19 ديسمبر، 2024 5:57 ص

الغاز يحرق كردستان اسرع من النفط

الغاز يحرق كردستان اسرع من النفط

منذ بداية ازمة اسقاط الطائرة الروسية والتصعيد بين روسيا ولتركيا والحكومة العراقية تلتزم جانب الصمت ولم تدلي بأي تصريح وهذه نقطة تحسب للحكومة التي لم تكن معنية بتصريحات بعض السياسيين ممن لايحبون الاتراك او من باب الميول نحو روسيا وتوجهها الجديد في الشرق الاوسط ،ولعلم الحكومة العراقية ان التصعيد الحالي هو نتاج لتراكمات اكثر من عقد من الزمن وليس وليد الازمة السورية الحالية ،فأغلب مايصدر من تصريحات في هذا  الاطار لاتخدم العراق بما في ذلك تصريحات  رئيس لجنة الطاقة في برلمان إقليم كردستان العراق شركو جودت، الذي عبر عن استعداد الإقليم لتلبية احتياجات أوروبا وتركيا من الغاز الطبيعي، مشيراً إلى أن “الإقليم غني بمكامن البترول والغاز، التي لم يتم الاستفادة منها حتى الآن”،مبشرا في تصريحاته للأناضول، أن “الإقليم وتركيا وقعا اتفاقاً استراتيجياً، بشأن نقل غاز الإقليم إلى أوروبا عبر تركيا، يدخل حيز التنفيذ عام 2017” بعد اكتمال مد الانبوب، لافتاً إلى أن “الإقليم يمكنه سد حاجة أوروبا بعد انقطاع الغاز الروسي عنها”.

    هذا التصريح الذي ادلى به النائب عن برلمان اقليم كردستان كفيل بأن يحرق كردستان بسرعة ،فنحن نعلم ان معظم مشاكل العالم اليوم هو بسبب الطاقة وخصوصا الغاز الذي تعتبر روسيا هي المصدر الاول في العالم له والمستحوذ على سوق الطاقة في اوربا الذي يشكل الغاز فعلياً مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين مع تراجع احتياطي مخزون النفط عالمياً، لذلك فقد حسم الاقليم بهذا التوجه امره بالضد من روسيا وربط مصلحته بتركيا التي فشلت في اتمام مشروع غاز نابكو الذي  تعتبره روسيا محاولة لتحويل تجارة الغاز الطبيعي من آسيا الوسطى الى اوروبا مرورا بتركيا  بعيداً عنها، وهذا المشروع مدعوم من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة كمحاولة للخلاص من الهيمنة الروسية وتفردها بسوق الغاز ،فلقد اشترت روسيا بعقود طويلة الاجل غاز كل من تركمانستان واذربيجان مع ضمان ان ايران لن تدخل سوق الغاز الاوربي خلال هذا الفترة الى ما بعد مرحلة انتهاء العقوبات على ايران بسبب توقيع الاتفاق النووي الاخير.

    روسيا لن تسمح بدخول اي غاز اخر الى اوروبا  مالم يتم عن طريقها ،وتركيا تتأمل ان تكون عقدة لتجميع الغاز من اسيا الوسطى والعراق ومن ايران و قطر ومصر مرورا بسوريا والاردن حيث يوجد نحو 70 في المائة من الاحتياطيات المعروفة في العالم من الغاز وضخه بأتجاه اوروبا كي تستفيد نحو 630 مليون دولار كرسوم عبور سنوية كما أنه سيمكنها من شراء حاجاتها من ذلك الغاز بسعر منخفض.

    البحث عن مصادر دخل جديدة للاقليم لايبرر دخوله وسط لعبة المصالح الكبيرة بين الجغرافية والسياسة والطاقة والتي تؤدي الى الهلاك احيانا فيما لو لم تحسب خطواته بشكل جيد وقد يراها البعض  محاولة غير موفقة لاستمالة جهة ضد اخرى قد تكون نتائجها عكسية على الاقليم ومن ثم على العراق خصوصا اذا كان مخزون الاقليم من الغاز ما يقارب الـ200 تريليون متر مكعب ،اي ان هذا الرقم لايستهان به في احصائيات مخزون الغاز الطبيعي العالمي .

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات