الكثير من الناس يعتقد بأن العمليات الانتحارية قد بدأت في التسعينيات من القرن الماضي أبان ظهور حركات التطرف و بروزها كحركات إسلامية تبنت مثل تلك العمليات ,,, و الحقيقة بان هذه الظاهرة ظهرت لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط .. فالجذور التاريخية للعمليات الانتحارية ظهرت في أدبيات بني إسرائيل قبل ميلاد السيد المسيح بـ11 قرنًا، حيث قام المقاتل العبري شمشون الذي كان قد وقع في أسر الفلسطينيين بهدم معبد الإله (داجون) على نفسه وعلى الفلسطينيين، ليسجل بذلك أول عملية انتحارية في العالم باسمه رغم ما يعتقد بأن هذه الرواية جزء من ( المثلوجيا ) التي تحاول تمجيد بني إسرائيل في صراعها القديم مع الفلسطينيين !! , مع هذا فالواضح من تلك الرواية بان الفكرة كانت قائمة منذ تلك العهود ,, و لم تسجل عمليات مثل هذا النوع إلا بعد أكثر من ألفي عام من تلك الحادثة بظهور الحشاشين سنة 1105م في معقلهم في قلعة الموت (وسط جبال البزر جنوب بحر قزوين ) بزعامة الحسن بن صباح ,, و كان أوائل ضحاياهم من السلاجقة و الأيوبيين و غالبا ما يكون المستهدفين شخصيات من علية القوم و طبعا يكونوا محاطين بالحراس المدججين بالأسلحة ,, حيث كان يرسل الانتحاري و تحت تأثير المخدر إلى هدفه حاملا خنجرا مسموما ذو شعبتين لضمان موت الضحية بطعنة واحدة لان المخططين يدركون بأن رجلهم سيلاقي حتفه بسيوف الحراس !! . و نقترب قليلا من عصرنا هذا لنذهب للسنوات 1939 – 1945 م و هو عمر الحرب العالمية الثانية حيث كان الطيارين اليابانيين( الكاميكاز ) و تعني باليابانية ( الرياح المقدسة) باستهداف القطع البحرية لجيش الولايات المتحدة الأمريكية بإسقاط طائراتهم بكامل ذخائرها على تلك السفن!!… و هذا يعطي انطباعا بان الفكرة هي ليست إسلامية بالضرورة كما تحاول أجهزة الإعلام الغربية تسويقها , فاليهود أول من فعلها استنادا إلى ما حدثنا به التاريخ … لم اكتب هذا الموضوع دفاعا عن العرب أو المسلمين و لكن للأمانة التاريخية بان العمليات الانتحارية هي فكرة عالمية و لم يتبناها الإسلام إلا بعد ظهور من ينضر لها و يبرر استخدامها بذرائع شتى …
و أول العمليات الانتحارية التي نفذت في المنطقة العربية في العصر الحالي و التي نفذها مسلمون هي في سنة 1983م في بيروت إذ قاد انتحاري سيارة ملغومة ليفجرها وسط إحدى الوحدات العسكرية الأمريكية تلتها سنة 1993 عملية أخرى و بنفس الكيفية نفذت في غزة … ربما أن الفكرة لقت رواجا لدى البعض لتصبح ظاهرة إسلامية و بامتياز !!, و لكن الفرق في العمليتين السابقتين و ما تلتها هي نوع الأهداف التي تمت مهاجمتها و عدم الأخذ بعين الاعتبار وجود مدنيين أو أطفال أو نساء قرب الموقع المستهدف مما قد تسبب هذه العمليات بإيقاع خسائر ضخمة بين صفوف المدنيين و ألحاق الأضرار بالبنى التحتية. و العامل الرئيسي لنمو هذه الظاهرة بشكل واسع في العقود الأخيرة هو بسبب تطور وسائل الاتصالات و شبكات التواصل الاجتماعي التي أتاحت الفرصة للانتشار و التوسع لتجد إقبالا لدى شريحة من الشباب الغاضبين أو اليائسين من فرص الإصلاح خصوصا في أوربا و أمريكا لتشكل الهيكل العام للتنظيمات الإسلامية المتطرفة و التي انتهجت هذا الأسلوب على نطاق واسع…و يبقى تصنيف مثل تلك العمليات بين انتحارية أو استشهادية هو عدالة القضية و نوع الهدف المهاجم و هل أن ذلك الحل الأخير الذي لا بديل له و في ضل سطوة القوة المطلقة للعدو وضمان عدم إلحاق الأذى بالمدنيين الأبرياء من أهم الركائز بما يعطي للأمر بعدا إنسانيا و أخلاقيا ؟!!,,, و لله سبحانه و تعالى وحده الحق بتحديد الخطأ من الصواب و الحلال من الحرام, لأننا هنا نطرح معطيات تاريخية و نضعها في إطارها الإنساني و القانوني فقط..