23 ديسمبر، 2024 2:54 م

العولمة ترسم وحمائية ترامب تمسح

العولمة ترسم وحمائية ترامب تمسح

لم تعد الرأسمالية قادرة على إخفاء عيوبها ، خاصة بعد الأزمة المالية لعام 2008 ، وتمرد فروع الشركات العملاقة على حكومة ترامب، بعد ان دعى هذا الأخير تلك الشركات للعودة إلى البلد الام ،ولقد كان لارتفاع الضرائب وارتفاع أجور العمال الاثر المباشر في الهروب الجماعي لهذه الشركات ، لتجد أمامها ضريبة منخفضة او عدم فرض هذه الضريبة وأيادي عاملة رخيصة ، ومواد خام قريبة لاتحتاج الى أجور نقل او بوليصة تأمين ، إنما حرية في العمل وزيادة في الانتاج ، وأسواق مفتوحة ، فلا الصين ولا كوريا الجنوبية او سنغافورة وحتى تايلند ، تطالب الشركات العملاقة إلا بالقليل من الشروط ، وجعلت منها أذرع أجنبية لاقتصاد وطني، وأخذت هذه الشركات تنافس الأصول في الأسعار ، مما جعل الموازين التجارية في صالح دول اسيا او جنوبها الشرقي، ولقد دفعت هذه الاحجامات للشركات الفرعية إلى تمرد الرأسمالي ترامب على مسلمات الرأسمالية القائمة على سياسة السوق والحرية التجارية ، بان قام الاخير بفرض الضرائب وبنسب تصل الى 25% على المستوردات من الصين او اليابان او حتى من الاتحاد الأوربي ، وتجاوزا لازمته قامت الويلايات المتحدة مثلا بعقد اتفاقيات تجارية جديدة مع جارتها الشمالية كندا ، وجارتها الجنوبية المكسيك ، والرئيس الامريكي اليوم يتخبط بسياسته الاقتصادية فتارة يفرض الرسوم وتارة يطالب حلفائه في الناتو بدفع نفقات الحلف وفق معايير جديدة وحسب قوة اقتصادات الدول المنضمة لهذا الحلف الذي لم يعد يسايير قوة الصين او اسلحة روسيا الرادعة .
ان الحمائية التجارية تلغي من الأساس دور منظمة التجارة العالمية ، وتدفع العولمة إلى الوراء وتعيد الاقتصاد العالمي إلى بداياته ، في ظرف أصبح فيه العالم نتيجة للتقدم التكنولوجي بلا حدود ، إنما صارت حدوده مخترقة من قبل الإنترنت وأساليبه التسويقية والتي ما فتئت تدخل الدور بلا استئذان ودون حياء بحثا عن الزبون المستريح ، لذا فلا الحمائية التجارية او القيود الكمركية بقادرة على أفعال الشبكة العنكبوتية ، لان العولمة ما هي الا من نتاىج هذا الاختراع ، وهي مستمرة في افعالها التجارية ، وهي ترسم ولا يستطيع ترامب ان يمسح اثارها ، بل هي من سيعمل على عدم انتخابه ثانية اذا لم تكن هي من سيطيح به قبل نهاية فترة حكمه الدستورية…