19 ديسمبر، 2024 11:40 ص

العهد الملكي كان مرحلة حضارية مشرقة وليس نظاما سياسيا

العهد الملكي كان مرحلة حضارية مشرقة وليس نظاما سياسيا

العهد الملكي في العراق ليس نظاما سياسيا قائما على تداول العائلة المالكة للسلطة ومضى ، بل كان أحد تجليات مرحلة حضارية دخلت الدولة العراقية ونخبها السياسية بفضل الوجود البريطاني الذي أنقذ العراق من الإحتلال العثماني البشع الذي إستمر أكثر من 400 سنة وهو يشبه بتخلفه الإحتلال الإيراني الحالي للعراق من حيث السلوك العنصري وتخريب البلد وسرقة ثرواته وتنشئة زمرة من العملاء !

كان النظام السياسي الملكي ( أكبر وأنضج وعيا من الشعب) ، ولهذا كان لديه مشروع حضاري واعد هدفه نقل العراق من واقعه العربي المتخلف الى المحيط العالمي من خلال التحالف مع بريطانيا وأميركا .. إذ تشكل العهد الملكي من الطبقة الأرستقراطية التي نقلت ثقافتها وتحضرها ورغبتها بالتطور الى النظام السياسي ، وبدأ العراق يأخذ نواة الدولة المتحضرة فعليا المتصلة بالعالم ، وقد إستمر هذا نهج ربط البلد بتحالفات ضرورية مع دول مثل : بريطانيا وأميركا دول الخليج العربي والأردن والمغرب وحصدت هذه الدول الإستقرار والأمان والإزدهار بفضل ذلك النهج السياسي الذي أول من طبقه العراق في العهد الملكي لكنه بسبب تآمر مجموعة من الضباط الخونة ومعم عناصرية شيوعية مدفوعة من المخابرات الروسية نفذوا ذلك الإنقلاب الدموي وقتلوا العراق ودبحوا فرصة تطوره !

بينما النظم السياسي التي جاءت بعد إنقلاب 14 تموز 1958 كلها كان مستواها ( أقل من الشعب ) من حيث الوعي السياسي الحضاري .. إذ إجتاح السلطة ( أولاد الريف والمناطق الشعبية ) ونقلوا أفكارهم التي هي خليط من الأيديولوجيات العدوانية اليسار ية والقومية والإسلامية الغوغائية المتخلفة المعادية للبشر والحياة الى السياسة مما ساهم في تحطيم الدولة العراقية وتآكلها وصولا الى إنهيارها الحالي ، والجدير بالذكر ان العدالة والمساواة للبشر من حيث القيمة الإنسانية وامام القانون أمر مطلوب ومبدئي ، لكن فيما يخص إستلام السلطة بالنسبة للشعوب المتخلفة مثل العراق ثبت بالتجربة ان من يصلح للسلطة وإدارة شؤون البلد هي الطبقة الأرستقراطية فقط نظرا لتمتعها بقدر من التوازن النفسي والإجتماعي وإمتلاكها عقلية بعيدة عن الأيديولوجيات السياسية العدوانية : الشيوعية والقومية والإسلامية ، ومنفتحة على على دول العالم الغربي الضرورية للمساعدة في بناء العراق ، ولديها من الكبرياء وعزة النفس مايمنعها من سرقة المال العام والإرتباط بعلاقة عمالة مع دول ما .

في العهد الملكي كان لدى النظام بأجمعه رؤية واضحة لبناء الدولة وغير مهتم بتعزيز سطوة السلطة ، رغم كل عيوبه التي كانت قابلة للإصلاح ، و بدأ خطوات جادة نحو الديمقراطية ، وظهرت ملامح الحرية على الصحافة والأدب والفن وحياة المجتمع ، وكان منظرا رائعا إنتشار اعلانات الشركات الأجنبية في شوارع بغداد وغيرها كمؤشر على إرتباط العراق بالعالم الغربي المتحضر ، بينما النظم السياسية التي جاءت بعد إنقلاب 1958 كان همها الوحيد هو تعزيز سلطتها بترسانة من الجيش والشرطة والأمن والمخابرات وأخيرا الميليشيات ، وتجاهلت تماما بناء الدولة لدرجة ان مدينة البصرة الغنية بلا ماء صالح للشرب ، بينما الحكومات تصرف مليارات الدولارات على الميليشيات التابعة لإيران .

مؤسف جدا .. الذي إنكسر لن يُعاد إصلاحه ، وذاك العهد الملكي الذهبي الحضاري للعراق تم ذبحه على يد الإنقلابيين الخونة ، وأكمل جريمة الذبح من أتى بعدهم ، ومصير الشعوب والدول المذبوحة مقابر التخلف والصراعات والحروب ونهب الثروات … ياويحنا لقد ضاع وطننا والقادم ربما أسوأ .

أحدث المقالات

أحدث المقالات