22 ديسمبر، 2024 7:00 م

العودة الى موضوع حكم الشيعة

العودة الى موضوع حكم الشيعة

في وقت سابق كتبت مقالا عن حكم الشيعة في العراق . وقد قلت في مقدمته
عندما كنا شبابا ، كنا نقرأ عن اليمين واليسار في الاسلام . وقد تأثرنا بالافكار اليسارية للمسلمين الاوائل ، مثل ابو ذر الغفاري وسلمان المحمدي وحبيب بن مظاهر ، وغيرهم حتى اوشك ان يرتبط الفكر الشيعي باليسار واليسارية ، وكنا مع كل الثورات اليسارية او هكذا كان يحلو لنا ان نسميها ضد الظلم على مر التاريخ . كما اعجبنا بجرأة المفكر علي شريعتي المتوفي غيلة عام 1977 في ايران ، والذي ربط التشيع باليسار حتى قال بأن كل نص قرآني به لفظ الله يعني الشعب ، لان الله مع الشعب ضد الاستبداد والاستغلال
وقد ربطت بين هذا الفكر وواقع حال حكم الاحزاب الاسلامية في العراق ، وكم اصبنا بخيبة الامل من البون الشاسع بين الفكر الاسلامي المنفتح العادل وبين واقع حال الحكم في العراق . والادهى من ذلك والامر فان الفساد السياسي واستغلال اموال الدولة ارتبط بهذه الاحزاب التي توصف بالاسلامية
الموضوع غير متعلق بالفقه الشيعي ولاعلاقة له بالطوائف وانما يأتي من باب الادعاء بالمظلومية والتي اصبحت مجرد شعار للوصول الى السلطة ، واستلاب الجماهير الفقيرة تحت ادعاءات ومسميات عاطفية
ونجد الان كثير من المقالات تتحدث عن اختلاف الكتل والاحزاب الحاكمة فيما بينها ، وتحذر من ضياع فرصة تاريخية للحكم قدمت لهم على طبق من ذهب . وبالرغم من انه يمثل واقع الحال الا اننا لايمكن القبول بهذا المنطق لان الاحزاب الحاكمة قد انشغلت بنهب اموال الدولة واهملت المواطنين رغم ادعائها بانها تمثل غالبية الشعب وكان يتوجب عليها تقديم نموذجا للحكم الرشيد العادل ، واذا ما اطلعنا على اوضاع العراق الان فاننا نقف على ابواب ثورة شعبية تقوم على اكتاف نفس الاغلبية التي تدعي الاحزاب الحاكمة انها جاءت لانصافها ، واذا تحدثنا عن الحكم العادل فاننا نهدف الى رفع المظلومية عن كل ابناء الشعب العراقي سنة وشيعة وكرد وليس التاييد المطلق لحفنة من السياسيين الفاسدين بدعوى حماية حكم الطائفة
ان فشل الاحزاب الاسلامية الشيعية في ادارة الحكم في العراق لايعني فشل الشيعة بالتاكيد ، ولكنه يعني فشل حكم الاسلام السياسي بغض النظر عن الطائفة التي تديره . لقد قدم الحكم عندنا نموذجا للفشل وسقوط الشعارات المضللة التي خدع بها الشعب بدعوى الاسلام تحت اية مظلة كانت شيعية ام سنية . وسيدرك الجميع بان حكم العراق لايمكن ان يستقيم بطائفة واحدة او قومية واحدة . ان من يريد الاصلاح ينبغي عليه تبني مبادئ العدل وليس التحزب الطائفي
ان الانشقاقات الشيعية الشيعية هي صراعات على الامتيازات والنفوذ وليست خلافات مبدأية او عقائدية ، وهي في ذلك لاتختلف عن الصراعات السنية السنية او الكردية الكردية في ظل هذه العملية السياسية المشبوهة منذ الاساس . ومن الخطل التحيز الى اي جهة خلافية او طائفية او محاولة لملمة صفوفها ، لان كل المشاركين في مايسمى العملية السياسية هم اصحاب مصالح وامتيازات ، ولاتستثني منهم احدا ، فما بال البعض يتباكى على حكم فاسد فاشل لينفخ فيه الروح بدافع العصبية المذهبية الجاهلية ، وكان المفروض به التبرؤ من كل اولئك الذين يديرون الحكم لانهم فاسدون فاشلون مصلحيون طفيليون عبيد الاجنبي . وهاهم الان يقومون باكبر عملية ذبح جماعي في مناطق الجنوب الثائرة وخصوصا البصرة الصامدة . ان المثقفين كل المثقفين مدعوين لفضح هؤلاء السياسيين لا التغطية عليهم تحت ذريعة حماية حكم الطائفة

لايمكن اعتبار الشخص مثقفا اذا لم يكن له بعد انساني . . فالثقافة ليست كتبا نقرأها ولااسماء مؤلفين نحفظها عن ظهر قلب . الثقافة فكر وسلوك حضاري قبل كل شئ ، ولاينبغي للمثقف ان ينتصر للجائر الباغي لمجرد نزعات عصبية فهذا منطق لا انساني وغير عادل