19 ديسمبر، 2024 6:51 ص

Globalization
مقدمة
أولاً:
لن أنحو نحو تعريف الكلمة لغوياً واصطلاحياً، أواستعرض الآراء حولها لمحاورتها. أنا لست في صدد النقد والدحض للمفهوم الشائع، وإنما لتسليط الضوء على حقيقة مفهوم العولمة من خلال وجهة نظري، بالتبسيط لا التعقيد.
ثانياً:
لن أكترث لأسباب ولزمن ولادتها لأنها ولدت قبل أي زمان ولكل زمان شكل من أشكال العولمة، وهي نتيجة لسبب، وعواقب لفكر الإنسان وأفعاله.لذا لن أذكر ماقيل فيها وعنها. أما ولادة اللفظ ذاته ـ سواء الأجنبي أو العربي ـ فمن السخف التطرق له. كما لا أتطرق الى رأيي، هل أنا مع أم ضد العولمة . وهل إيجابياتها أكثر من سلبياتها. أترك هذا للقاريء ليراجع تاريخ عولمة الأتراك أو الأنكليز أو الفرنسيين، أوعولمة أفكار أحزابه الوطنية الدينية والعلمانية، لمقارنة سلبياتها وإيجابياتها مع عولمة اليوم. ومن عولمته أفضل فليتقدم بها. التحرير والتحرر من المحتل، لحفظ كرامة الإنسانية، ولكن لا أعرف بلد عربي تصان فيه كرامة الإنسانية! وهذه هي العولمة الوحيدة فيها والتي نرغب بها وندفع ضريبة الدم لطرد المحتل الأجنبي ليحل محله المحتل العربي ليهين بكرامتنا ولنتفاخر بتحرير بلداننا بالجداريات العملاقة في ساحات التحرير، ودوما الرمز هو تحطيم القضبان، فهي شاهد على الثقافة المزرية في درجات الإنسانية وحقيقة التحرير.

ثالثاً:

لن أفكك الكلمة المترجمة، لتحديد المعنى ومنه ليفهم المعنى للكلمة، لأنها ليست كما

لوفكك المرء مثلاً ـ بيولوجي ـ لنتعرف على معنى بيو و لوجي، من القاموس اللاتيني، ومنهما نستخلص معنى الكلمة لفظاً. لكن لفظة العولمة، هي ترجمة لكلمة أجنبية، فلايصح تفكيك المترجم، لبحث معناه، كما لجأ اليه، باحث معروف لا نود ذكر أسمه، ففكك الكلمة المترجمة (العلمانية)، وراح يبحث عنها معنى أجزاءها في اللغة البابلية ـ على ضوء كلمة بيولوجي ـ وفِعله هذا، هو كمن ترجم بوليس الى شرطي، وفكك شرطي الى (شرـ طي) ثم ذهب يتفلسف في جزء الكلمة ـ شرـ من لفظها ومعناها في اللغة البابلية، ليستخلص معنى بوليس : طي الشر.

فالكلمة المترجمة هي من جذر لغوي عربي له معناه، ولكنه صيغة على وزن فعلله. فتفكيك مصطلح عولمة وإرجاعه لجذره اللغوي، لايصح لفهم المعنى، ولو صح لأكتفينا ولما قامت الدنيا بمؤتمرات وبحوث لتحديد المعنى.

السؤال :

لماذا ينحو البعض هذا النحو؟

الجواب: الإنطلاق من إعتياد العقل الباطن العربي، على نغمة تفعيلاته اللغوية، في التسميات الألقابية والتراكيب والوصفية، ولهذا يقع في مطب تفكيك المترجم، على التفعيلة العربية، ومنه يذهب يفككه ليفهمه.

Globalization

تمت ترجمتها للعربية ( بالعولمة ) والتعريب عربياً أبجدياً ( كلوباليزَيْشِنْ ) ولايمنع تعريبها أبجدياً كما عرب العرب الكثير من الكلمات الإنكليزية والفارسية والآرامية.

العولمة ( دين قِوى الرأسمالية الجديد) يعمل على تسارع وتيرة دمج كافة إقتصاديات الدول، بإقتصاد وسوق عالمي موحد، تهيمن عليه القوى المتحكمة في العالم، ومنه للتحكم بمصائر إقتصاد الدول، من غنى وفقر، ويساعدها منقذ هذا الزمان *التفوق العلمي والتكنلوجي والثقافي في كل شيءٍ ومكان*.

فالعولمة..

أولاً:

تعمل على سياسة التواصل والتفاهم الإجتماعي والثقافي والفني والعلمي والتعليمي، والعسكري بين كل دول وشعوب العالم، فهي إذاً: بوابة فتوحات المنتجات الصناعية المدنية والعسكرية للقوى الرأسمالية، لإحتلال المستهلك جسدياً ورغائبياً روحياً ، فبعد أن يعتادها يقيد نفسه، بنفسه بها، فيصبح هو المستهلك، وهوالمحتل وهو العبد الذليل لإله العولمة، وهذا الإحتلال، هو الإحتلال الروحي والجسدي الذي يضمن الأرض وثرواتها البشرية والمادية، ولايكترث بإيمان المستهلك ودينه وخزعبلاته، فهو ليس لديه وقت لحوار الأديان بل لحوار الإستهلاك الإنتاجي وإحتلال رغبات وحاجات المستهلك من أي دين وفلكٍ كان.

:ثانياً

لاعلاقة للعولمة، بتلاقي أو صدام الحضارات، بل فرض المنتجات الصناعية على الأسواق العالمية، فالمُحاوِر إقتصادي مادي على شكل سلع مدنية أو عسكرية، أو ترفيهية تفتح الأعين على الحضارات، ولتكن هي المحاور الحضاري الفكري الصامت، الذي يفجر طاقات الفكر في عقل كل فرد، فتختطف الأعين صوبها ليذوب فيها، بعد أن فجرت فيه قنبلة المقارنة والرغبات والإدمان.

لترويج سلة الإستهلاك الرأسمالي العالمي كوجبة غذائية أساسية، يتطلب مقبلات السلع إلإعلامية، وبرامج التواصل إلإجتماعية، لتحقيق نسبة نمو في الفهم المشترك، لمنتجاتها الصناعية كافة، ومنها العسكرية بالخصوص، لتلحق بها عواقب الهيمنة والإستعباد، من دون الحاجة الى تحريك الجيوش وسفك الدماء لاحتلال الأرض والسماء، فالنفوس هي الهدف، ويكفي اليوم أن تُحتل ( بالريموت كونترول) إقتصادياً وعسكرياً. ومثال غاندي في العصيان المدني وشد البطون، حقق نتصر على عولمتهم الإقتصادية والعسكرية، لإستعباد شعبه، فقارعهم بسلاح عولمة العصيان واللاعنف في شجب الإحتلال ورفض التعاون معه، فكان أقوى سلاح عرفته البشرية وأقوى ما تتوقعه عقول ذاك وهذا الزمان.

كلما أدمنت الشعوب على منتجات غيرها، كلما ضَمِنَ البائع قوته ، فضمن الولاء. وهذا ما سيمكنه من ملكية مايملكون من نفائس وسماء وأرض وحياة، لأنها أصبحت بيده رهينة .

فلا بد أولاً من التعريف المتواصل عنها، بالتوافق بشكل من الأشكال مع تلك الدولة التي ستتولى الترويج لها، لتحقيق رفع الطلب على منتجات تلك الدولة الضاغطة عليها، لعولمة أسواقه . ومن لايرغب بهذه العولمة تعولمه العصا الغليظة المنتجة.

إذن العولمة هي :ـ

وجه لسياسة عبودية ألكترونية وإقتصادية وعسكرية ينفذها المستهلك، لأنها تقوم على منطق ( أعرفك على منتجاتي لتستهلكها، فجهلها يعني كساد مصنعي وإنهيار إقتصاد دولتي وقوتي).

في المحصلة، هي فكر سياسي رأسمالي لإستعباد الشعوب وإحتلالها وليس لإستعمارها (إعمارها) وشأنها شأن أي فكر منطقه حق يراد به باطل.

فالدول الذكية تعرف كيف تجنب نفسها هذا المطب مع أي دولة ترغب عولمة بضائعها، بإستثناء الدول المغلوب على أمرها.

ثوب عولمة اليوم، هو ذاته بجسده وروحه وفكره، فالهدف ذاته من يوم بدأ الخلق، فكل ملة، تبحث عن عولمة دينها وأفكارها ـ كقطع غيار أولية من خلال مبشريها لصناعة مستهلكين جدد لفكرها ـ ومنه للتحكم بها. كما هو في حال التبشيرات المسيحية والإسلامية والشيوعية، أما العلمانية، فلم تستغني عن ورقة دعم الدين، بثوب التبشيرات المسيحية المرسلة الى الخارج، لأعانة الضعيف الجائع دون مقابل. وكأنه إتفاق صامت بين الدين والدولة، لتوافق المصالح الدينية والسياسية، في تحقيق مآربهم التي تخدم بلدهم الحاضن لنظام العلمانية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات