“هذا بلاغ مبين” ورد في القرآن الكريم، في حين قال الشاعر سعدي يوسف: “والصوت لو يشترى ما تشتريه الناس.. عمدا قطعت الذي بيني وبين الناس.. منهم انا مثلهم والصوت منهم عاد” ويشيع في الكلام الدارج ضمن معظم اللهجات العربية: “وصلنا خبر فلان” اي موته.
الآية الكريمة تعلم العباد بوجود رب في السماء يرعى شؤونهم الارضية، حقا لهم، موجبا طاعته بالاستقامة واداء الفروض، واجبا عليهم.
يعد القرآن الكريم بلاغا للناس يعلمهم بوحدانية الله، في السماء، هداية لهم على الارض.
الاعلام بوجود اله كلي القدرة بوسيلة مقنعة يحملها الوحي.. قرآنا.. الى الرسول محمد (ص) يحقق لياقة روحانية للمادة.
وفي موال كتبه الشاعر العراقي المغترب سعدي يوسف / بريطاني الجنسية / ضمن قصيدة (تحت جدارية فائق حسن) جاء: “كل الاغاني انتهت الا اغاني الناس.. والصوت لو يشترى ما تشتريه الناس.. عمدا قطعت الذي بيني وبين الناس.. منهم انا مثلهم والصوت منهم عاد”.
ما يدل على ان الاغنية اعلام شعبي بليغ، لو اجاد التأثير في المتلقي، وهي اجادة تسفر عن استقامة جمالية في الحياة تتضافر مع اللياقة الروحية.
اما (الموت) خبرا، فكاف لأن يعد من اجله الاعلام وسيلة ابلاغ قرآنية الروح والمبنى، وبهذا تتشكل سلسلة متعدية الترابط بين الفهم القرآني والشعر والشعبي للاعلام كوسيلة ابلاغ.
ميدانيا، الاعلام بدأ بالصحافة الورقية، تلاحق في تطوره المتسارع عبر الصحافة المسموعة فالمرئية، حتى وصل الى بساطة استقبال الموبايل للمواقع الالكترونية بينما حامله يقود السيارة.
بهذه البساطة اكتملت دورة الصحافة في التاريخ، منذ القدم والى المستقبل.. مقروءة ومسموعة ومرئية.. تجمع الحواس البشرية كافة في طرح موحد التلقي.
توحيد التلقي يعني التأطير الاعلامي للمجتمع من خلال بلورة رأي يقوم الاعلام بحث المجتمع على تبنيه، ولنقل يتخذ الاعلام موقفا يستدرج المجتمع اليه. حينها يتواشج الاعلام والمجتمع تداخلا في تبني موقف كلاهما يحث الآخر على التفاني فيه.
اذ يطالب المجتمع الاعلام بمزيد من الاجراءات لتكريس الموقف الذي يعمل عليه، في حين الشرارة الاولى لهذا الموقف انطلقت من الاعلام ذاته.
انها دورة الاعلام في الطبيعة.
يعمل الاعلام جادا على الا تنفتح فجوة بين المرسل والمتلقي تغيض فيها الرسالة، فالعمق الاجتماعي للاعلام يتحدد بالاثر الذي تحدثه وسائله المقروءة والمسموعة والمرئية، في المتلقي سواء أكان قارئا ام مستمعا ام مشاهدا، ولكي يتحقق هذا الاثر لابد من اعادة صياغة التجربة الاعلامية مع ورود اول ردود الفعل التي تحملها مجسات الوسلية الاعلامية من نتائج التغذية المرتدة التي تعتمد استطلاعات الرأي مقياسا لتصحيح مسارات توجهها واساليبها في مخاطبة الجمهور المستهدف بقضايا ومحمولات، بعضها محددة وبعضها واسعة.. تترامى ابعادها المنهجية الى مساحات تتعذر الاحاطة بها، كل موضوع حسب سعة او محدودية اشتمالاته.
للاعلام عمق اجتماعي يتسع او يضيق حسب اجادة وسيلة الاعلام في الهيمنة على المتلقي بصدقها وجمال طرحها وتزامن ادائها مع الحدث واشباع فضول المتلقي وحاجته للمعلومة بتوازن مدروس، لايقتضب حين تنبغي الاطالة، فيجتزئ الخبر، ولا يطيل حين ينبغي الاختزال، فتتحول النشرة الى هذيان ثرثار يمله المتلقي.
هذه التوازنات المحسوبة الابعاد في معالجة الحدث اعلاميا هي التي تعطيه رواجا وتسهم في نفاذ الوسيلة الاعلامية الى المتلقي فيتفاعل معها وتصبح منفذ اطلالته على كل ما ينشد الاطلاع عليه بثقة مطلقة تأسست على حدث او بضعة احداث اجاد الاعلام التعامل معها فحاز ثقة المتلقي.