بصرف النظر عمّا يُشاع من تفسيرٍ ، في إختيار ألوانه ، و ما كان قد نُسِبَ الى بيتِ الشعر المعروف ، للشاعر صفي الدين الحلي :
بِيضٌ صَنائِعُنا ، سودٌ وقائِعُنا ، خِضرٌ مَرابعُنا ، حُمرٌ مَواضِينا
إلاّ أن الحقيقة تروي لنا شكلا آخر ، غير معهودٍ في حياة البشر.
إن الألوان الرئيسية فيه ، هي الاحمر و الاسود ، اللذان يُشكلان الثلثين من مساحته ، في الجزء الاعلى و الاسفل منه.
إن هذين اللونين ، يحكيان قصة (الدم) و (الحزن و الألم) ، الدم الذي إصطبغت الارض منه ، فأصبحت حمراء قانية ، و الاسود الذي توشحت به صدور الامهات ، فأصبحت مُثقلة بالهموم و ثكلى بالاحزان.
و هنا جاءت لمسات الفنان ، ُتحاكي الحلم المنسي ، و الامل الضائع لتهب الحياة ، ليرسم لوحة فنية ينبثق منها تعبير يبث فيها عذوبة الروح ، على إيقاع معزوفة أنغامها ، متفائلة ، حينما نثر بأنامله و رقة فرشاته ، بريق اللون الاخضر الزاهي ، فوق هامات نجومها ، وهي تتلألأ في وسط بياض لون قلبه الناصع ، لتغمر عقولنا و أفئدتنا بدفء تلك النجمات الثلاث ، بأشعتها الخماسية ، و هي ترسل بريقاً أخاذّاً ، يصدح بالهدف المنشود ، الذي ننشده و نتطلع اليه ، مهما باعد الزمن بيننا ، و مهما طال الزمن لتحقيقه ، في (الاستقلال) و (الحرية) و (العدالة و الكرامة الاجتماعية) و لكن أعداء الخير و الحب و السلام و الانسانية ، أرادوا تزييف الحقيقة ، كعادتهم ، فاجتثوا النجمات الثلاثة ، كما إجتثوا زهرة شباب العراق ، فانحسر الضياء ، و إدلهمت الخطوب ، و غرقت الدنيا ليلاً و ظلاماً و أشباحاً ، بعد أن كانت بشائر للخضرة و الماء و الخير ، معلّلين ذلك بذرائع باطلة ، و حجج واهية ، بأن تلك النجوم المضيئة ، تمثل أهداف حزبٍ ، كان قد قاد مسيرة العراق لسنوات قد إنصرمت و مضى أوانها.
و يأتي تصوير العَلَم في الأبيات الشعرية الرائعة ، للشاعر العراقي الراحل جميل صدقي الزهاوي:
عش هكذا في علو أيها العلم
فإننا بك بعد الله نعتصم
إن العيون قريرات بما شهدت
والقلب يفرح والآمال تبتسم
إن احتُقرتَ ، فان الشعب مُحتقرٌ
أو احتُرمت ، فان الشعب مُحترمٌ
فان تعش سالماً عاشت سعادته
وان تمت ماتت الآمال و الهمم
هذا الهتاف الذي يعلو فتسمعه
جميعه لك ، فاسلم أيها العلم
و قد أثبتت التجارب ، أن جميع الشعارات و جميع الاديان و المذاهب و الاحزاب و الافكار قد فرّقت العراقيين ، و لم يوحّدهم غير العلم العراقي و رمزيته ، و الذي يلتف به كلاً من (الشهيد) المتوفى ، و يحتضنه و يرتديه (الحيّ) الذي يتفاخر به ، على حد سواء.
لقد أضحى شرفاء و أحرار العراقيين يقدسون العَلَم العراقي و يقفون اجلالاً له ، حينما يتباهى و هو يرتفع ليصل الى ناصية ساريته الشامخة ، لقد اصبح للعراقيين يوم العَلم ، ووقفة العَلم ، و نشيد العَلم ، و خدمة العَلم ، و شرف العَلم الذي لم يُطأطأ رأسه و لم يُنكّس بيرقه ، و العراق هو الدولة الوحيدة التي لم يُنكّس فيها العلم ليزيده عزة و منعة و بهاءا ، لان الشعوب بأعلامها و رموزها و عمق تأريخها و مجد حاضرها و انطلاق مستقبلها.
أرجو مشاهدة الرابط أدناه