18 ديسمبر، 2024 6:24 م

العيدية عادة وتقاليد راسخة لدى أبناء الجالية الإسلامية بأرض المهجر بستراسبورغ فرنسا

العيدية عادة وتقاليد راسخة لدى أبناء الجالية الإسلامية بأرض المهجر بستراسبورغ فرنسا

في الوقت الذي تجبر فيه الغربة الكثير من المهاجرين بأرض المهجر، ترك طقوسهم الاجتماعية الثقافية الخاصة بالعيدية والتخلي عنها لإحياء عاداتهم وتقاليدهم في كل مناسبة، تحاول الجالية المغاربية والعربية برمتها (الجزائرية، المغربية, التونسية وغيرهم) بستراسبورغ بفرنسا, إستحضار بنة نكهات أعيادهم الدينية والمناسباتية في البلدان المستضيفة لهم بديار الغربة، نكهات تشكل عيدا مصغرا، تعويضا عن حرمانهم من الأفراح الكبيرة.

فلا يمكن أن يمر العيد مرور الكرام بدون إحياء العادات والتقاليد الراسخة في الأعماق والمتوارثة أبا عن جدا ومن جيل لجيل. ولا يقتصر حضور طقوس العيد للجالية بستراسبورغ، على قيام الشعائر الدينية من فضل العشرة من ذي الحجة وصوم يوم عرفة وإخراج الصدقات ونحر الأضحيات لأفراح العيد، بل تمتد لتوفير وإقتناء الأزياء والمستلزمات الشعبية من حنة للزينة وكحل وعطور وبخور وسواك وثياب خاصة العباءة والعمامة للشيوخ، ناهيك عن إعداد الموائد بتشكيلة مكسرات وحلويات وكعك مرفقة بالعصائر والمشروبات ولمن يملك القدرة المالية ويحظى بالعطلة القيام بالرحلات، لزيارة الأصدقاء المقيمين بالجوار وبالمدن الأخرى في باقي الدول والمرضى والعجزة. دون نسيان موتانا بالمقابر رحمهم الله.

العيد بالفرحتين:

فرحة الكبار بالعيد والأطفال الصغار بالعيدية. لكل فرحته الخاصة ونشوته بها ولكل حلمه في إستلامها.

العيدية هدية العيد التاريخية, عادة إسلامية, ثقافية, إجتماعية لم تفقد بريقها اللامع منذ القدم من سالف العصور وصولا حتى يومنا هذا فلا توقف ولا إنقطاع و التشبث بها والمحافظة عليها بكل المقاييس والمعاير بأختلاف الأمكنة والأزمنة.

العيدية ليست فرضا ولا سنة إنما هي عرف عائلي إجتماعي ساد بين جموع الناس، والعيدية ليست بصورة واحدة في كل المجتمعات، بل لها صور عديدة وطقوس مختلفة، تختلف من حيث البساطة والغلو فيها من بلد إلى أخر ومن مجتمع إلى مجتمع آخر.

العيدية وما أدراك ما العيدية إسم وفرحة وسعادة منتظرة, هي عادة سنوية عبر الأقطار الإسلامية والعربية عامة وفي المغرب العربي خصوصا المغرب, الجزائر, تونس وليبيا وغيرهم والتي أنتقلت ورحلت معهم في حلهم وترحالهم أينما نزلوا وأستقروا, ومن بين المدن والدول التي لم تنقطع بها هاته العادة الأسرية الإجتماعية بين الأهال والأسر مدينة ستراسبورغ بفرنسا بالألزاس بنهر الراين خصوصا لكل أبناء الجالية عموما والمغاربية خصوصا, وتكون العيدية في غالب الأحيان عبارة عن نقود وحلوى وبلونات أو هدية وغيرها كل حسب قدرته المادية وحالته المالية والإقتصادية والتي تعطى للأطفال الصغار في صبيحة يوم العيد المبارك خصوصا وباقي أيامه وأيضا كذلك للأحبة لمن لم يتمكن من توفير الأضحية لأطفاله وتعود عادة العيدية إلى قرون قديمة خلت وإلى سنين خلت منذ أن وعينا وحاضرنها وعشناها وأستمعنا بعطاياها في كل عيد فرحم الله سلفنا .

وللعيدية تاريخ طويل على مر العصور منذ قرون خلت حسب روايات التاريخ.

العيدية بات عادة من العادات والتقاليد الموارثة عن كابر أب عن جد ومن جيل لجيل، عادة من الموروث الشعبي الثقافي الإجتماعي الذي لا يفرط فيها ولا يستغنى عنها حتى أي ظرف من الظروف.

العيدية فتعتبر أحد أهم تلك الطقوس من العادات والتقاليد المتداولة، كما تعتبر أساسا مصدرا للسعادة وإدخال البهجة والسرور على مستلميها من الأطفال, وتختلف طريقة وقت ومكان تقديمها ومدى قيمتها من بلد إلى أخرى ومن عائلة إلى أخرى. وهي مشتقة في الأصل من كلمة عيد ومن العوائد والعائد, ما يعود بالنفع والخير واليمن والبركات على المجتمعات في وقتها.

العيدية هي الفرحة المنتظرة من أجمل مظاهر العيد التي يفرح بها الأطفال ساعتها ويضعون لها أهمية كبيرة وتصور حسب توقعاتهم لما سوف يحصلون عليه كمبلغ مالي ونوع الهدية ويخططون فيما يجب إنفاقه وما يمكن شراؤه بها بعد العيد أو إدخاره في دفاتر توفيرهم كما هو الحال للعديد.

فالنسبة لهم هذه المنحة القيمة من الأهل خاصة والأقارب والجيران خاصة من الأيادي الدافئة التي لا تقدر بثمن, فهي نوع من مشاركة الكبار لفرحة صغارهم يوم العيد وتجسيد مادي للحب والعاطفة التي تربطهم ببعض والمودة التي تحفهم. كما تعلهم منذ الصغر حب الخير والعطاء والتصدق والإهداء للغير بالجود والكرم على خطى الأباء والسلف رحمهم الله.

تمنح العيدية للأطفال بشكل خاص، من الآباء والأمهات والأجداد والأشقاء الأكبر سنا، وبقية أفراد العائلة والأقارب، وأيضاً من الجيران والأصدقاء، حسب مقدرة كل شخص من الناحية المالية والمادية، وما تجود به يده في مثل هذه المناسبات السعيدة.

وكما هو الحال والحفاظ على عادة العيدية في الدول العربية عامة والمغاربية. إن أبناء الجالية لا يستغنون عنها بأرض المهجر يديار الغربة بستراسبورغ فرنسا.

لكن هذا العام خصوصا عادت العيدية وفرحة الأطفال بها بعودة الحياة العامة الطبيعية على سابق عهدها بعد السماح للمساجد بفتح أبوابها للمسلمين بأداء شعائرهم الدينية وطقوسهم المعتادة و التي سبق لهم ان حرموا منها في العامين الماضين التي تأثرت بظروف كورونا، نتيجة الحظر الصحي والتباعد الإجتماعي، مما قلل الزيارات وغير عادات اللقاءات العائلة، وحرمان الكير منها بالإضافة إلى تراجع الأحوال الإقتصادية بسبب التوقف عن العمل وتسريح العمال وغلق المؤسسات إلخ….، مما جعل البعض يحاول التهرب من إعطاء العيدية والتحجج بحجج مختلفة مختلقا الأعذار والأسباب، صراحة فأحوال الناس أصبحت جد صعبة لاتطاق ولاتحتمل كان الله في عونهم.

فالبرغم من أن الجيل الثاني بأرض المهجر تأثر وتاه بين الإندماج والحرص على التقاليد إلا أن الجيل الثالث تاه بعض الشيء إلا ما رحم ربي وظل يعاني من عديد الأزمات النفسية والسيوسيوإجتماعية ودخل في صراع ونزاع مع النفس وذلك بسبب أزمة هوية وقومية ومدى إرتباطهم بالوطن الأم وجذوره الضاربة في أعمال المجتمع برمته. إلا أنه والشهادة لم يحيد ولم يزيغ وظل محافظا متمسكا بأصالته وهويته وتاريخه الثقافي وعاداته وتقاليده والإفتخار بها أيما إفتخار ولايفرط فيها, لكن بطريقته الخاصة ورؤيته المختارة لنفسه ولبيئته ولمحيطه الذي يعيش فيه وترعرع في وسطه.
فمبروك للجميع عيديتهم وفرحتهم وعيد سعيد للجميع كل عام والجميع بخير صحة وعافية أعاده الله بالخير واليمن والبركات.