23 ديسمبر، 2024 4:24 ص

الغارة ومداخلاتها ..!

الغارة ومداخلاتها ..!

لا أزعم ولا أدّعي أنَّ الغارة الأمريكية التي إنقضّتْ على أحد سجون تنظيم داعش في ” الحويجة ” , بأنّها تخلو من الملابسات والخلل في طريقة نشرها ” إعلامياً ” ثمّ في طريقة عرضها وبثّها ” فيديويّاً ” .! , وفي المحصّلة فأنَّ مجمل الإخراج الإعلامي لها لمْ يكن ناجحاً إنْ لمْ يكن مكسوّاً بألوان الفشل .
   التناقضات التي طغت على تصريحات الأطراف ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالغارة الأمريكية , قد ساعدت والى حدٍّ كبير في تشكيل صورةٍ ذهنيّة مشوّشة ومُضلَّلة ومُضلِّلة لدى قُطّاعاتٍ وفئاتٍ غير قليلة منَ الرأي العام العراقي , أمّا عن ردود افعال مختلف القادة السياسيين وآرائهم حول هذه الغارة فهي ليست موضوع حديثنا هنا .
منْ الناحيةَ الفنيّة او العسكرية المجرّدة فأنَّ هكذا عمليات تقوم بها قوّات النخبة الخاصة فأنها تعتمد بالدرجة الأولى على عنصر المباغتة والكتمان اولاً , ثُمّ على عنصر السرعة الفائقة ” والمحسوبة حتى بأجزاء الثانية في اختيار التوقيت الدقيق للشروع بالعملية ثانياً , وأحد الأدلّة البارزة في ذلك هو عدم إبلاغ الرئيس اوباما بالعملية .! , إذ بدا أنَّ التحضير وتوقيت البدء في الغارة ذات الطابع المخابراتي لم يكن يتحمّل اية دقائق تتطلبها اجراءات ابلاغ الرئيس الأمريكي في ذلك , ولربما رفضه للعملية .! , وهنا < فنحن لسنا بصدد الدفاع او النقد للغارة الأمريكية > وإنما نحاول تفكيك مداخلات هذه العملية ” إعلامياً ” وعرضها على الرأي العام , ودون أنْ ننفي او نؤكّد إحتمالات وجودِ اكثر منْ حَلَقةٍ مفقودةٍ فيها , فمثل هذه الإحتمالات ليست واردة فحسب , بل ربما قابلة للتوسع ايضاً .
في بدءِ الإعلان الأمريكي عن الغارة وتفاصيلها , فقد ادّعوا الأمريكان بأنَّ هنالك أسرى من المقاتلين الكرد من بين الرهائن , ثمّ ما لبثت قيادة الأقليم أنْ اعلنت عدم وجود ايٍّ من القومية الكردية من بينهم .! , وزارة الدفاع العراقية تعلن بدورها عن علمها بالعملية برمّتها بينما يؤكّد الكولونيل – العقيد ” وارنر ” المتحدث الرسمي للقيادة الأمريكية في العراق وبنبرةٍ حادّة عن إبلاغ الحكومة العراقية مسبقاً بالغارة , وهنا يبرز سؤالٌ ملفتٌ للأنظار وبزاويةٍ حادّةٍ للغاية ! فكيف يتمّ تبليغ حكومة العراق بالعملية قبل إبلاغ الرئيس الأمريكي بذلك .!؟ , ونستنتجُ منْ ذلك أنّ الجانب الأمريكي قد أبلغ القيادة او الحكومة العراقية بعد الإنتهاء من الغارة , وهذا الإستنتاج هو على أقلّ تقدير .!
   في العمليات التي تنفذها القوات الخاصة والمخابرات العسكرية للدول المتقدمة في هذا الجانب ومنها اسرائيل , فأنهم يحرصون للغاية أنْ يشارك  اكثر من عنصرٍ مدرّب ٍفي تصوير وتسجيل تفاصيل العملية ” كالغارة الأمريكية هذه ” وليس الغرض الرئيسي من وراء ذلك هو لعرض انجازاتهم العسكرية عبر وسائل الإعلام , وإنّما الهف من ذلك ” اولاً ” هو لدراسة العملية والإستفادة من نقاط الضعف والقوة فيها , لكنَّ الفيلم الفيديوي القصير عن تحرير الرهائن في سجن الدواعش , فقد كان مجتزأً ولمْ يعرض عملية اقتحام السجن ولا مقاومة الدواعش ولا حتى جثث مقاتلي هذا التنظيم الذين جرى قتلهم في هذه الغارة حسبما اعلن الأمريكان عنهم وعن اعدادهم .! , ثمّ أنّ هذا الفيديو قد تمّ الإنفراد ببثّه حصرياً ” وبأيعازٍ امريكيٍ ” منْ قبل وكالة ” روداوو ” الكردستانية , ووكالة رويترز البريطانية , وبدا أنّ القيادة الأمريكية قد تعمّدت أن لا يجري عرض لقطات هذا الفلم الفيديوي عبر ال CNN  الأمريكية المتخصصة بعرض الأحداث الخارجية .
والى ذلك , فمن الواضح أنَّ هنالك حرصٌ وتعمّد من رئاسة الوزراء العراقية على عدم الإعلان عن عِلمِها المسبق بالغارة الامريكية او التظاهر بعدم علمها بذلك , ولربما يعود احد اسباب ذلك لتحرّجها او علاقتها ببعض مراكز القوى في الداخل , او لغايةٍ في نفسِ السيد يعقوب ايضاً .!
موضوع الغارة الأمريكية وكما اشرنا في اعلاه , لا يخلو من شوائب وجسيمات غامضة لا يستطيع الميكرسكوب السياسي والأمني في العراق من كشفها او اكتشافها .! , لكنّ ما يهمنا اكثر من غيره هو تحرير رهائنٍ عراقيين من ايّ قوميةٍ او عِرقٍ او مذهب , حتى لو كانوا كُفّاراً ..!