الإدارة الحالية الأميركية مقتنعة تماما مثلنا، بأن القضاء على الإرهاب لا يمكن دون تقييد وحصار النظام الإيراني، وأن الحرب على الإرهاب تبدأ بإيران، فتلك قناعة إدارة الأمن القومي الأميركي ولا نحتاج لإقناعها نحن بذلك. إنما السؤال هو كيف يمكن لدول مجلس التعاون، مساعدة هذه الإدارة الأميركية واستغلال موقفها المتوافق معها، لمنع إيران من التدخل في شؤونها ومن الخروج من منطقتنا؟
كيف يمكن إقناعها للضغط على الروس بالتخلي عن إيران؟ خاصة وهي المظلة الوحيدة المتبقية لها التي تحمي وجودها المباشر على الأرض (في سوريا والعراق) بعد انتهاء الحقبة الكارثية الأوبامية؟
محاصرة النظام الإيراني دوليا هدف بالإمكان تحقيقه في هذه المرحلة الذهبية القادمة من عمر العلاقات الأميركية الخليجية، التي أصبح عنوانها مواجهة الإرهاب الإيراني، بل امتد هذا العنوان ليطرح سؤالا في الولايات المتحدة الأميركية لم نكن نظن أنه سيُسأل إبان الإدارة السابقة، وهو: «هل يتمكن ترمب بعلاقته الجيدة مع روسيا من أن يقنعها بالتخلي عن إيران»؟! من مقال إيلي ليك في «بلومبيرغ» في شهر يناير (كانون الثاني)، وإن كان ذلك صعبا كما يقول الكاتب، خاصة أن العلاقة بينهما قد توطدت بشدة في الملف السوري منذ 2015. فإيران سمحت لروسيا باستخدام قواعدها الجوية العسكرية من أجل قصف المدن السورية بحجة الحرب على الإرهاب، كما دفعت إيران لروسيا مبلغا لشراء الصواريخ الروسية. والسؤال الذي طرحه مايكل لوفين السفير الأميركي في روسيا له منطقه وحجته، وهو: لماذا سيتخلى بوتين عن إيران؟ ما الصفقة التي سيعرضها ترمب على بوتين للتخلي عن إيران في الملف السوري على الأقل؟ هل ستشتري الولايات المتحدة السلاح من روسيا بدلا من إيران؟ أم ستشتريه الحكومات العربية؟ ويضيف أنه ممكن أن يساعد ترمب من الحد من الوجود الإيراني في سوريا، بالوعود بتخفيف العقوبات الاقتصادية على روسيا، والخاصة بسلوكها في الملف الأوروبي.
في اعتقادي هو أننا لا بد أن نركز على محاصرة «وكلاء إيران» إلى جانب البحث عن سبل إقناع الحلفاء بالتخلي عنها.
لا يخفى على أحد أن دول الخليج الآن تعيش مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحلة السنوات الخُضر التي تلت السنوات الثماني العجاف أيام أوباما.
كدول عانت من السنوات الثماني العجاف التي تسببت بها الإدارة الأميركية السابقة بدعمها للإرهاب الإيراني في المنطقة، فإن على دول الخليج أن نوظف المرحلة المقبلة بهجمة مرتدة (أميركية خليجية) على وكلاء إيران الذين غذتهم الإدارة السابقة. نقوم بذلك آخذين في الاعتبار أن أمامنا أربع سنوات فقط، هي عمر هذه الإدارة، فإن امتدت لثماني سنوات أُخر فأهلا بها، وإلا فالاستعداد لا بد أن يكون على أساس أنها أربع قد لا تتكرر.
علينا طلب المساعدة في حربنا على وكلاء إيران، وتضييق الخناق عليهم كما حدث الآن مع البحرينيين الموجودين في الولايات المتحدة، اللذين وضعتهما الإدارة الحالية على قائمة الإرهاب، واتخذت الإجراءات كافة التي كانت تتخذها على من يثبت لديها انتماؤه لمنظمات إرهابية محسوبة على «السنة»، والقوائم الإرهابية موجودة وحسابات البنوك معروفة لدى الإدارة السابقة، لكنها تجاهلتها متعمدة.
يجب أن يمتد هذا الحصار إلى جميع المنظمات العربية الإرهابية المدعومة من إيران، هنا يجب أن يكون العمل المشترك والمؤثر مع الولايات المتحدة في الأربع سنوات مربوطا بالحرب على المنظمات الإرهابية العربية الأخرى المحسوبة على أنها سنية (داعش والقاعدة)، فذلك أجدى من التحرك فقط على الضغط على إيران للخروج من المناطق العربية، أو الضغط على الروس للتخلي عن إيران.
إنه التحرك على الخطين معا، لا بأس من ذلك، وهنا يأتي دور التحرك دوليا للشرق، كما يقوم الآن خادم الحرمين الشريفين بالتحرك لتوطيد العلاقات التي أهملت لسنوات، وتعزيز تلك الجولات بجولات متتالية لجميع القيادات الخليجية شرقا، وربط توثيق تلك العلاقات بزيادتها المطردة جنبا إلى جنب مع التخلي عن النظام الإيراني، إنما التركيز على مطاردة وملاحقة وتضييق الخناق على وكلاء إيران في المنطقة كـ«حزب الله» و«الحشد الشعبي» و«سرايا الأشتر»، وغيرهم كأفراد وكتمويل، أجدى، قياسا بالفترة الزمنية القصيرة التي نعمل فيها.
* نقلا عن “الشرق الأوسط”