتأخرة , يكون القادة أصحاب ذكاء ضمن المعدل العام أو أقل منه , ولا تجد بينهم مَن هو صاحب ذكاء فائق , لأن هذه المجتمعات أوجدت آليات لإبادة الأذكياء , وطردهم وتهجيرهم والتخلص منهم , ذلك أن معاشر الأغبياء هم الذين يتمتعون بالقوة والقرار.
والذكاء يقاس اليوم من الكلام , والخطب والقدرة على إستخدام اللغة , ومن القرارات وإمكانية إدارة الحوار والتفاعل مع الآخر , وفي قابلية حلّ المشاكل والثقافة العامة.
ولو قيّمنا أصحاب الكراسي في مجتمعاتنا , لوجدناهم يعجزون عن حل المشاكل , بل بوجودهم تتفاقم , والأوضاع تتأزم , وتراهم يتمتعون بإدامتها والتوحل فيها.
ولو قارنا بين أي مسؤول في المجتمعات المتقدمة , وأي مسؤول في مجتمعاتنا , لإتضح الفرق في درجة الذكاء.
فتأملوا ما يحصل في مجالس المجتمعات المتقدمة ومجالس مجتمعاتنا , وقارنوا قدرات الخطاب وإستعمال اللغة , والنباهة والبديهية وسرعة الإجابة الدقيقة , وقدرات النظر والتقدير , وستعرفون لماذا نحن لا نستطيع حل أي مشكلة , وهم مؤهلون لإيجاد الحلول لأية مشكلة؟
فهل من إرادة وآلية لدفع الأذكياء إلى مقدمة ركب الحياة , في مجتمعاتنا المبتلاة بغيرهم , لكي نعاصر ونكون؟!!