يتوافد سنوياً الى العراق , الملايين من الاجانب والغرباء , ومن دول مختلفة , قريبة ومجاورة وبعيدة , والذي يشجع مجيء جيوش الوافدين الى العراق , التسهيلات الحكومية المقدمة لهم , بالإضافة الى انتشار الفساد بين رجال الامن والقانون وعصابات وشركات التهريب ؛ بحجة العمالة في الشركات النفطية والاستثمارات الاجنبية او بذريعة السياحة الدينية , وتشكل هذه الاعداد الكبيرة من الاجانب والغرباء خطراً على الأمن الوطني والاقتصادي ,عدا ما يُلحقُه من فوضى في سوقِ العمالة والتشغيل غيرِ الشرعي الموجود في البلاد , فضلا عن التأثيرات السلبية على الصعيد الاجتماعي والثقافي … .
وقد حذر متخصصون بالأمن من التساهل في متابعة تأشيرات الداخلين إلى العراق من كافة الجنسيات , وقد شجعت الزيارات الدينية السنوية والتي توفر الطعام والشراب والمنام المجاني , تسلل الفقراء الاجانب والغرباء مع الزوار الايرانيين للدخول الى العراق بحجة الزيارة الاربعينية , الا ان هدفهم ليست الزيارة بل العمل والاستجداء والاستيطان , ويوجد في العراق اجانب وغرباء سكنوا المدن الدينية وانخرطوا في الحوزات العلمية منذ زمن طويل , وهؤلاء يقومون بتسهيل اجراءات الهجرة والاستيطان لأولئك ؛ وربما تجري تلك العمليات تحت رعاية وترغيب من دولهم لتسجيل موطئ قدم لهم في العراق .
لا تزال ارقام الاجانب والغرباء واعداد العمالة الاجنبية وعمليات التجنيس مجهولة ومبهمة أو هكذا يُراد لها أن تبقى فالتصريحات الرسمية في هذا الشأن متضاربة وتفتقر الى لغة الارقام والاحصائيات الدقيقة … ، فيما يعيش العراقي أحلك الظروف ويعاني المواطن من شتى المشاكل والازمات وعلى مختلف الاصعدة والمجالات ؛ فضلا عن انه يعاني من شحة فرص العمل وصعوبة الحصول على وظيفة كريمة ؛ والسلطات تغض الطرف عن كل هذا الواقع المأساوي … ؛ تأتي تلك الأعداد الكبيرة لتضيف عبئاً على ابناء الامة ولاسيما الاغلبية العراقية ؛ و ليس إقتصادياً فحسب بل إجتماعياً وثقافيا وأمنيا من خلال تخريب واقع الأسرة العراقية والشباب والاخلال بالمنظومة الثقافية والاخلاقية والامنية ؛ اذ تقوم تلك الجاليات الاجنبية والغريبة بترويج المخدرات والأفعال اللاأخلاقية إضافة إلى عصابات الجرائم المنظمة التي بدأت تنشط في مدن العراق , ومنها عصابات جرائم التنويم المغناطيسي والشعوذة , وان عدم الاهتمام بهذا الملف الخطير واللامبالاة الحكومية تجاهه , ان دلت على شيء فإنما تدل على مؤامرة مشبوهة ومخطط منكوس يستهدف تخريب البُنية المجتمعية والاقتصادية والثقافية للامة والاغلبية العراقية .
انتشرت في الآونة الاخيرة عصابات اجنبية وشخصيات اجرامية غريبة , تمارس جرائم التنويم المغناطيسي وسرقة اموال المواطنين والسحر والشعوذة , وتشير افادات الضحايا والتقارير الامنية والإعلامية , عن ان اغلب هؤلاء المجرمين من الجنسيات الباكستانية والايرانية والافغانية والهندية والبغلاديشية ومنهم العرب , وهذه العصابات تستهدف الشركات ومكاتب الصيرفة والمحال التجارية ومحلات الصاغة , وكل من يحمل مالاً ؛ لاسيما ان كان من النساء والبسطاء وكبار السن والسذج … .
وقيل ان عمليات السرقة تتم بواسطة التنويم المغناطيسي , وقيل بواسطة السحر والشعوذة , وقيل بسبب خفة اليد وسرعة السرقة , أو التمويه، أو إيهام الشخص المقابل , وقيل بواسطة مواد مخدرة وغيرها , اذ يدخلون على الشخص الذي يريدون أن يسرقوه، ويبدأون بالكلام معه بطريقةٍ ما، ويلمسون يديه وفق ما تظهره المقاطع المصورة لعمليات السرقة، ثم بعد ذلك، يستسلم الضحية ويمنح السارق ما يريد من دون أي وعي، على حد تعبيرهم ؛ وتظهر مقاطع فيديو دخول أشخاص إلى محال تجارية والحديث مع أصحابها، أو أن يضع أحد أفراد العصابة يده على رأس البائع، الذي يسلم اللصوص مبالغ مالية من دون شعور أو وعي ؛ وغير ذلك من التصرفات والحركات التي يمارسها هؤلاء المجرمون مع الضحايا العراقيين .
وتواصلت شبكة انفوبلس مع إحدى الشركات في بغداد، التي تعرض أحد عامليها لما يسمى بـ “التنويم المغناطيسي”، حتى كشف صاحب الشركة التفاصيل الكاملة عن حالة السرقة التي حصلت , ويقول صاحب الشركة، “أتيت إلى الشركة، وتفقدت الأموال وجدت بها نقصاً، وسألت العامل الموجود عن الأموال، حتى قال لي إنه لا يعلم أين ذهبت”… ؛ ويضيف: “توجهت إلى كاميرات المراقبة، وعند تشغيلها وجدت شخصين أجنبيي الجنسية، فسألته عن الشخصين، حتى قال لي، إنهما يريدان معرفة كم تساوي العملة العراقية أمام الدولار الأمريكي، وأنا بدوري شرحت لهما ذلك، وفتحت لهما خزنة الأموال”… ؛ ويتابع الضحية الذي تعرض للحادث قائلاً: “لا أتذكر ما حصل، سوى أنني فتحت الخزنة”، حتى أكد صاحب الشركة، أنه “رأى بالشريط المصور، قيام الشخصين بأخذ الأموال من الخزنة، دون أن يحرّك العامل ساكناً أمامهما”… ؛ ولفت إلى أن “الشخصين أخذا الأموال وهربا”، مشيراً إلى أن “أحد أصدقائه أيضاً تعرض لمثل هذه الحالة … ؛ و أعلنت وزارة الداخلية بوقت سابق – من عام 2023 – ، في بيان لها، القبض على متهمَين أجنبيّي الجنسية لقيامهما بسرقة مبالغ مالية عن طريق تنويم الضحية مغناطيسياً في منطقة البياع بالعاصمة بغداد… ؛ وغالبا ما يسأل هؤلاء المجرمون الضحايا عن نوع وفئات العملة العراقية او الدولار وبعدها تتم عملية السرقة … ؛ وكذلك أعلنت وزارة الداخلية في وقت سابق من عام 2022 عن القاء القبض على 3 متهمين بسرقة شركة صرافة في العاصمة بغداد، وقالت -في بيان- إن “المتهمين أوهموا الضحايا وسرقوا أموالهم، حيث دخل 3 أشخاص إلى مكتب صرافة واستخدموا التنويم المغناطيسي على صاحبه، وتمكنوا من سرقة مبلغ مالي قدره 3 آلاف دولار”… ؛ كما كانت قد اعلنت وزارة الداخلية في شهر ايار من عام 2023 وفي عمليتين منفصلتين , عن القاء القبض على عصابات تستخدم التنويم المغناطيسي لغرض السرقة بينهم اجانب … , ورغم البيانات الرسمية الصادرة عن المؤسسات المعنية بشأن استخدام التنويم المغناطيسي الا ان المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا، يرى، أنه : ( ثبت من خلال التحقيقات التي تجريها الشرطة، عدم وجود موضوع التنويم المغناطيسي، وإنما هناك حالات أخرى ) … ؛ وكانت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، قد اعلنت يوم الثلاثاء (19 ايلول 2023)، القبض على اجانب بتهمة ممارسة أعمال النصب والاحتيال بحق المواطنين باستخدام ما يسمى التنويم المغناطيسي بغية سرقة اموالهم … .
وترى الباحثة الاجتماعية منى العامري، أن “استخدام التنويم المغناطيسي في السرقات لا يمكن أن يتم بتلك السهولة، حيث يحتاج هذا النوع من العلاج إلى دراسة وممارسة، فضلا عن أجواء مناسبة، مثل ضوء قليل وموافقة من الشخص المعني وهدوء وتركيز، لتبدأ مراحل العلاج بشكل تدريجي”… ؛ وتضيف العامري في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “تلك الادعاءات من قبل العصابات يجب أن تكون محط اهتمام السلطات المختصة، ليُفتح تحقيق عن ماهيتها وحقيقتها ومنع إشاعة الرعب بين المواطنين”، لافتة إلى أن “بعض العصابات تنفذ حركات الخفة أو التمويه، فضلا عن التخدير باستخدام بعض الأدوية”… ؛ وأكدت المعالجة النفسية الدكتورة نغم العنزي أن “التنويم المغناطيسي علاج نفسي يُستخدم من متخصصين عبر تنويم العقل الظاهر، وإبقاء العقل الباطن لإظهار ما فيه، وفق ضوابط وشروط”… ؛ وأضافت العنزي في حديثها للجزيرة نت أنه “ليس بإمكان أي شخص أن ينوّم الآخر ويؤثّر عليه من دون قبوله، فلا بد أن يكون بموافقة وعلم الطرفين، كما يجب أن تتوفر ظروف معينة وأماكن خاصة ذات إضاءة خافتة وهادئة بعيدا عن الضجيج، وغيرها من الشروط حتى يحصل التنويم المغناطيسي، كما أن المنوّم مغناطيسيا يتحرك وفق العقل الباطن فلا يتذكر ما طُلب منه وما فعله بعد الاستيقاظ”… ؛ وعن تلك الحوادث، والجدل الدائر بشأنها، ترى العنزي أن “ما يحصل ليست له علاقة نهائيا بالتنويم المغناطيسي، لأن أصحابها يتذكرون تفاصيل الحادثة، وهذا يدل على أنهم كانوا في وعيهم، ويعلمون ما دار حولهم وبمحض إرادتهم، فضلا عن فقدان الشروط المطلوبة لهذا النوع من العلاج”… ؛ وقد علق احد القضاة العراقيين قائلا : ((أن مفهـوم التنويم المغناطيسي هو طريقة لسلب إرادة الشخص ومنعه من التحكم والسيطرة على تصرفاته، فهو بهذا المفهوم يعد أحد الأفعال الممهدة لارتكاب الجريمة ولا يعد جريمة بحـد ذاتها كون المشرع حدد مفهوماً عاماً للجريمة يقوم على مبدأ “لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص )) ويلفت إلى أن “قانون العقوبات العراقي لم يتطرق إلى جريمة التنويم المغناطيسي كجريمة مستقلة بحد ذاتهـا ولم يعاقب عليها بنص خاص ولكن ما سار عليه القضاء العراقي هو اعتبار فعـل التنويم المغناطيسـي صـورة مـن صـور الاحتيال والتي بموجبهـا يتوصـل الجـاني إلى أموال الضحية والتصـرف بـهـا لذاتـه وقـد عاقـب قـانون العقوبات على جريمـة الاحتيال في الفصل الرابع من الباب الثالث بالمادة 456 عقوبات”… ؛ فيما اكد الخبير القانوني، علي التميمي، في وقت سابق، إنّ “العمليات التي تجري وسط النهار عن طريق الحيل تكون عقوبتها السجن لمدة 7 سنوات وفقًا للمادة 440، وإن جرت السرقة في الليل فتكون عقوبتها السجن لمدة 10 سنوات بحسب المادة 443/ خامسًا من القانون، إذ “يدخل التنويم المغناطيسي ضمن أساليب الحيل التي يحاسب عليها القانون العراقي”، مبيناً ان “القانون العراقي يطبق على جميع الأشخاص حتى إذا كانوا غير عراقيين، وتتخذ العقوبة عقب تحقيق قضائي يدخل فيه مختصون طبيون لمعرفة تأثير التنويم المغناطيسي على المتضررين جراء عمليات السرقة”.
لم تكتف الجاليات الاجنبية والغريبة بمخالفة القوانين والاضرار بالاقتصاد الوطني , وارتكاب الجرائم المختلفة والعمل بالجريمة المنظمة والدعارة وتهريب المخدرات , فضلا عن حالات القتل والسرقات وقطع الطرق و( التسليب ) , اذ اضافت الى سجلها الاسود جرائم العمل بالتنويم المغناطيسي لأجل السرقة , والشعوذة والسحر , ففي ظل هذه الاوضاع المتردية وتفشي الفساد في اغلب مفاصل الدولة وضعف القرار الامني والسياسي والاقتصادي , وهشاشة الاوضاع الامنية لاسيما فيما يتعلق بحماية الحدود والمنافذ البرية والبحرية , سوف يتجرأ شذاذ الافاق وشراذم الدول على دخول البلاد وممارسة مختلف الجرائم فيها , وحال الحكومة العراقية في معالجة هذه الازمات والظواهر السلبية والجرائم المرتكبة من قبل الجاليات والعمالة الاجنبية ؛ كما قال المثل الشعبي : (( اجه يكحلها عماها )) اذا تعالج الاخطاء بما هو افدح منها ؛ وفي افضل حالاتها تكون مصداقا للمثل الشعبي القائل : (( أذن من طين وأذن من عجين )) فهي لا تريد الاستماع الى هموم المواطنين فضلا عن ان تجد حلولا لها ؛ فقد كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، يوم الجمعة (23 آب 2024)، عن منح الحكومة العراقية تصاريح عمل لأكثر من 196 الف عامل اجنبي خلال 5 اشهر من العام الحالي… ؛ وقال المرسومي في إيضاح على منصة فيسبوك، وتابعته “بغداد اليوم”، إنه “لغاية الأول من آيار 2024 بلغ عدد العاملين الأجانب الذين حصلوا على تصاريح امنية للعمل في الحقول النفطية الأجنبية (بصرة – ذي قار – ميسان) 196704 عامل من 50 دولة”… ؛ وأضاف إن “العمال الصينيين يشكلون اكثر من 27% وبعدد 53912 عامل تأتي بعدها باكستان 22546 عامل ثم الهند 21675 عامل”… ؛ ناهيك عن العمالة الأجنبية والغريبة غير مرخصة , حيث يعمل مئات الالاف من الاجانب والغرباء في المعامل والفنادق والمطاعم والمستشفيات الأهلية وغيرها من مواقع العمل في القطاع الخاص … الخ .
وقد سئمنا من كثرة المناشدات ومطالبة الجهات المختصة والاجهزة الامنية ؛ بضرورة حماية الوطن والمواطن ؛ من هذه الاعداد الكبيرة من الجاليات الاجنبية والغريبة ؛ فضلا عن وضع الحلول التي تمنع تلك العصابات من تنفيذ مخططاتها التي تثير القلق بين عامة الناس ؛ والضرب بيد من حديد والقاء القبض على كل من تسول له نفسه من اجتياز الحدود العراقية او البقاء فيه من دون موافقات حكومية , ولنا في ايران والسعودية اسوة حسنة , فلا ايران تسمح بدخول اراضيها او البقاء فيها من دون موافقات رسمية , ولا السعودية تتساهل مع الاجانب والغرباء بذريعة اداء المناسك او الزيارات الدينية ؛ فهي تعاقب كل المخالفين بالسجن فضلا عن منعهم من دخول الاراضي السعودية والى الابد .