اصبح مألوفا أن نعيش بشكل شبه يومي مسرحية دامية في بغداد والمحافظات جراء العمليات الارهابية التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء ، بعد ان غيرت المجاميع الأجرامية خرائطها وخططها في ضرب الحياة العامة محاولة منها لاشعال الفتنة الطائفية من جديد ، الأرقام غير الرسمية عن اعداد الشهداء والمصابين مذهلة للغاية وتستدعي من المسؤولين في الحكومة والبرلمان ومجلس القضاء التوقف بجدية على مواطن الخلل ، على الرغم من انني متأكد أن عّداد قتل الأبرياء لن يتوقف مادام هناك من يحتضن الأرهاب في بغداد والمحافظات من الكتل السياسية ووسائل الاعلام .
واصبح من الواضح تحول الأرهاب في العراق إلى “مهنة” حالها حال المهن الاخرى مثل النجارة والحدادة وعامل البناء والسائق استسهلها ضُعاف النفوس وامراء الموت واصدقاء الشر في ظل غياب الرادع والعقاب من قبل الأجهزة الحكومية الرسمية.
ويشعر العراقيون المساكين هذه الايام بالوحدة واليأس والأستسلام إلى الامر الواقع لتتصدى اجسادهم السيارات اللعينة التي تحمل لهم هدايا الموت المجاني .
وتختلف الكتل السياسية في كل شيء في العلن الا على دعم القوات الأمنية، لقد اجرى المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي جملة اخبار استطلع فيها اراء الكتل السياسية على العمليات الأستباقية التي تشنها القوات الامنية ضد المجاميع الأرهابية ،والجميع بلا استثناء، بارك واشاد ودعم ودعا إلى تعزيز قوتها خلال المرحلة المقبلة، لكن هل جميع هذه الكتل السياسية تدعم تلك القوات في السر ايضاً ؟
وبالطبع دعم تلك القوات مشروطا باتباعها القانون ومراعاة حقوق الانسان، وعدم الاعتقال العشوائي أو معاقبة مدن كاملة لم تذنب .
وليس من المنطق ان نجافي المعادلة التي تقول أن الديمقراطية لاتكتمل بلا قانون والقانون لايكتمل بلا جهاز امني مستقل بذاته عن الضغوط السياسية هذه المعادلة معقدة التنفيذ لان هناك في الكتل السياسية من يسعى الى تعطيلها وتفعيلها في المرحلة الحالية فعلى مايبدو أنها تحلو لها لعبة “القط والفأر ” فهي تدعم بيد القوات الأمنية بالتصريحات والأحاديث المعسلة و”الكلام الحلو “وتمول بيد آخرى العمليات الأرهابية عبر استغلال الملف الامني لاغراض سياسية الأمر الذي يعد ابسط الطرق واقصرها لتعزيز دور تلك المجاميع ومنحها فرصة استهلاك الوقت لقتل مزيدا من العراقيين .
والعنف السياسي على اي حال من الاحوال يُعبد الطريق ويسلكه للعنف الدموي و لايمكن التخلص منه الا من خلال توحد المواقف السياسية فعلا وقولاً لمواجهة المجاميع الأرهابية المتخلفة التي تستهدف الجميع بلا استثاء ، السنة والشيعة والكرد والمسيح والايزيدية والشبك وابناء المدينة والقرى والرجال والنساء والاطفال وعراقيو الداخل والخارج وابناء الغربية والجنوب ووكل شرائح المجتمع .
واثبتت تجربة العنف الدموية للسنوات التي مرت أن مايهم تلك المجاميع المتخلفة سفك الدم عراقي ولافائدة لها سوى ان تقول للمحيط الخارجي بانها موجودة على الارض و لانعرف ماهدفها؟ وماذا تريد بالضبط من العراقيين ؟
وعلى السياسيين أن يدركوا أن العراقيين لم يجُبرهم للتصدي للمسؤولية وليس من المعقول والمنطق رمي تدهور الأمن احدهم على الاخر كما ترمى كرة القدم !تذكروا ان جميعكم سيقف امام الله سبحانه وتعالى و ستسألون بشأن خلافاتكم على المناصب والمكاسب والمغانم التي كانت سبباً في ازهاق ارواح الابرياء طيلة السنوات الماضية التي مهدت الطريق لمجاميع ارهابية لاتفقه في الدين والانسانية شيئا ..توحدوا ولو موقتاً يرحمكم الله !