مهما يجري من احداث جديدة في، هذه الحياة الدنيا سواءً كانت مفرحةً او حزينة تبقى البراءة الطفولية تأخذ مسارها المحايد والبعيد احيانا من مواقع الصدمات…
مساء يوم امس كنت اقف امام باب منزلي في مدينة الموصل واشاهد حركة المارة الغير طبيعية لمناسبة قرب عيد الفطر المبارك ولتوفر الامن والامان والحمد لله وتوجه الناس الى الاسواق التجارية للتبضع بما تطلبه هذه المناسبة من احتياجات خاصة او عامة وما اثار انتباهي مرور طفلة بعمر ستة او سبعة سنوات وهي تحمل معها ملابس العيد التي اشتراها لها اهلها وقد انتبهت لشرائها ما تسمى اطواق للشعر توضع في الرأس وهي من الاكسوارات الموجودة في الاسواق ولكنها قد وضعت طوقين اثنين وعندما سألتها طوق واحد يكفي قالت وببراءة الطفولة ان الاسواق في العيد مغلقة وربما تفقد احد هؤلاء الاطواق فكيف تكمل عطلة العيد مع صديقاتها وقد قامت بشراء الثاني من باب الاحتياط..
وانني رأيت يشهد الله فرحتها بالعيد وشرائها للملابس فرحةً لا يمكن وصفها.. فتذكرت الطفولة التي كنا نعيشها في ستينات وسبعينات القرن الماضي. وكيف كان يمر بنا العيد وفرحتنا المعنوية وليس المادية وكيف كانت ملابسنا التي تعتبر قطعة من القماش وبالوان بسيطة وتخيطها لنا احدى نساء القرية التي يملك اهلها ماكنة الخياطة فاذا كانت قطعة القماش تكفي لخياطة ما تسمى دشداشه فتقوم بذلك واذا كانت اقل من ذلك فسوف تقوم بعملها(( بجامة))
وفي كلا الحالتين تكون هي ملابسنا في العيد..
اطفال اليوم يشترون ملابسهم في كل عيد ومناسبة واعياد هذا الزمان كثيرة فعيد الفطر وعيد الاضحى المباركين الموجودان في عهدنا القديم اضيف اليهم اليوم عيد الميلاد او رأس السنة وعيد ميلاد الطفل نفسه وعيد التخرج وعيد الاب وعيد الام وغيرها من الاعياد التي صنعناها بأنفسنا ولاوجود اساس لها…
تبقى فرحتنا في تلك الايام مميزة ولها طعم خاص لأننا كنا نعيش على فطرة سليمة بعيدة من ضوضاء السيارات والاسواق والعصرنة الحديثة.. كنا لا ننتظر العيد في القرى والارياف الا من اجل ابتسامة وجوه الناس مع بعضها ورغم قلة مبلغ العيدية الا اننا كنا نتفاخر به ونعتبره كبير جدا… ورغم ان اغلب الاعياد تمر علينا دون ملبس جديد الا ان ملابسنا المغسولة بطهارة ماء دجلة وبركة ايادي الامهات ورائحة الطشت والصابون الحلبي يعطيها ميزة خاصة نلبسها وكأنها جديدة…
وكانت مأكولات العيد في اول يوم من ايامه المباركة ونحن نأكل الكليجة والجرزات العادية وبعض انواع الجكليت والذي يكون منتهي الصلاحية ربما احيانا فيسبب لنا بعض مشاكل سوء الهضم في بطوننا ولعدم توفر المشروبات الغازية تجدنا دوما نواجه مشاكل من هذا النوع…
اليوم اطفالنا يعيشون فرحة العيد ولكن بدون بهجة ومسرة وبدون اهتمام بالملبس والمأكل لانه متوفر لديهم دوما وليسوا بمحرومين منه كما كان ابائهم واجدادهم…
ولكنا مازلنا ننظر الى العيد ونرى فيه براءة الاطفال…