اعاد مسؤول حكومي عراقي جانبا من صور الخيال العلمي التي اشتهر بها كتاب اجانب ومنهم الكاتب البريطاني جورج ويلز الذي يعتبر شكسبير الخيال العلمي كما وصفه النقاد وقد تخيل الكاتب ان بطله صنع آلة حين يدير عجلتها يستطيع ان يقفز فوق الزمن ” يعود الى الماضي او يخترق المستقبل لسنين بعيدة ” بحسب الجهة التي يدير بها العجلة لكن ماذكره ويلز في روايته لم يحفز مسؤول حكومي بريطاني للمفاخره بان بريطانية هي اول دولة استطاعت اختراق الزمن من خلال صناعتها تلك ألآله لانه يدرك ان ماذكره ويلز يعد صورة من صور الخيال العلمي وهي في كل الاحوال ليست مادة تاريخية يمكن التفاخر بها امام عامة الناس وغالبيتهم من محدودي الثقافة .. ولم يكن يتصور وزير النقل العراقي ان طروحاته التي اعلنها خلال افتتاحه مطار الناصرية و التي جاءت في ضوء ما ورد في كتب الخيال العلمي ستخلق له ردود فعل سلبية باعتبار هذه التصريحات غير منطقية تعيد المواطن المثقف العراقي الى ذكريات عصر الخرافة وانتشار قصص الطنطل والسعلوة والجني التي كان يؤمن بها سكان بغداد قبل عقود من الزمن .. ويبدوا ان وزير النقل متأثر بادب الخيال العلمي الذي غالبا ما يعتمد في سرد الاحداث على الخرافة والشطحات المبالغ بها والبعيدة عن المنطق العلمي .. وهي صفة غالبا ما كان يتصف بها سكان العراق وخصوصا سكان بغداد خلال العقود الماضية نتيجة انتشار الامية والجهل وكان من نتائجها انتشار القصص الخرافية والتعايش مع تقاليد بالية ويصدقون مايفتى اليهم من اكاذيب ومنها قصص الطنطل والجنية والسعلوة وقد استغل اشخاص لهم سطوة ومناصب حكومية مهمة او لهم مكانة دينية للمتاجرة بهذه التقاليد البالية من خلال بث الخزعبلات البعيدة عن المنطق .. ومن الحكايات التي تروى عن سذاجة السكان ماحدث عام 1938 حيث فوجئ البغداديون بخبر نشرته جريدة العراق البغدادية يقول ” ان القمر سيخسف فوق بغداد كليا بتمام القرص ليلة الثلاثاء 8 تشرين الثاني عام 1938 فخسوف القمر في المعتقد الشعبي يعني أن القمر ستبتلعه ” الحوتة” وعلى الجميع اعلان النفير العام على هذه “الحوتة” المنحوسة المتورطة بتشويه جمال القمر في حياة الناس..
وفي ضوء ذلك بات البغداديون خائفين من كارثة ستقع بعد شهرين وخمسة عشر يوما من تأريخ نشر هذا الاعلان واذا صح الخسوف فهذا يعني أن ‘الحوتة المنحوتة المنحوسة’ موجودة في بغداد وفي سماء بغداد وأنها تتربص بقمر بغداد لكي تبتلعه فيحل الظلام في سماء العالمين وفي الساعة الثامنة والدقيقة الثالثة من ليلة الثامن من تشرين الثاني عام 1938 أنخسف القمر وراحت ” الحوت” كما يعتقد البغداديون تبتلعه في بطنها تدريجيا امام انظار الناس.. وسخطت بغداد تلك الليلة وضجت محلاتها وسطوح دورها بمعزوفة موسيقية متضاربة يسمع صداها القادمون على بعد مئات الامتار أما الألآت العازفة فهي عبارة عن ” التنكات والجفاجير والمغارف والقدور النحاسية والصواني والقروانات والطبول” والكل يعزف من فوق سطوح المنازل وهم يراقبون القمر المسكين يختفي تدريجيا في بطن الحوتة وعيونهم شاخصة اليه وهم يرددون اغنيتهم الشعبية التي يهددون بها هذه الحوتة المنحوسة بالويل والثبور” وبعد ثلاث ساعات ونصف الساعة في تلك الليلة طلع القمر من جديد فتصايح البغداديون من فوق السطوح وأعالي المنائر والفوانيس واللمبات والشموع بايديهم ” زاعته الحوتة.. الحوتة زاعت القمر.. خافت وزاعته.. وظل البغداديون كما كانوا دائما على أهبة الاستعداد بقدورهم وجفاجيرهم وصحونهم وصوانيهم وقنادرهم ومكاويرهم للطرق عليها من فوق السطوح ليخيفوا الحوتة التي تبتلع القمر بين حين وآخر وهم يرددون “ياحوتة يامنحوتة.. هدِّ قمرنا العالي.. وأن كان متهدينة.. أندك لج ابصينية” هكذا كان سكان بغداد يؤمنون بالخرافة والخزعبلات لكن تقادم الزمن والتطورات الحاصلة في مجالات الثقافة والعلوم جعلت المواطن اكثر وعيا وادراكا لما يدور حوله من متغييرات لكن يبدو ان البعض من المسؤولين مازال يعيش تلك الايام الخوالي ايام الطنطل والجنية والسعلوة فبعد تسعة عقود يخرج علينا مسؤول حكومي بفرية جديدة
يؤكد فيها وجود ادلة تثبت ان العراق وقبل اكثر من سبعة الاف سنه كان يمتلك مطارا في مدينة الناصرية تحط فيه مركبات فضائية وقال الوزير المحسوب على التكنوقراط ان هذه المعلومة قد لايعرف بها علماء ومؤرخون ومختصون ناهيك عن ابناء الناصرية المحرومين من الخدمات التي كان يتمتع بها رعايا سومر .. وان هذا المطار كان يستخدم من قبل ملائكة كانوا يطيرون بجناحين وثلاثة اجنحة .. واستند الوزير المبجل في معلوماته على كتب الخيال العلمي ولربما سيخرج علينا مسؤول اخر عندما يفتتح معملا لصناعة السجاد ويقول ان العراق كان من اول الدول التي صنعت سجادة سحرية طائرة سميت ” البساط السحري الطائر” معتمدا على الروايات التي وردت في كتاب الف ليلة وليلة عندها سيصبح هذا البساط وسيلة نقل جوي للافراد لقدرته على الطيران وفي ضوء ذلك سيتم الاستغناء عن شركات الطيران العالمية ومنها ” شركة سومر كومبني ” ويصبح الجو ملغما بالبسط الطائرة ولربما سيكون مرأب النهضة وعلاوي الحلة مطارات لانطلاقها باتجاه محافظات العراق كافة ومن ضمنها مدينة عفج التي ستكون مركزا تجاريا لبيع وشراء الاحذية والشحاطات ومن بينها حذاء ابو القاسم الطنبوري الذي سيكون من اكثر الاحذية رواجا لملائمته المودة .