اعلنت وزارة النفط العراقية لثلاثاء 27 مايس“بطلان” اتفاقيتين بين شركتي طاقة أميركيتين وحكومة إقليم كردستان العراق، في خطوة تُعيد توتير العلاقة بين المركز والإقليم، مبررة ذلك بعدم حصولهما على موافقة اتحادية. وتأتي هذه الخطوة استنادا إلى حكم صدر في 2022، اعتبرت المحكمة الاتحادية العراقية قانونا للنفط والغاز ينظم قطاع النفط في كردستان العراق غير دستوري، وطالبت سلطات الإقليم بتسليم إمداداتها من النفط الخام , وشددت الوزارة على أنه «رغم حاجة العراق لتعظيم استثمار الغاز وسد الحاجة المحلية لتشغيل محطات توليد الكهرباء في البلاد، فإن الإجراءات المتخذة من قبل حكومة الإقليم تعد مخالفة صريحة للقانون العراقي»، مؤكدة «بطلان هذه العقود» استناداً لدستور جمهورية العراق وقرارات المحكمة الاتحادية,, ولكن سرعان ما خففت الأخيرة من لهجتها، مكتفيةً بالدعوة إلى «التزام الدستور» في معالجة قضية تُعدّ سيادية وبهذا المستوى من الأهمية,حيث ادركت بغداد والفاعلين في الاطار انه في ظل التحولات الإقليمية والدولية، أنهم بدأوا يخسرون تدريجياً موقعهم في العلاقة بالولايات المتحدة لمصلحة طهران، التي تبدو كأنها تلعب الآن في الوقت بدل الضائع من علاقاتها بالمجتمع الدولي، وفي مقدمته واشنطن, وكتبت وزارة الخارجية الأميركية على موقعها على منصة «إكس»: «يسعدنا أن نرى العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وإقليم كردستان العراق تتوسع بتوقيع اتفاقيات مع شركات أميركية. ستعزز هذه الشراكات إنتاج الغاز في العراق، وستعود بالنفع على شعبينا
ويرجح مراقبون أن هذا القرار ليس مجرد تطبيق قانوني، بل يحمل بصمات سياسية قوية، قد تكون بإيعاز من قوى “الإطار التنسيقي” الشيعي، التي تشكل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي ولها نفوذ كبير على الحكومة المركزية، تسعى لتعزيز صلاحيات بغداد في إدارة الثروات النفطية والغازية في عموم البلاد، بما في ذلك إقليم كردستان. ويمتد تأثير إلغاء هذه الاتفاقيات إلى ما هو أبعد من أروقة السياسة الداخلية، ليُلقي بظلاله على مشهد الاستثمار والعلاقات الدولية، فإلغاء عقود بهذا الحجم مع شركات أميركية يبعث رسالة سلبية قوية للمستثمرين الأجانب الطامحين للعمل في العراق، ويهدد بشكل مباشر جهود جذب رؤوس الأموال اللازمة لتطوير قطاع الطاقة الحيوي, وقال مراقبون ان هذا القراريصب زيتا على نار الخلافات المزمنة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم حول إدارة الثروات والصلاحيات الدستورية، مما قد يزعزع استقرار البلاد برمته
ويكتسب القرار أبعادا جيوسياسية معقدة، فالصفقات المُلغاة مع شركات أميركية قد تؤثر سلبا على علاقات العراق بواشنطن، خصوصا في سياق الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية القائمة. وقد يُفسر هذا التحرك أيضا على أنه انتصار لنفوذ قوى إقليمية لا ترغب في تعزيز الروابط الاقتصادية الكردستانية مع الغرب، مما يزيد من تعقيد المشهد الإقليمي
وفي مواجهة قرار بغداد، تترقب الأنظار الخطوات التالية التي ستتخذها حكومة إقليم كردستان،حيث يُتوقع أن يلجأ الإقليم إلى تصعيد دبلوماسي، ساعيا لحشد الدعم الدولي، خاصة من الولايات المتحدة، للضغط على الحكومة الاتحادية وإبراز تداعيات القرار السلبية على مناخ الاستثمار والاستقرار الإقليمي ,, واكد محللون ان المعترضون من حكام بغداد على اتفاقية الطاقة التي ابرمها مسرور بارزاني مع عمالقة الطاقة الامريكية لا يمثلون شيعة العراق بل هم امتدادلعقيدة الولاء لايران , وسلطة المرشد والحرس وتصدير الثورة الإيرانية والتمدد على العراق والمنطقة – واضافواان هولاء لا يرعبهم ان تَسرق ايران والكويت الحقول النفطية المشتركة بل حكومتهم و وزارة النفط العراقية تهرب النفط وتزور وثائقه ناهيك عن نهب مباشر للنفط والميزانيات بإشراف احزاب الحكومة الولائية , وقالوا ان العقود التي وقعها اقليمكردستان باشراف رئيس حكومة إقليم كوردستانمسرور بارزاني، على مراسم توقيع اتفاقيتين في قطاع الطاقة، وذلك في مقر غرفة التجارة الأمريكية بواشنطن تمثل رسالة واضحة ومباشرة بان الكردحليف واشنطن الاقوى , وكوردستان صمام الأمان العراق يرفض الخنوع للفاسدين والارهابين وآن الاوان لولادة حكومة عراقية دستورية متحضرة متحررة من العقد التأريخية ,كما انها تمثل رفضا كرديا وسنيا للطبقة الولائية ورفضهم الشديد المتمرد للاستحواذ والهيمنة التي يمارسها الاطارالجائع الفاسد
وكان عقدان أبرمتهما حكومة كردستان العراق قيمتهما 110 مليارات دولار مع شركتي «إتش كَي إن إنرجي» و«وسترن زاغروس» الأميركيتين في واشنطن، فجرا أزمة جديدة بين أربيل وبغداد التي أعلنت «بطلان» الصفقتين، مع إصرارها على عدم إمكانية المضي قدماً فيهما دون موافقة الحكومة المركزية,, كشف رئيس الوزراء كردستان العراق مسرور بارزاني خلال زيارته لواشنطن عن هذه الصفقات، وتعهد بالإشراف الشخصي عليها. وفي حين روّجت حكومة إقليم كردستان لهذه الصفقات باعتبارها ضرورية لتلبية احتياجات كردستان من الطاقة، اعتبرتها وزارة النفط العراقية تجاوزاً صارخاً , ورفضت وزارة النفط الاتحادية للإجراءات الخاصة بتعاقد وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان لاستثمار حقل (ميران) وحقل (توبخانة – كردمير) في محافظة السليمانية». وأضافت أن «هذه الإجراءات مخالفة للقرارات الصادرة من محكمة التمييز الاتحادية، التي أشارت إلى عدم شرعية العقود المبرمة بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة 59 – اتحادية 2012 وموحدتها 110 – اتحادية 2019
ويعتقد محللون أن «العقود الجديدة التي أبرمها الإقليم مخصصة ربما لسد العجز الداخلي، خاصة فيما يتعلق بالغاز الذي تشتد حاجة البلاد إليه، وغير مخصصة للتصدير خارج البلاد، ومع ذلك الأمر بحاجة فعلية لاتفاقات واضحة وشفافة بين بغداد وأربيل، وهذا ما لم يحدث حتى الآن , ويعتقدون أنه من مصلحة العراق المالية إيقاف تصدير النفط الكردي عبر جيهان؛ بالنظر لتكلفته العالية بالقياس إلى أسعار النفط في الحقول الجنوبية للبلاد». ويستبعد «اتفاق بغداد وأربيلعلى صيغة للتفاهم وعودة استئناف النفط خلال عمر الحكومة الحالية التي توشك على الانتهاء، والمرجح أن المشكلة سترحل إلى الحكومة المقبلة، مثلما جرت العادة مع الحكومات السابقة بالنظر للظروف المعقدة والشائكة المرتبطة بهذا الملف
وتأتي هذه الزيارة في ظل تصاعد التوترات بين أربيل وبغداد بشأن ملف النفط، بعد توقف صادرات الإقليم عبر ميناء جيهان التركي، والخلافات المستمرة حول آلية تسليم الإيرادات وتوزيع الحصص في الموازنة العامة.وبينما تسعى حكومة الإقليم إلى تعزيز استقلالها الاقتصادي عبر جذب الاستثمارات الأجنبية، تصر بغداد على مركزية إدارة الموارد، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاقتصادي في العراق, النجاح الحقيقي للزيارة جاء من كونها تخطت مرحلة طلب الدعم لتصبح خطوة استراتيجية لإعادة تموضعالإقليم على الخارطة الدولية.كما أنَّ الدعم الأميركي الواضح للمكانة الدستورية للإقليم أرسى قاعدة جديدة للتعاون السياسي والأمني، حيث اعتبرت واشنطن كوردستان شريكًا في الأمن والاستقرار، لا عبئًا على الحكومة العراقية.
يشكل ملف النفط والغاز في إقليم كردستان محورًا لأزمة عميقة ومعقّدة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية في بغداد. ورغم التغيرات السياسية والاقتصادية التي شهدها العراق، لم تُحل هذه الأزمة، ولا يزال المواطن الكردي هو الضحية الأولى، حيث لم يجنِ أي فائدة حقيقية من ثروات الإقليم النفطية، بينما يتحمل الأعباء المالية والاقتصادية وحده, وتوسعت العقود النفطية في الاثليم عامي 2008 و2009 لتشمل أكثر من 40 اتفاقًا مع شركات عالمية، وبدأت 27 شركة منها عملياتها داخل الإقليم,, لكن في 2023، تدهورت العلاقة بين هوليروبغداد بسبب قضية رفعتها بغداد أمام محكمة باريس، مما دفعت العديد من الشركات إلى الانسحاب,,
في 2013، أعلنت حكومة الإقليم مشروع “الاقتصاد المستقل”، ووقعت اتفاقًا طويل الأمد مع تركيا لتصدير النفط عبر ميناء جيهان، لكن تفاصيله ما زالت غير معلنة, ومنذ ذلك الحين، تُصدّر هوليرالنفط بشكل مستقل وترفض تسليمه لشركة “سومو” العراقية، بينما تطالب بغداد بعائدات النفط وتعتبر أن الإدارة الحالية تخالف الدستور , في 2014، أوقفت بغداد صرف حصة الإقليم من الموازنة، مما زاد تعقيد الأزمة. وفي كل عام، تجري محاولات لعقد اتفاقات بين الطرفين حول الموازنة والنفط، لكن دون تنفيذ فعلي , في عام 2018، رفعت بغداد دعوى ضد تركيا لدى محكمة باريس، التي حكمت لاحقًا بإلزام تركيا بدفع تعويض قدره 2 مليار دولار. وفي مارس 2023، أوقفت أنقرة تصدير نفط كردستان عبر ميناء جيهان ولم تُستأنف العمليات حتى الآن
رغم أن الإقليم صدّر النفط بشكل مستقل منذ عام 2008، إلا أنه يعاني من ديون تتجاوز 20 مليار دولار، معظمها مستحقات غير مدفوعة لشركات النفط. وزارة النفط الاتحادية تؤكد عدم توفر معلومات دقيقة عن هذه الديون أو تفاصيلها , يظل غياب قانون موحد للنفط والغاز في العراق أحد أهم أسباب الأزمة، حيث لم يُقر البرلمان القانون حتى الآن، رغم أنه ينص، وفق المادة 112 من الدستور، على إدارة الثروات بالتعاون بين المركز والإقليم, في شباط 2022، قضت المحكمة الاتحادية بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، لكن الإقليم رفض القرار واستمر في تصدير النفط
الخلاصة — وزارة النفط العراقية رفضت هذه الاتفاقيات واعتبرتها مخالفة للدستور، مؤكدة أن الموارد الطبيعية ملك لجميع العراقيين ويجب التنسيق مع بغداد قبل التوقيع على أي عقد رغم تدخل وزارة الخارجية الأمريكية ودعوتها لاحترام الاتفاقات، تصر بغداد على موقفها، فيما يرى مراقبون أن واشنطن تدعم الاتفاقات ولن تسمح باتخاذ إجراءات عقابية ضد الإقليم في موقف معلن يظهر أن العلاقة بين إدارة الرئيس الأميركي دونالدترامب والحكومة العراقية برئاسة محمد شياعالسوداني ليست على ما يرام، وأن موضوع النفط قد يكون غطاء لخلافات أوسع، وهذا ما يفسر عودة الدعم الأميركي المعلن لإقليم كردستان , ولجوء الشركات الأميركية لتوقيع اتفاقية استغلال آبار نفطية في إقليم كردستان مع ممثلي الإقليم وليس مع الحكومة العراقية هو رسالة سلبية من واشنطن للسوداني خاصة وهي تعرف حساسية استغلال النفط في الإقليم والمعركة القانونية حوله وعملية تعطيل التصدير التي تقوم بها الحكومة الاتحادية بهدف إجبار الإقليم على أن يتحرك تحت مظلتها، وأن يكون النفط تحت سيطرتها مقابل حصول الإقليم على موازنة واضحة.: الحكومة الاتحادية لديها تحفظات على اتفاقيات الطاقة التي أبرمها إقليم كردستان , وتخير واشنطن السوداني بين التحرك بجدية لإنهاء نفوذ إيران وحسم مشكلة ميليشيات الحشد مقابل فتح قنوات التواصل معه مجددا، أو أنها ستمضي في دعم إقليم كردستان سياسيا واقتصاديا والتعامل معه كجهة شرعية بما في ذلك سن الاتفاقياتويظل هامش المناورة أمام السوداني محدودا لمواجهة هذا الوضع، فهو لا يستطيع الاحتجاج على الموقف الأميركي المنحاز للأكراد، والذي يقفز على الحكومة وصلاحياتها، كما أن السكوت سيجعله تحت ضغط الأحزاب الموالية لإيران، والتي تريد أن تضع بغداد في مواجهة مع الأميركيين لتخفيف الضغوط عن طهران بعد سلسلة خسائرها الإقليمية .