23 ديسمبر، 2024 10:38 ص

العيد الوطني للديك والدجاجة

العيد الوطني للديك والدجاجة

من رمل شواطئ عينيكِ بنيت كوخي ، وتحت ظله يعيش الدجاج ويبيض ، ويمنح لوسائدي الريش الأبيض وهذا أهم شيء فيه ..ففي كل مساء وانا اودع ضوء الشمس أفكر بسبات تلك الحيوانات الوديعة التي لا تمانع كما أنتِ ،لحظة يتقدم الديك ( نافشاً ) ، تسريحته ويعضك من الرقبة ..

في بعض أحلامي تمنيت ان اعض جندياً امريكياً من رقبته ..ولأن رقاب الجنود مدافع تركت هذا الحلم ورميته في سلة المهملات وذهبت بدمعتي الى تذكر قبر أبي وملحمة عاشوراء ،وبكيت قليلاً على الليدي ديانا لإنها ماتت في عز الشباب، اما الدجاجة العزيزة فقد احلتها الى القضاء ،وهاهي تقضي بقية عمرها في آنية الطبخ …

نحن أيضا نقضي بقية أعمارنا في آنية الحياة ، تطبخنا الهموم والأمنيات وانتظار الذي نأمله يأتي ، وسوف يأتي حتماً بموعده أو بعد فوات الأوان ، فنكون بذلك أول وأرقى مخلوقات الكون من اقتنع بالقدر ولم يعد يطالب سوى ما يحدده العمر والنصيب كما في المثل المصري ( المكتوب في الجبين ..لازم تشوفه العين.)،ولهذا نحن نختلف عن الأشياء التي ليس لديها اعيادا وطنية ، ولارؤساء جمهوريات ،ولا هويات احوال مدنية بالرغم من انها تعيش وتأكل وتشم الهواء ولكنها لاتكتب الشعر ولا تعزف الموسيقى ، وبذلك نحن مختلفون عن هذه الكائنات ومنها دجاج ( المصلحة) ، كما يسمى في العراق ، وهو الدجاج الذي تربيه الدولة وتسمنه بالبروتين وتبيعه للشعب في الجمعيات التعاونية وهو يختلف كثيرا عن دجاج بيوتنا الذي يعيش على فضلات البيت وديدان الحديقة وهو الذ طعماً من دجاج الحكومة الذي ما عاد يتوفر اليوم سوى المستورد منه واشهره الدجاج البرازيلي الذي كان يأتي بأرجل طويلة ورقبة لامعة ربما لإنه يحب كرة القدم ، ولهذا كنا نتمنى لو كنا دجاجا لحصلنا على شرف مشاهدة فريق البرازيل والأرجنتين في نهائي كأس كوبا امريكا …فأيام الحرب ..كان البعض يتمنى ان يكون اي شيء و لايبقى جندياً في الحجاب ترعبهُ الشظايا والراجمات الإيرانية وفرق الأعدامات خلف خطوطنا ، كما ترعب أفلام هيتشوك الولد الريفي الذي يشاهد السينما لأول مرة في حياته. لأني سمعت احدهم يقول :اتمنى أن اكون بغلا لأعيش ، ولا اكون ميتاً ينخر جسده الرصاص. وقتها عرفت متى يتحول الإنسان الى دجاجة أو بغل ، ذلك عندما يتمنى أن تكويناً غير تكوينه ، لكي لايقدر عليه قدر الموت في حرب ، بالرغم أن هوشي منه يكتب في أوراقه : إن الموت في الحرب هو الموت في السعادة . وربما كان هوشي منه يقصد موت ثوار بلاده من جنود الفايكنغ  ،وإلا لن يتساوى موت الظالم والمظلوم ، فمثلاً عندما رفض الملاكم العالمي المسلم ( محمد علي كلاي ) الخدمة في الجيش والذهاب الى فيتنام ،كان يبرر هذا إنه يريد لنفسه موتاً كريما يكون فيه ناصراً للحق وليس مجحفاً به ،ولذلك تحمل سنوات السجن لأجل ان لايموت مثل دجاجة وهو الملاكم الأسطوري الذي كان يلدغ مثل نحله ويتراجع مثل النمر. اي في الحرب المقدسة هناك فرقٌ بين موت المعتدي والمعتدى عليه ،ويقال إن المعتدين يموتون مثل الدجاج في ساحة المعركة بينما يموت اهل القضية موت الأسود ، وشتان بين أن تموت وأنت على هيئة بغل وآخر تموت فيه وأنت على هيئة بشر اختار الموت من اجل حلم ..ولم يختاره الموت من اجل وجبة برسيم.

مرة كتب أحدهم ، انه يقارن جوع الفقراء بالخبز ، فيما يقارن جوع الأغنياء بالدجاج ، وهذا يعني إن جوع الفقير يحمل المعنى الكبير في قضية يناضل من اجلها ، اما الأغنياء فهم يجوعون بسبب الشراهة وتعويض كد اليوم لجمع المال بأي طريقة ، لهذا فأن الدجاج سوف يعيد إليه توازن عد الأرقام وانتظار وسادة الهيام ، فيما الرغيف لن يعيد للفقير سوى الأمل برزق ٍحلال ليوم ٍ جديد ٍأو قصيدة يكتبها لواحدة يحبها او الى وطن تلوك في نهديه أسنان الغرباء ، وعليه فالخبز يحيا في الثقافة والفكر والسياسة اكثر مما يحيا الدجاج بالرغم إن المسيح يقول :ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ، لكن فقراء النيجر والمشخاب ومراكش يهتفون ايضاً : ليس بالدجاج وحده يحيا الأنسان…….!