23 ديسمبر، 2024 12:23 م

العملية السياسية تدخل في حلبة المصارعة الرومانية

العملية السياسية تدخل في حلبة المصارعة الرومانية

يبدو من الواقع  السياسي المرير ومايكتنفه من تناقضات ومساومات وصفقات متبادلة وصل الى مفترق الطرق او درجة الحسم التي لا تقبل التأجيل او التماهل او غض الطرف لكي يستمر الوضع القائم كما هو دون رتوش او مكياج لكن تسارع الاحداث وتعمق الخلاف السياسي بالانحدار الخطير نحو الهاوية . دون ان تسعى اطراف العملية السياسية ان تخلع ثوبها الطائفي وتلبي متطلبات المرحلة بتقيم شامل بهدف وضع الاسس الموضوعية من التحول من حالة الركود الى حالة العمل بتحقيق تطلعات الشعب في الحرية والكرامة واحقاق الحق واسعاف المواطن من ثقل المعاناة وهموم  المشاكل والازمات التي تجعله غريق في بحر لا يعرف السباحة والعوم . ان ترك المواطن دون سند اومعين من الكتل السياسية التي تتحكم في صنع القرار السياسي , بسبب الركض واللهاث من يحصل او يفوز بحصة الاسد من السلطة والنفوذ وبريق المال . وبهذا التفكير السلطوي تتجه الى حلبة المصارعة الرومانية ( الحياة او الموت ) من اجل الفوز بكرسي العرش , تاركة طاعون الفساد المالي والاداري ينعش ويتضخم بقطط السمان , يصاحبه العجز والفشل الواضح في ادارة شؤون البلاد وتلبية متطلبات الضرورية للظرف الراهن وما يمر في البلاد من قضايا حساسة ومواقف مصيرية تتطلب الحل السريع , ان بعض الاطراف السياسية استغلت موقعها الريادي في هرم السلطة والنفوذ لتجني منافع ومصالح ضيقة على حساب الهدف العام او المصلحة العامة , ولن يسعفها الكلام المعسول عن حملة اصلاحات قادمة او ترسيخ بناء البنى تحتية بالاسس راسخة في البناء والاعمار التركة الثقيلة التي خلفتها الحقبة الدكتاتورية , ان هذه الوعود متكررة ومتداولة تنتعش بين فترة واخرى حين يشتد الحبل حول رقبة اصحاب الشأن , وحين تنفرج او يلوح خيط الانفراج او حين يرتخي الحبل تتبخر هذه الوعود في الهواء كأن شيء لم يحدث او يطالب به احد , وقد عجز وسأم المواطن من هذه الوعود المنافقة والمخادعة والمضللة لامتصاص النقمة او الغضب او الرفض العام من الوضع المتأزم . اغلب هذه الاطراف صارت اسيرة في شرنقة الطائفية وقد اقتنعت وسلمت امرها اليها , لانها تدر عليها ارباح ومكاسب ذاتية وحزبية ضيقة , ولهذا السبب تسير العملية السياسية وسط حقل من الالغام والمطبات والتأزم , ناسية او تتناسى دورها السياسي ومسؤوليتها الوطنية في تصفية اثار الدكتاتورية وانصاف المحرومين والمظلومين وبناء البلاد على اسس وقيم سليمة لا غبار عليها , وليس تدعيم وتثبيت الاطار الطائفي , وهذ ما يفسر ويتجلى بوضوح من النقاشات والحوارات المتكررة  بشكل مترهل في مجلس نواب الشعب حول ايجاد صيغة طائفية لتشكيلة مجلس مفوضية الانتخابات تحضى بقبول اطرافها السياسية في عدم مشاركة وابعاد الاخرين من حلبة الصراع والتنافس . وبهذا صوت مجلس الشعب الموقر على ثمانية مصارعين , . ( 4 ) للشيعة و ( 2 ) للسنة و ( 2 ) للاكراد ولم يتفقوا على المصارع التاسع في حلبة الصراع . ولهذا اعتبر البعض بان هذا التشكيل الجديد هو مؤامرة , والبعض هدد بالطعن في المحكمة الاتحادية, والبعض اتهم بان هناك صفقة بين الاحزاب تمهيدا لتزوير الانتخابات القادمة . ونفهم من المحصلة النهائية من اتفاق الكتل البرلمانية ومن التشكيلة الجديدة , هو عدم وجود المرأة وكذلك حرمان الاقليات بشكل عام
من حق التمثيل في مجلس المفوضية الجديد , وهذا يعطي انطباع واضح في ابعاد الاقليات وتجني على حقوق المرأة , ويعبر عن سياسة واسلوب وسلوك ابعاد المرأة او عدم مشاركتها في المشهد السياسي . وحتى هذه التشكيلة المرفوضة لم تحضى بالقبول العام , فقد خرج البعض من قبة البرلمان بين الرافض والقابل بها باعتبارها انتصار العصر. ,, ومرة اخرى تقع القائمة العراقية التي فقدت بوصلتها , تخرج بمواقف متخبطة ومتناقضة ومتنافرة لا يفهم منها المواطن ماذا
تريد وماتبغي من تحقيقه مما يدل انها واقعة في مأزق سياسي عويص , فحين يصرح ( حيدر الملا ) بان ماجرى في مجلس النواب من تصويت هو انتصار كبير للعملية السياسية , فيما يصرح بعض قادة القائمة العراقية بشكل مناقض ( بان القائمة العراقية انحرفت عن مسارها الصحيح )  ويطالبون جماهيرهم بان يعيدوا النظر في حساباتهم لان القائمة خذلتهم .. وخاتمة الصراع داخل حلبة المصارعة الرومانية او داخل قبة البرلمان العراقي , كل الدلائل والوقائع تؤكد على
انتصار الطائفية على حساب الهوية العراقية .