17 نوفمبر، 2024 10:44 م
Search
Close this search box.

العنف والإرهاب في المجتمع العراقي

العنف والإرهاب في المجتمع العراقي

يعد علم الاجتماع من اعقد العلوم الإنسانية وأصعبها ,تشمل فروعه ودراساته المهمة , مختلف الجوانب والمجالات الطبيعية ,المتعلقة بالبيئة الاجتماعية المحيطة بالفرد,وتطورات الأسباب المتغيرة المرافقة لنموها,والحاجة لتحديد نقاط ضعف الاهتمام الرسمي بمتابعة ومراقبة مصادر العنف,وبضرورة دراسة الحيثيات البينية المتدرجة عبر الزمن,
وبطريقة دراسة الظروف الموضوعية التي عايشتها المجتمعات والأفراد وتحديد المؤثرات الداخلية والخارجية للنشء وعملية تطورهما ,
إذن أنت أمام دراسة حاضرة تشمل الغوص في العمق الاجتماعي السابق ,وأسباب التنبؤ بمستقبل تلك المتغيرات الاجتماعية وإعطاء التحليلات المنطقية التي يمكن البناء عليها ,للوقوف على أسباب زيادة ظاهرة العنف الاجتماعي(أو العنف عند الشباب وطلبة المدارس-العنف الاجتماعي,الخ.).
الجرائم التي يتم عرضها تباعا عبر شبكة الإعلام العراقي(قناة العراقية-مع تكرارها الغير مقبول بعرض أفلام تعذيب السجناء في العهد الصدامي البائد),بعض هذه الجرائم تعطي انطباعا واضحا عن ضعف تركيبة وبناء وعمل الأجهزة الأمنية,ففي العودة إلى جريمة سرقة محال صاغة الذهب,
نرى إنها تقريبا عصابة بدائية مكونة تقريبا من سبعة أفراد,تقوم بجرائمها في وضح النهار ,دون ان تتمكن الأجهزة الأمنية لا من نصب كمائن متعددة في مناطق مختلفة لهذه العصابات عند محال الصاغه الأخرى,أو ملاحقتهم عند ارتكاب الجريمة (فضلا عن خلو تلك المناطق التجارية المهمة من الدوريات والشرطة المدنية المراقبة لأوضاع الشارع عموما,مع ذلك وقعت العصابة في الفخ وانجاز تشكر عليه الأجهزة الأمنية),صرخة المواطنة التي كانت حاضرة لمشاهدة اخطر عصابة ينتمي أفرادها لتنظيم القاعدة وحزب البعث المنحل,
(شافوا ماكو حكومة وقاموا يلعبون يكيفهم تقصد الإرهابيين-ونظرات الشك بتنفيذ العدالة بحقهم)
واضحة بحرقتها وحشرجتها ,تعطينا جميعا صورة الإحباط الذي يشعر فيه ذوي ضحايا تلك العمليات الإجرامية الخطيرة
(المجموعة نفذت أكثر من ثلاثة ألاف عملية اغتيال وقتل عمد ومن ثم عمد ومن ثم رميهم في دجلة الخير),
هي بالطبع جميعها تشرح تذبذب أداء بعض أفراد وقيادات الأجهزة الأمنية,وبعض المتواطئين مع هؤلاء المجرمين طمعا بالمال الحرام,وترى حديث الشارع عن مسلسل تهريب الإرهابيين من السجون والرشاوى المدفوعة في مقابل ذلك, يملآ الأفاق وصداه يرج العاصمة بغداد,
وبالعودة إلى أسباب انخراط الشباب المراهق في مثل تلك العمليات الإجرامية البشعة,واستهانتهم بالأرواح في مقابل حفنة من الدولارات,ترجع بنا إلى تركيبة المجتمع العراقي وبناءه القبلي-العشائري المتزمت والمغلق,
أينما تجد تلك البيئات الحاضنة والداعمة (وفق أعرافها وعاداتها التقليدية )للعنف الاجتماعي,ترى انعكاساتها جلية في مسيرة هذه المجتمعات(في المدن والأرياف) المنخرطة في دوامة المشاكل المستمرة,
ولهذا يمكن اعتبار الأعراف الجاهلية التي تشجع على ظواهر الانتقام ورد اعتبار الدم,على الرغم من وجود فقرة دفع دية القتيل أو تعويض بعض الاعت� بعض الاعتداءات الشخصية,
هي من تدفع ببعض شباب تلك القبائل أو العشائر إلى ممارسة بعض تلك الجرائم,وقد لاحظ الجميع حماية بعض شيوخ العشائر في المناطق الساخنة لبعض مجرمي بقايا البعث وجلاوزة النظام البائد ,وكذلك توفير مناطق أمنة وحاضنة للإرهابيين القادمين من خارج الحدود(كحادثة عرس الدجيل),المسألة لاتتعلق بالتركيبة القبلية أو العشائرية الطبيعية,وإنما لها علاقة بتداخل السلطات العشائرية مع السلطات والمؤسسات والأجهزة الحكومية الأخرى.
بعض أسباب انخراط شريحة الشباب في التنظيمات والعصابات الإجرامية نوردها هنا بشكل مختصر,لتوضيح مسؤوليات الأسر والحكومة معا ,في تطور تلك التداعيات الخطيرة,علما إن بعض المنخرطين في تلك الجرائم لم تكن له سوابق في عهد النظام البائد:
أولا-الفقر والبطالة وانعدام وسائل الترفيه وقتل الفراغ,طاقة الشباب مفرغة بالكامل في اغلب الدول المتطورة عبر وسائل مختلفة,منها الأندية الحكومية والخاصة وممارسة هوايات متعددة(السباحة والألعاب المائية-ركوب الدراجات-والسباقات الأخرى-قراءة الصحف والمجلات واستعارة الكتب في المكتبات العامة),إضافة إلى تمديد فترة التواجد في المدارس من الساعة التاسعة صباحا وحتى الثالثة ظهرا,إضافة إلى زيادة ساعات العمل والوظيفة وإعطاء فرصة عطلة نهاية الأسبوع للترفيه الأسري أو الفردي
ثانيا:انتشار ظاهرة تداول العقاقير المخدرة والحشيش أو المخدرات القادمة من إيران(وقد جلبها بعض العراقيين العائدين من إيران ممن كانوا يمتهنون تلك التجارة علما إن إيران بلد وخط عبور تجارة المخدرات الدولي الممتد مع حلقة أفغانستان وباكستان والدول الأخرى),مع وجود خدمة الستلايت المجانية تقريبا للقحية,وانظر ماذا تفعل تلك القنوات بالشباب في بلد مغلق على العلاقات الثنائية بين الجنسين,مع توفر وسيلة الاتصال عبر الشبكة العنكبوتية والموبايل؟
ثالثا:الفساد الأخلاقي في العراق والمنطقة, فسادا يسري كحشرة الأرضة في المجتمع,في الدول الغربية إن فسدت الأم أو أنجبت أولادا من دون زواج شرعي لايعني إن المرأة أو الأسرة مشروع جاهز للفساد والإباحية العلنية,
بينما تختلف القصة في الدول الإسلامية ,إن خرجت الأم عن طورها الاعتيادي وفسدت أخلاقيا وباعت عرضها لأي سبب كان ,أصبحت هي وأفراد أسرتها أولادا وبنات عرضة لانتهاك العرض من قبل بعض شواذ المجتمع وساقطيه,
وهذه معادلة غريبة لا يمكن تصور حدوثها في بلد مسلم ,إلا أنها الحقيقة وقد شملت مختلف الأعمار والمناطق,واحدة من أسباب تزايد تلك الظواهر الشاذة هو الكبت الجنسي الذي انتشر في زمن النظام البائد(حيث امتنع الأهالي عن تزويج أبناءهم إبان حرب الخليج الأولى مع إيران خوفا من ذهاب هدية الشهيد إلى زوجة المغدور),وظاهرة الفقر المتزايدة حاليا وسط غلاء المعيشة وتعثر توفير فرص العمل أو توفير مواد البطاقة التموينية,هذا فضلا عن غياب القوانين المنظمة للحياة الاجتماعية التي تحد من ظاهرة التحرش الجنسي بمختلف وسائله(النظر-اللمس والاغتصاب),
وهي من اخطر القوانين وأهمها في المجتمعات الغربية, وفقا لدراساتهم التاريخية ونتيجة لاهتمامهم الكبير بعلم الاجتماع,ضحايا تلك الظواهر الاجتماعية الخطرة هم اخطر وباء يصيب ويعاني منه المجتمع إن لم تكن له معالجات سريعة,عبر تشريع قوانين التحرش الجنسي ,وبحث مؤهلات الوالدين الأخلاقية لتربية أبناءهم الخ.
رابعا: المجتمع ألذكوري الذي يغيب عن مؤسساته الأمنية والمدنية العنصر النسوي,مرشحة في أن تكون حاضنة لثقافة العنف ألذكوري,ولهذا نحتاج إلى إشراك المرأة في جميع المؤسسات الحكومية بغض النظر عن واقع تلك المؤسسات وأهميتها وحساسيتها
(تدخل في جميع الأجهزة الأمنية في إدارة ومراقبة وعمل مديريات المخابرات والأمن الوطني ودوائر الشرطة والتحقيق الجنائي العام ومديريات الجنسية والجواز وخدمة المطارات والوزارات الخ.),
توفير دور للمرأة من خلال الاحتكاك بالآخرين تعطي توازنا اجتماعيا ينعكس مستقبلا على طبيعة الاندفاع الرجولي في المجتمع,مع اعتباره بوابة لإشاعة لغة التسامح وأدب الحوار وتلطيف الأجواء مع الآخرين(دخول المرأة أو الرجل إلى أي مركز للشرطة يتواجد فيه العنصر النسوي يعطي انطباعا جيدا لدى الشخص المراجع أو المشتكي بأنه دخل مؤسسة أمنية لكنها مدنية في التعامل).
خامسا:التحالف البعثي مع تنظيم القاعدة الإرهابي,واستيلاء بقايا النظام البائد على قيادة هذا التنظيم,أدى إلى تنوع وتغير طرق وأساليب استدراج المراهقين لتنفيذ بعض العمليات الإرهابية(هناك بشاعة سادية في تنفيذ بعض الجرائم الإرهابية يصعب على فلول القاعدة تنفيذها هي صورة عن جرائم البعثيين المرتكبة بحق أبناء شعبنا-بعثيون بلباس القاعدة) ,وهؤلاء يعرفون نقاط ضعف بعض الشباب الضائع اجتماعيا,ولا يتورعون عن ارتكاب أي فعل منحط
عرض الجرائم البشعة عبر وسائل الإعلام أمر سهل ,ولكن الصعوبة تكمن بتبعات هذه الثقافة المتزايدة والخطرة,التي يتحمل أوزارها الحكومة والمؤسسات التربوية والأسر الغير كفوءة لتربية أبناءهم,
واستمرار مبدأ الإهمال وعدم المبالاة التي امتازت به الكتل البرلمانية المساكة لدفة الحكم,يعني إننا أمام حقبة مأساوية قادمة ,تسلخ من روح الشباب زهرة عمرهم,وتصنع من بعضهم مشروع جريمة, تمتهن حرفة الرشوة والفساد والجريمة المنظمة !

أحدث المقالات