تعتبر الدعاية الانتخابية من القضايا العامة المستجدة، التي يحتاج فيها إلى استقراء آراء الفقهاء للعمل بموجبها في ظل السياسة الشرعية، وهو ما جرى عليه العمل في واقع الناس اليوم لحالة العراق والذي يرى مشروعية الدعاية الانتخابية من أجل مسايرة المقتضيات الضرورية للعمل بالنظام الانتخابي الذي صار سمة نظام الحكم المعاصر، ونتفادى سيطرة رجال الأعمال والأغنياء على العملية الانتخابية سواء بترشح أنفسهم أو بدعم المرشحين “وامتلاكهم لخدماته” بعد فوزه دون التسوية بينهم وبين سائر الناخبين.
أ – العوامل المؤثرة في الدعاية
هناك عدة عوامل أثرت في سير الدعاية الانتخابية لحالة العراق منها:
1. العامل السياسي : الأحزاب السياسية ودورها في صياغة التعليمات وإقرار الضوابط وكان هذا العامل هو الغالب على سير الانتخابات لحالة العراق، وهناك نسبة ليست بالقليلة من الناخبين لا يذهبون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات إما من باب عدم الاقتناع بالمرشحين أو لاعتقادهم بأن الحكومة (عاجزة)، ولا تلبي احتياجات المواطن وهذا ما حدث في انتخابات الجمعية الوطنية عام 2005 والتي أدت إلى عزوف الكثير من الناخبين في المشاركة الانتخابية في محافظات وسط العراق
2. العامل الديني: وهو الحُكم الشرعي والتوافق الشعبي على اختيار من هم قادرون على تحقيق ما يطمح إليه الشعب في إطار المؤسسات وحكم القانون.
3. العامل العشائري: هو تغليب المصالح الحزبية والعشائرية على المصلحة العامة لضمان النجاح والفوز في الانتخابات على حساب المواطن.
4. العامل الثقاقي: وفيما يتعلق بالمرأة ودورها في المشاركة أو التصويت أو الترشح فكيف يرى “الشرع” موقفها من الانتخابات وهل يجوز لها الإدلاء بصوتها أو ترشحها ؟ وماذا لو رفض الزوج أن يخرجها أو على الأقل ظهورها في صور الدعاية الانتخابية، أو من على شاشات الفضائيات ووسائل الإعلام كمرشحة عن دائرتها الانتخابية.
ومن ضمن المسائل المطروحة على مائدة الانتخابات في العراق فبما يخص الدعاية الانتخابية بشكل عام فقد اتفق “العلماء والمراجع” على جواز المشاركة في الانتخابات حين تكون محصورة في أهل الحل والعقد والمراد بأهل (الحل) وهم رؤساء الناس وأهل الوجاهة فيهم ممن اجتمعت فيه خصال العلم والعدالة والرأي، وقد أطُلق ذلك المسمى عليهم لأنهم يملكون عقد آمر البيعة وحل ما عقدوه واختلفوا في حكم الانتخابات المعاصرة خاصة التي تكون دائرة الانتخاب فيها واسعة شاملة لعامة الناس والتي تُعد من المسائل المتعلقة بالناخب، من خلال دعوة التيارات الإسلامية لعدم المشاركة في الانتخابات.
وينظر إلى الدعاية الانتخابية من قبل بعض الناخبين بأنها تهدف إلى خداع الناخب وتضليل الرأي العام بإتجاه مرشح دون الآخر، كما قامت بعض الأحزاب والإئتلافات والكيانات السياسية عند مشاركتها بالانتخابات بالاستشهاد “بآيات من الذكر الحكيم” في حملاتهم الانتخابية المتنوعة لتتوافق مع رمز وشعار مرشحها السياسي فإذا كان الرمز (النجمة) أستشهد بقوله تعالى (وبالنجم هم يهتدون)، أو إذا أرادت الكتلة أو الحزب رفع شعار(الإصلاح) يستشهدون بقوله عز وجل (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) ، وإذا كان الرمز (النخلة) يستشهدون بقوله تعالى (والنخل باسقات لها طلع نضيد) وليس في الدعاية الانتخابية فحسب بل ذهبت بعض الأحزاب السياسية إلى أن تتخذ الدين “تكأة” حتى يضمن مرشحها أصوات الناخبين وفي خضم تلك الإعلانات باهظة الثمن تأتي أموال الدعاية، وقد يكون بعضها من باب ، والتبرعات أو الهبات أو التمويل الخارجي.
وهذا ما نراه في شوارعنا،