الى الفنان ” محمد صادق ” الذي يحمل روح ” بروميثوس ”
تاريخه الفني الطويل بالنسبة لنا ، من خلال ما قدمه من عروض مسرحية ،وما سجله من أغان ٍ مع فرقته الشهيرة ، فرقة ” أيلاف ” التي أكتسبت شهرة واسعة ،و التي رسمت الحب للناس ، عبر أغنياتها التي ظلت شاخصة الى يومنا هذا ،وهو يردد ” بدأت مشكلاتي تزداد كلما تعمقت بالفن ” والإبتسامة تملأ وجهه الأسمر ، أين الحب الذي نبحث عنه من بين تلك النهارات التي تشهدها بغداد ! لقد مللت الثرثرة ! أقصد عدم الاكتراث بما يحيطنا ! بالرغم من ضياع هذا الحب الذي كانوا يحلمون به ، مع صفوة من ممثلين ومخرجين وعازفين ، يجمعهم النقاء ، والجمال المشحون بالحب في العمل المسرحي الشبابي ، الذي كان شغلنا الشاغل في مرحلة طفولتنا المغمسة بالهم ،والحزن ، والفقر الذي نخرَ أجسادنا ، وحولها الى كومة من العظام الهشة وكأننا مصابون بأمراض السل المعدي ، والفنان ” محمد صادق ” وهو العازف والمغني والممثل ، وهو يبوح بأحاسيس وانفعالات لا حدود لها ،وكان يراوده شعور بضيق المكان الذي نعيش فيه ” مدينة الثورة ” تلك المدينة ” التي أهملها المقبور رئيس النظام ،وكأن حالات الدمار، والتقتيل المستمر ، هو الذي كان يحصيها عبر مخيلته السارحة بالفن والجمال ، والدليل عندما قدمنا مسرحية ” جثة على الرصيف ” للمؤلف السوري ” سعد الله ونوس ” وبحضور كثيف من جمهور المدينة ، أختار شخصية ” السيد ” لينتقم من هذه الشخصية التي أتعبته من الحروب ، وسفك الدماء ،وهيمنة الرجل الواحد على مقدرات هذا الشعب ، بل لم يكتفي بذلك أكد لنا بأن هذه الشخصية لها جمالياتها وعلاقتها البنائية وحتى دلالالتها ، وآثر أن ينحصر دوره في الإشارة السريعة جداً إلى التقارب ، والتشابه بين شخصيات مجرمة ودكتاتورية على مر التاريخ أمثال ” هتلر ” و ” ما سوليني ” وكان يمكن أن يقول لنا نحن فريق العمل الكثير الكثير عن هذه الشخصية التي تركت قسوتها علينا وعلى الشعب العراقي ، لكن بإطار رمزي ،كتبها المؤلف ” ونوس ” خوفاً من العسس الذين ينتشرون في مدينتا التي لا تنام من كثرة الإحزان والنعوش التي لاتتوقف القادمة من ايران ، ويبدو ” سعد الله ونوس ” في مسرحه هذا يترصد همنا وهمه من أجل أن تكون أحتفالاته مشبعة للهم العربي الذي يزداد يوماً بعد آخر،كما لو أن هذا التأكيد في نصوصه التي كتبها هو أستخلاص منطقي أتى من التحليل ومن مسار دراسة الإوضاع التي نعيشها ، وهو في حالات البحث عن المسرح وما نقدمه عبر فرقتنا المسرحية التي لا تكل ولاتمل في تقديم ما هو جديد ، لإشباع رغباتنا ورغبات الجمهور الذي ظل ملاصقاً ومتابعاً لمعظم العروض ومنها ” أشجار الخير لن نموت ” وهي مسرحية شعرية ، قال عنها الاديب ” خضير ميري ” أنها مسرحية قدمتموها بجهدكم الخاص وبعرق الجبين ،وأنتم تحملون رؤية فنية ونضالية في قلب النهوض التحرري ، ومسرحية ” البيارق ” التي كان ” الصادق ” مميزأ فيها وهو الصوت المنفرد الذي يعبر بحضوره وفاعليته وجمهوره الواسع في تلك الفترة ، وهو دائم الاشتعال والبريق ولم يكن يوماً مبتعداً عن معارك ناسه وجمهوره وهو يحمل روح ” بروميثوس ” هو أن ” بروميثوس ” حسب الأسطورة القديمة ،أنتزع النار من الآلهة ، وانحدر بها من الأعالي كي يسلم هذه النار إلى البشر ، تحية لك ايها ” الفنان الصادق ” بعدما فرقتنا المنافي .