19 ديسمبر، 2024 5:40 ص

-1-
لبّى الاسلام الحاجة الفطرية للنفس البشرية في امتلاك ناصية الابتهاج

والفرح والنشوة، وهي تتصارع مع صعوبات الحياة ومشكلاتها وأزماتها المتعددة ..

ومن هنا جاءت ” الاعياد “

-2-

إلاّ أنّ العيد ليس يوماً للتبذل والانفلات واجتراح المعاصي والسيئات …

بل هو يوم النشوة بالطاعة لله ، والعمل من أجل مرضاته والانتصار على الذات والشهوات ، والتحرك لإدخال السرور على القلوب والنفوس الظامئة لاستشعار المحبة والحنان والرعاية …

جاء (عيد الفطر) بعد أداء فريضة الصيام العظيمة ،

وجاء (عيد الاضحى) متزامنا مع أداء فريضة “الحج” والحج – كما هو معلوم- ركن من أركان الاسلام ، وانكار وجوبه يعني الخروج من ربقة الاسلام .

من استطاع ولم يحج ،

ولم يمنعه من ذلك :

مَرَضٌ لا يطيق معه الحج ،

أو سلطانٌ يمنعه ،

او حاجة تُجْحِفُ به ،

فليتخيّر يموت يهوديا او نصرانيا

-3-

وعيد الأضحى المبارك هذا العام عيدُ لم يختلف فيه المسلمون على اختلاف مذاهبهم ، وتلك من الايجابيات الكبرى ، الا أنه اقترن بسلسلة من الحوادث التي روّعتْ المسلمين، وأذهبتْ عنهم أجواء الفرحة بالعيد: فمن سقوط الرافعة في الحرم، المكيّ الشريف ، وموت وإصابة المئات من حجاج بيت الله الحرام والحرائق المرعبة في بعض الفنادق في مكة الى حادث الاختناق بالقطار المتجه للمشاعر، وانتهاءً بما سميّ ب (التدافع) بين الحجاج في (منى) ووفاة المئات من الحجاج الكرام، ناهيك عن الاصابات البليغة الكثيرة ، كل ذلك لوّن العيد بلون قاتم محزن …

-4-

انّ (السعودية) لا تستطيع بما تدفعه من ” ريالاتها” لعوائل القتلى أنْ تصرف الانظار عن مسؤوليتها عن كل ما وقع من حوادث وفواجع..

ما معنى قطع الطرق في (منى) لتأمين مرور أحد ” الامراء ” ، مع العلم المسبق بما يحدثه هذا القطع من مضاعفات خطيرة على الجموع المتوجهة لرمي الجمرات ؟

انه منتهى العناية ” بالأمراء ” والتهاون بعباد الله الاتقياء – ضيوف الرحمن – ..!!

من هنا تعالت الأصوات في وجوب الضغط على “السعودية” لتتولى الفِرَقُ الفنية من جميع المسلمين – وليس من السعوديين وحدهم – تأمين الوسائل والطرق لضيوف الرحمن .

انّ السعودية لا تكترث بدماء المسلمين ، والاّ فكيف تقود حربا ضروسا لقتل الأطفال والنساء والابرياء الآمنين في (اليمن)، وتقود ” تحالفا” ظالماً لمساعدتها في التخريب والإبادة ..،ويساند الكثير من رجالها زُمر الارهاب في مختلف البقاع والبلدان الاسلامية ؟

ونحن واثقون بعدل الله أولاً ، وبقدرة الشعب اليمني المظلوم ثانياً ، في أنْ يرّد كيد السعوديين وحلفائهم الى نحورهم .

وكيف نذوق طعم العيد، وللاشلاء والشظايا المتطايرة ، دويّ مسموع في العديد من أرجاء وطننا الكبير ؟!

-5-

والعراقيون على وجه الخصوص أبعد الناس عن نكهة العيد ..

لقد غابت نكهة العيد يوم تصاعدت أرقام المهجرين والنازحين الى الملايين ..

وهؤلاء هم من شرّدهم الارهاب التكفيري عن ديارهم وبيوتهم وأعمالهم وحوّل حياتهم الى ليل مظلم يعانون فيه اشد ألوان المعاناة .

اليس هؤلاء اخواننا وأهلنا ؟

وكيف تهنأ وتنعم بالأجواء السعيدة الناعمة وأهلك يصطلون بالحر الشديد والمعاناة المرّة ؟!

-6-

وكيف يُتاح للعراقي أنْ ينسى الملايين ممن هم تحت خط الفقر، من أيتام وأرامل ومشردين ومعاقين …، وقد غابت عن شفاههم البسمة، وانسابت على خدودهم الدموع الساخنة ؟

-7-

واخيراً :

لقد نابت (مواقع التواصل الاجتماعي) عن الزيارات الحميمة التي كان يقوم بها الاهل والاحباب في العيد، لتبادل التهاني والقبلات واختُزلت ببضع كلمات ..!!

انه عصر الاختزال

لقد حُرم معظم الأطفال من ارتضاع حليب أمهاتهم فأثّر ذلك على وَهَج الترابط والمحبة ..!!

ونخشى أنْ تكون (مواقع التواصل الاجتماعي) بديلاً عن الزيارات التي تُوّثق أواصر الصلات والعلاقات الاجتماعية في الاعياد .

إنّ (مواقع التواصل الاجتماعي) تخدم كثيراً في ميدان التواصل بين المتباعدين، ولكنها مرفوضة حين تُعتمد بدلاً من اللقاءات والزيارات، لا في العيد وَحْدَهُ بل في كل المناسبات .

 

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات