23 ديسمبر، 2024 12:24 ص

العملية السياسية في طريقها للمقبرة!

العملية السياسية في طريقها للمقبرة!

كل الدلائل الأجتماعية والسياسية والأقتصادية في الداخل والخارج، وبتفاعل حيّ للمراقب العراقي والأقليمي والعالمي، تدل قطعاً من دون لبس، بأن المد الشعبي العراقي بكل مقوماته القومية والأثنية، لم يقبل بأستمرارية القوى السياسية الفاشلة التي أدارت السلطات المتعاقبة، ما بعد 2003 ولحد الآن قاربت السبعة عشر عاماً، لم تتمكن من تقديم أية خدمة للشعب العراقي، تلك القوى السياسية الفاشلة ، حكمت العراق وشعبه بأساليب وممارساة فاسدة فاشلة فوضوية، بعيدة كل البعد عن القانون والنظام والدستور الدائم لتخالفه تنفيذاً، ناهيك عن فساد مستشري في جميع أجهزة السلطة بما فيها القضاء، مع المحسوبية والمنسوبية والوجاهية والعشائرية، ممارسة الراشي والمرتشي على قدم وساق، مع زرع الطائفية الهادمة والعنصرية المقيتة والمحاصصة الحزبية على حساب الوطن والمواطن دافعاً للثمن الغالي.
كل هذا وذاك أدى الى أنطلاق أنتفاضة شعبية شاملة، تطالب بوطن وحقوق المواطنة، دون أن تعير السلطة القائمة أي أهتمام بمتطلبات الأنتفاضة الشبابية اليافعة، لتتحول تلك الأنتفاضة الخالدة التي بدأت منذ الأول من تشرين الأول، الى ثورة خالدة تسربت فورانها على مستوى العراق بالكامل وبمساندتها ودعمها من قبل المحافظات الغربية، بأستثناء المحافظات الشمالية، وهي تنتظر دور الخمسة عشر محافظة كي تقول كلمتها الحرة في الحياة وممكن المحافظات الشمالية تغير موقفها مع الثورة.
هذه الثورة تدفع الدم الغالي بأستمراريتها السلمية، تطالب بوطن وحريته وأستقلاله الكامل نحو الحياة الأفضل، وهي تقرر ما تراه مناسباً من حيث الظرف المناسب، تحت قيادة واعية تعي مهامها الآنية والمستقبلية، بدعم وأسناد جميع القوى المدنية العلمانية الوطنية الحريصة على الأنسان العراقي عامة.
أستقالة الحكومة وقسم من النواب:
في نهاية تشرين الثاني قدمت حكومة عادل عبد المهدي أستقالته متحولة الى حكومة تصريف أعمال، وقبل ذلك بأيام أستقال قسم قليل من نواب البرلمان العراقي المستقلين وأثنان منهما شيوعيين، دون أن يتحرك ضمير ووجدان بقية النواب لتقديم أستقالاتهم من مجلس النواب العراقي، فالأستقالة تعتبر حالة متقدمة سياسياً، ولكنها جائت متأخرة وهي قليلة من حيث العدد الكبير لأعضاء البرلمان، والمستقيلين لا يتجاوز عددهم العشرة، ولذا يتطلب أستقالة متواصلة من جميع النواب، بما فيه تقديم الأستقالة العامة من العملية السياسية برمتها، كونها لم ولن تصلح ولم تتمكن من تقديم أي أصلاح للمجتمع العراقي. فأستقالة الحكومة وقسم قليل من النواب يعتبر حالة متقدمة ولكنها ليست كاملة للتغيير الذي ينتظره الشعب العراقي المعتصم في غالبية محافظات العراق.
فما يراه الشعب العراقي هو فشل كامل للعملية السياسية برمتها، وعلى القوى السياسية كاملة، الأعتذار للشعب العراقي وخاصة القوى السياسية المسيطرة لزمام الأمور منذ 17 عاماً، مارست الفشل الذريع وعليها ان تعتذر فورا ومن دون تردد وتعتزل العمل السياسي بالكامل، حتى وأن تعلم يقيناً بأن القانون سوف يطالهم جميعاً، كونها عملت بتناقض صارخ بالضد من مصالح الشعب وحرية وأستقلال الوطن.
الدولة العميقة:
كل الدلائل شخصت بوجود دولة عميقة داخل الدولة العراقية، متكونة من الأسلام السياسي الطفيلي الأجير لأيران من جهة، وقوى البعث الأجيرة التي حضنها ورعاها الأسلام السياسي عموماً وحزب الدعوة الأسلامي خصوصاً، وهي تعلمل معه ولخدمته مقابل أمتيازات وثمن أجرها وعملها بطاعة تامة للأسلام السياسي من جهة ولحكام أيران من جهة أخرى، هذه القوى الفاسدة الفاشلة الفاشية، دمرت العراق بشراً وحجراً في آن واحد، ومن الصعوبة جداً أن تتنازل هذه القوى القامعة للشعب العراقي، عن أمتيازاتها المالية وحبها للكرسي الدوار وسيطرتها على الشعب بقوة السلاح، ولكن هيهات من الكن الغامضة النوايا والأهداف والمحصلات على أرض الواقع، لكننا نرى قوة وجبروت الشعب العراقي هي الأقوى مهما كلفته من تضحيات، لكن المحصلة النهاية هي أنتصاره لا محالة، تلك هي تجارب الشعوب عبر التاريخ القديم والحديث.
النصر للثورة والهزيمة للعملية السياسية:
الثوار متواصلون في أدائهم السلمي بالرغم من جبروت القوة والعنف الممارس من قبل السلطة الفاشية بالضد منهم، وهذا هو ردة فعل للبقاء والأستمرار على نفس النهج الفاسد المدمر، لدمار الشعب وخراب البلد وتعطيل الحياة من جميع النواحي الأجتماعية والسياسية والأقتصادية والتعليمية والصحية ووالخ.
ولكن أستمرار الدم النازف للشعب وهو يقدمه فداءاً للوطن وللشعب بقناعة تامة، وهو يواصل نضاله بكل صبر وجبروت غير محسوب في جميع حسابات الزمن والتاريخ قديماً وحديثاً مقارنة بالثورات العالمية التي حدثت، ومنها ثورة كومونة باريس في القرن التاسع عشر، وثورة أكتوبر الروسية في بداية القرن العشرين 1917، والثورة العراقية الأولى في تموز عام 1958، والثورة الكوبية عام 1959، والجزائرية وووالخ من الثورات في العالم أجمع.
هذه الثورة أرعبت الحكام الفاسدون الفاشيون الحاكمون في العراق منذ 2003 ولحد الآن، وهي تعمل بكل الطرق والوسائل المتاحة لها لمحاولة قمع الثورة، ولكن الأخيرة تقدم دم غالي ونفيس وبرخص من أجل الشعب والوطن، وهو مبرر لأنهاء الوضع القائم المزري، كونه لا حلول بغياب الدم الذي أرخصته الثورة من أجل التغيير من اجل الحياة ومستقبل الأجيال، والحكومة مرعبة تماماً من سيلان الدم الزاهي الغالي، وهذا الدم النازف ينهي العنف والرصاص الحي الصادر من السلطة الفاشية، وعليه لابد من الرأي الداخلي والأقليمي والعالمي، وهو لصالح الثورة وأدائها السلمي، ولذا القبور جاهزة للسلطة القائمة مهما ملكت من قوة وجبروت لا محالة، ليتم تنفيذها من قبل المحاكم المختصة وفقاً للقانون والنظام، والمتهم بريء يتطلب محاكمته علناً أمام الشعب ليتم تجريمهم أو أدانتهم أو تبرئتهم، وهذا واجب القضاء العادل النزيه وعلناً.