11 أبريل، 2024 4:54 ص
Search
Close this search box.

الغاية من الأصوات العالية

Facebook
Twitter
LinkedIn

من الملاحظات التي يمكن أن يؤشرها أي متابع للشأن العراقي دون عناء في التفكير وجود أيادي خفية بنفوذ واضح تعمل على خلق تيارات متناحرة داخل البلد فتبدأ في إيجاد صراع قد يكون قوي جدا بين أتباعها وهو أيضا جزء من سياسة خلق الأزمات في بلادنا وهو جزء من نشاط أجهزة المخابرات الأجنبية التي تنشط في العراق والتي قد تنسق عملها فتتعاون أو قد تختلف حسب مصالحها لغرض شد انتباه المواطن عن مجريات أحداث بالتأكيد هي أهم بكثير من التناحر وليس حصرا وإنما مثال بسيط لتوضيح الفكرة فالسعي إلى اغتيال ناشط أو ناشطة مدنية على الفيس أو شخصية اجتماعية أو اختطاف طفل ليس بالحدث الجلل ولكن هناك من يطبل لجعلها قضية تحظى بحديث الساعة والرأي العام ولا نقلل من أهمية حياة أي مواطن ولا أهمية الفعل الذي يستهدف جانب مهم من مفاصل الدولة ويصيبها في سيادتها ويخل في الحفاظ على القانون وهيبته ويشير إلى وجود سلطة قد تكون أقوى من سلطة الدولة فامن المواطن من أهم واجبات الحكومة حسب دستور البلاد أو كما حصل في الأيام الأخيرة في ظاهرة موت وربما لا نقول القتل بمواد سامة لعشرات المئات من الأطنان من الأسماك في مناطق جنوب بغداد وانتقال الظاهرة إلى مناطق أخرى كالديوانية والكوت والناصرية على الرغم من إنها قد لا تقع على مجرى نفس النهر ومعلوم أهمية هذا الحدث وتأثيره على اقتصاد البلد الذي يعاني كثيرا من سوء الإدارة السياسية وضعف كفاءة العاملين عليه وانعدام التخطيط في الإنفاق من جانب المواطن والحكومة فثروات البلد لا نهاية لها وأمواله كثيرة جدا يمكنها أن تجعل الجميع يعيش في مصاف مواطني البلدان المنعمة من دول الجوار أو غيرها لكن سوء التخطيط وعمليات النهب المنظمة جعلته يعاني في إيجاد لقمة العيش التي تغنيه عن الاستجداء وقد تناولتها وسائل الإعلام بكثير من الاهتمام رغم أهميتها وكأنها مشكلة المشاكل التي ستضيع مستقبل العراق وأهملت كثير من مشاكل المواطن الذي يعاني من إهمال التعليم والصحة والخدمات البلدية والبطالة ومعاناة الشباب من الأمي إلى خريج الجامعة وحتى حملة الشهادات العليا التي تعتبر أم المشاكل والسبب الرئيسي في انتشار كثير من الآفات الاجتماعية الخطيرة في عموم العراق ومدن البلد في أكثر من ثلثه تعاني من التهديم والخراب وجثث تحت الأنقاض ومئات الآلاف لا زالوا يسكنون الخيام ومعسكرات اللجوء ومثلهم في خارج البلاد يتسولون في بلدان العالم.

وعودة على ذي بدء ولكي لا نذهب بعيدا عن صلب موضوعنا فان أجهزة المخابرات العاملة بقوة مع الأسف في البلاد تعمل على إثارة الفتن فتستثمر كل حدث أو ظاهرة ممكن أن تشد انتباه المواطن إلى أشياء لا أهمية لها بالقياس إلى الأهم في تحديد مستقبل البلد فبعد الحملة الإعلامية الكبيرة التي عشناها أثناء الدعاية الانتخابية في سعي الجميع إلى تجاوز النهج الطائفي والعرقي الذي سارت عليه القوى السياسية في تشكيل حكومات الدورات الانتخابية الثلاث الماضية وتخلي الجميع عن أسلوب التمسك بكراسي الحكم والصيحات التي رافقت تلك الحملة في الابتعاد عن انتخاب الفاسدين والمجرب لا يجرب وما رافقها من أحلام وردية عشناها في تلك الفترة جاءت نتائج الانتخابات لتجعلنا نعيش صدمة تزوير نتائج الانتخابات على لسان أعلى مستويات الحكومة وصدرت تصريحات من الدكتور حيدر ألعبادي وأطراف مجلس وزراءه بل وقد صدرت تشريعات من البرلمان في الوقت الضائع تؤكد وجود عمليات تزوير كبيرة وسرقة أصوات من ذهب إلى الانتخابات بنية صادقة أملا في الإصلاح والتغير وتشكل مجلس مفوضية من قضاة لهذا الغرض ولكن النتائج جاءت على غير ما توقع الجميع وكانت بالشكل المعروف الذي نحن عليه اليوم وفي داخل البرلمان الجديد علت الأصوات في عمليات شراء أصوات أعضاء البرلمان أنفسهم فما بالك بما سيحصل بعد ذلك .

باستثناء بعض الكتل السياسية والله اعلم بالمقاصد من وراء إجراءاتها فان الجميع تمسك ودون حياء بالنهج القديم وتوزيع المقاعد الوزارية حسب الاستحقاق الانتخابي فمن يملك عددا اكبر من مقاعد البرلمان يحق له المطالبة بعدد اكبر من الحقائب الوزارية ومناصب الحكومة وأصبحنا نسير على عرف لم يتطرق إليه الدستور ولكن الجميع يعترفون به فمن المستحيل أن يكون رئيس الجمهورية من غير الكرد ونفس الشيء لا يمكن جعل رئيس البرلمان إلا سنيا ولا بد أن يكون رئيس الحكومة شيعيا وانفلت المنصب هذه المرة بأعجوبة من حزب الدعوة وسلم إلى السيد عادل عبد المهدي على أساس انه شخصية مستقلة في تجاوز لكل انتماءاته السياسية السابقة وعشنا مرة أخرى في حلم جميل بأنه سيختار الأكفأ والأصلح دون ضغوط من الكتل السياسية ولكن المفاجئة كانت اكبر في ساعة إعلان الكابينة الوزارية والتصويت على حقائبها ولكي تمشي الأمور وفق ما اقره وأوجبه الدستور تم التصويت على أكثر من نصف الحقائب الوزارية وها نحن نعيش مشكلة ربما يتم سحب الثقة عن بعضها بينما يستمر الصراع بأشده على الحقائب التي يفترض أن تكون ثمانية الباقية دون حياء من أبناء هذا الشعب الذي أعياه تعب انتظار تشكيل الحكومة منذ قرابة الستة أشهر في ظاهرة لا توجد في أي دولة أخرى في العالم .

حين نقول إن هذا بتأثير قوى خارجية من خلال أجهزة مخابراتها العاملة في العراق فهذا دليله القذر فما تبرير أن تباع المناصب الوزارية لمن يدفع أكثر فكيف استطاع هذا الشخص أو ذاك من جمع مبالغ تصل إلى ملايين الدولارات والشعب يعاني من الجوع وهل سيسعى إلى استردادها حين استيزاره ولماذا تصر كتلته على تعينه وأين مقاييس الوطنية في هذا وهكذا دواليك يتم يعلو الصياح في موضوع ليتم تمرير آخر اخطر منه ولن تتغير الضحية في كل الأحوال وهو الشعب العراقي الصابر.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب