مما لا شك فيه ان اصحاب الاهداف الكبيرة والمشاريع العملاقة التي ستخدم الانسانية قبلهم إذا ما تحققت، كتبوا على انفسهم مشقة الطريق و وعورتها وعقدوا عليها عدم التراجع او التنازل والهروب منها او حتى الظهور بمظهر يوحي بالضعف والهوان، إنهم قرروا وكان قرارهم صائباَ في ان لا يبقون امد الدهر يعيشون بين الوديان وانظارهم الى قمم الجبال، فبدؤا وجهزوا لرحلة طويلة وشاقة، ولكن رغبتهم في تحقيق هدفهم وشوقهم للانتصار وحبهم في خدمة ابناء مجتمعهم والبشرية، أنساهم الهموم والصعاب وطول الدرب، لانهم مؤمنون بالوصول الى النهاية ويتذوقون حلاوة ما قدموه من جهود، وان افقاَ رحباً ستفتح امامهم، وليس كل الانسان طموحاً قادراَ وكفوءاً
العمل الامني من بدايته، مشقة وإصرار وصراع مع الذات الذي يطلب الاستراحة والتلذذ بالحياة، وصراع مع من قرروا ان يعكروا صفوة الحياة للمواطنين، وصراع من اجل البقاء والديمومة، عمل مستمر ليل نهار، لا يحتمل وجود الخطأ
العمل الامني شوق وإخلاص وحب ورغبة في العمل لانه بأهداف إنسانية و واقعية وسرية و وضوح وموضوعية وعقلانية والمرونة والمرحلية
إن حاجة الإنسان للأمن غريزة فطرية فيه يسعى إليه دائمًا منذ أن بدأ الإنسان يعمل على إشباع حاجاته الفطرية أو الأساسية عن طريق القنص، والصيد، فكان يجمع كل المعلومات عن الحيوانات التي يرد صيدها بأقل الأضرار تلحق به، فكان يبحث عن مكان إقامتها وكيفية مقاومتها ومدى خطورتها ونقاط الضعف فيها ليستعين بهذه المعلومات على إشباع حاجاته وكي يعيش في مأمن من خطورة هذه الحيوانات. يظهر ذلك في بحث الإنسان القديم الذي لم تصله دعوة الأنبياء والرسل، عن قوى يحتمي بها ويشعر بالأمن في ظلها، فتعددت أنواع معبوداته…
يهدف الانسان من وراء عمله الى استمرار الحياة و كسب الرزق ليخدم اسرته و مجتمعه و الانسانية جمعاء و هذا هو الاساس الا ما استثنى منها و درجة الخدمة المقدمة مسألة نسبية تختلف من مهنة الى اخرى
وباعتبار العمل الامني الذي الذي يقدمه العاملين ضمن الاجهزة الامنية تأتي في رأس هرم حاجيات الانسان لان العمل الامني تعني خلق بيئة أمنة من كل مصادر الخوف و الفزع والتهديد داخليا و خارجيا لينعم الانسان بباقي جوانب حياته السياسية و الاقتصادية و التنموية
و ان العمل الامني يتضمن جانبان و هما الجانب الوقائي الايجابي و الذي يعني العمل من اجل بناء حياة امنة بعيدة عن مصادر التهديد و الخوف يضمن حقوق الانسان في المشاركة السياسية و الانتخاب و الحريات العامة و التنقل والعمل ودعم النظام الديموقراطي الذي هي حكم الشعب و فصل السلطات عن بعضها البعض و سيادة القانون و استتقلالية القضاء و غيرها من الاعمال ، اما الجانب الثاني هو الاجرائي السلبي يتضمن القيام باعمال الردع و مكافحة الجريمة بانواعها و القبض على المتهمين و تحديد مصادر التهديد و الحد منها واحباط المؤامرات و المخططات الارهابية و محاربة الفساد و الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة و الاقتصادية و المخدرات و الخطف اي كل ما يمس امن البلاد و اليات تسليم المجرمين و المتهمين و التعاون و التنسيق الامني بين الدول .
إن نجاح أي عمل ليس مطلقاً في تحقيق أهدافه المرسومة له وفق الاساليب والوسائل والامكانيات المتاحة ولكن النجاح نسبي يتأرحج بين الارقام والاعداد المختلفة زيادةً ونقصاناً .. لذا فان تحقيق هدف العمل الأمني بتوفير الحياة الأمنة وحماية الممتلكات العامة والخاصة من قبل الاجهزة الامنية المعنية وبالتعاون مع المواطنين ليس مطلقاً ولكنه نسبي شأنه شأن الاعمال الاخرى، فأحياناً ما يتعرض أمن الدول الى الاختراق من قبل الارهابيين والعصابات وتنفيذ مخططاتهم بتعكير صفوة الحياة وقتلهم وتدمير المنشات الحكومية وغير الحكومية رغم أتخاذ الاجراءات الامنية ، فالصراع قائم بين الاجهزة الامنية والذين يحاولون العبث بالحياة نشر الرعب والخوف بين الابرياء .
العمل الامني يتطلب وجود مجموعة من القدرات التي تشكل دعائم النجاح ومنها القدرة على جمع المعلومات و تحليلها و هي بحاجة إلى كفاءة رجل الأمن و حكمة القيادة الأمنية والقدرة للوصول إلى قرارات صحيحة. هذه القدرات تمنح المؤسسة الحيوية في الحركة والاداء وديناميكية في اكتشاف التحديات المستقبلية والتهديدات والمخاطر الأمنية الحالية . هذه القدرات (التحليل،الكفاءة، القيادة ) تولد امكانيات وهي مناعة الأجهزة الأمنية من الاختراق مع الاحتفاظ بعلاقات متميزة.
العمل الامني كغيره يعتمد على مجموعة من الاسس التي ينبغي العمل بموجبها والسير وفقها ليرى النور والنجاح منه (أعتماد أستراتيجية أمنية .الأطار القانوني للأجهزة الأمنية. أحترام القانون ومبادئ حقوق الأنسان وحرياته والديمقراطية . أعتماد الوسائل العلمية والتكنولوجية. التنسيق والتعاون الأمني).
يرتكز العمل الأمني على مجموعة من الدعائم التي تمنحه القدرة على الاستمرار والمواجهة ودفع الأخطار والتهديدات الموجهة لأمن اليلاد بحيث وجود خلل أو نقص في إحدااها يؤثر سلبا على الدعائم الاخرى ،أي انها تتكامل فيما بينها لتكون منظومة واحدة ومنها (القدرة على جمع المعلومات وتحليلها. كفاءة رجل الأمن. القيادة الحكيمة والقرارات الأمنية الصحيحة. القدرة على الاختراق و وسائل حماية الجهاز الأمني منه. العلاقات المتميزة للأجهزة الأمنية.