بدلا من ان تبني الوطن وتوجد الدولة وتنشيء المؤسسسات وتصنع الامن وتوحد الجماهير وتوزع الثروات على الشعب الفقير وبدلا من ان تعيد للعراق مكانته بين الدول انتهت العملية السياسية والتي قامت على انقاض الاحتلال الاميركي للعراق في عام 2003 تلك النهاية المأساوية التي ما عادت تنفعها العلاجات الانية التي يحاول ما يسمى بسياسيي الصدفة اسعافها ومحاولتهم الحفاظ عليها ليس من باب اهميتها بالنسبة للوطن والشعب ولكن من باب انها اصبحت باب رزق لهم يعتاشون عليها بما تدره عليهم وعلى عوائلهم من اموال وامتيازات ومقاولات وكل ما لذ وطاب من مباهج السلطة ومفاتنها
القائمة العراقية والتحالف الكردستاني انتهت مشاركتهم في العملية السياسية الى قناعة انهم كانوا بمثابة القطار الذي اوصل المالكي الى سدة الطغيان والانفراد بالحكم وراح المالكي بعدما نقض اتفاقاته معهم يحاول الغاء وتهميش دورهم لا بل وتهيئة الذرائع وملفات التسقيط من اجل الاجهاز عليهم وعلى شراكتهم له في العملية السياسية بعدما انتفت حاجته لوجودهم كونها لا تتفق مع توجهاته الغير مسؤولة فيما يخص انفراده في ادارة البلد واستحواذه على مناصب عدة ونزعته الدكتاتورية في تلك الادارة. ان تعليق هاتان الكتلتان حضورهما لجلسات مجلس الوزراء وانسحاب واستقالة وزرائها دليل واضح على ان العملية السياسية فشلت وما يشاع عن وجودها كذبة كبيرة فهي في ظل هيمنة المالكي تكون قد وصلت الى نهايتها المأساوية بعد عقد من الزمن
اننا اليوم لسنا امام عملية سياسية وساسة يمكن الاعتماد عليهم في قيادة البلد بل نحن امام مافيا يقودها المالكي وقد قسمت الادوار واقتسمت المغانم وهي ابعد ما تكون عن شيء اسمه اقامة وبناء دولة مدنية بل هي اصلا لا تملك المؤهلات لتلك المهمة التي كانت على مدار التاريخ من نصيب الرجال والقادة الافذاذ الذين وهبهم الله من الحكمة والشجاعة والنزاهة والشعور الوطني الخالص من غير رياء ولا تكلف فبنوا اوطانهم وارتقوا بشعوبهم الى مصاف الحضارة والمدنية التي اصبحت صفة الرقي وعلى مقدار ما انت عليه من تمدن ورقي على مقدار ما تحترم وتكرم وتنال اعجاب الاخرين
ثلاث مكونات غير متجانسة ( العرب سنة وشيعة والكرد )واحزاب لا تجيد العمل السياسي سوى انشاء جريدة واذاعة بيانات والضحك على ذقون البسطاء الذين امنوا بفكرها وايديولوجيتها الخاوية الا من ترهات تسقيط وتسفيه الاخر المختلف معها والاختلاف على تقسيم الاموال المحصلة من دعم الدول التي كانت تعادي العراق وقياداتها التي كانت لا تكن الود لحزب البعث وقائده صدام واطلاق الاشاعات واحداث البلبلة والجلوس على التل بانتظار المدد الالهي للتخلص من الدكتاتور الذي انفرد بهم لاكثر من اربعين عاما يضحك على عقولهم ويقضي على مؤامراتهم الوحدة تلو الاخرى بدم بارد وبشكل عجيب لا يدل الا على خيبة هؤلاء وفشلهم. هذا وضعهم ايام المعارضة فما بالك اليوم وهم في السلطة فقد اصبحوا مثار للتندر والنكتة فهم رغم توفر الاموال والسلطة والقرار لهم الا انهم ما زالوا عاجزين على اقامة دولة وعاجزين على القيام بواجبهم تجاه الشعب العراقي الذي فقد الامل على ما يبدو من تحسن احواله وظروفه واخذ الياس ماخذه منه وهؤلاء اثبتوا لنا انهم غير مؤهلين لمسؤولية بحجم مسؤولية بناء دولة قانون ومؤسسات التي يبدو اننا سوف لا ندرك هذا الحلم الكبير بوجود هؤلاء الفاشلين
عشر سنوات انتهت وما خلفته العملية السياسية المزعومة والتحول نحو الديمقراطية المنشودة هو ضياع 700 مليار دولار يكفي ربعها لبناء العراق وما زال فقدان الامن وسوء الخدمات الصفة الملازمة لخراب هذه العملية السياسية حيث استطاع ثلاثة معتوهين من اعضاء القاعدة من تسقيط وزراة في قلب العاصمة بغداد في وضح النهار واما الخدمات فلقد فقد العراقيون الامل في تحسنها. العراقيون اليوم في حيرة من امرهم ويطالبون بالحل والبديل لهؤلاء ولكن الحل ما زال غير ممكنا في ظل تسلط هؤلاء عليهم وبما يملكوا الان من نفوذ وقوة ومال فان ازاحتهم وفسح المجال للذين يملكون القدرة على بناء الدولة سوف يكلف ثمنا باهظا لا يقل عن ثمن اسقاط نظام صدام بل ربما واكثر .
كاتب مستقل