23 ديسمبر، 2024 3:58 ص

العمارة الحداثوية.. واهميتها التاريخية والوطنية

العمارة الحداثوية.. واهميتها التاريخية والوطنية

محاضرة لتجمع شارع المتنبي الثقافي
نظرا لما تتعرض له العمارة العراقية من اهمال، والى اضافات عشوائية تؤثر على الذوق العام، ولما كان خطر هذا الاهمال لايقل اهمية عن المواضيع التي تمس حقوق الانسان، فقد نظم تجمع شارع المتنبي الثقافي محاضرة بعنوان (الحفاظ على عمارة الحداثة في العراق) قدمتها الدكتورة شذى عباس العامري، صباح يوم 8/آذار الجاري، على قاعة نازك الملائكة في المركز الثقافي البغدادي في المتنبي.

أدار الندوة الاعلامي عامر عبود الشيخ علي الذي استهلها بالقول (تمثل عمارة الحداثة جزءً مهماً من تاريخ العراق، والتي أثرت على طابعها المعماري بشكل ملحوظ للخروج عن النمط العمراني التقليدي، كما انها تمثل ظاهرة حضارية ميزت مدينة بغداد، واضافة بصمة عمرانية على النسيج الحضري).

من جانبها اكدت الدكتورة شذى العامري على أهمية عمارة الحداثة في العراق، خاصة وانها تعاني اليوم اهمالا شديدا، سواءً كانت العمارة تراثية او حديثة. كما تناولت مفهوم العمارة الحديثة، والمقصود منها ما بني وصمم بفكر حديث ومن قبل معماريين حداثويين.

مشيرة الى ان العمارة الحداثوية، والمتمثلة بالابنية التي بنيت في مقتبل القرن العشرين، غير محسوبة على الارث الثقافي المعماري!، طالما ان قوانين الآثار والتراث تعتبر الأبنية التراثية هي التي تمتد الى الفترة العثمانية تحديدا. وما بعد تلك الفترة يعتبر حديث حتى لو كان قد مر عليه اكثر من خمسين عاما. لافتة الى ان حتى تلك الابنية التراثية تعاني الاهمال وقد تتعرض للإزالة على ماتحمله من اهمية تاريخية.

تناولت العامري اهداف محاضرتها بالقول (تحمل محاضرتنا هدفين، الاول ثقافي للتعرف على الابنية في بغداد والمحافظات العراقية، واهميتها ومصمميها والى اي فكر تنتمي والى اي تاريخ تعود، اما الهدف الثاني، فهو توجيه نداء الى الجهات المختصة والمسؤولة لنقول ان هذا النوع من العمارة الذي بدأ من مطلع القرن العشرين الى الآن يمثل ارث وطني وهوية البلد وعلينا الحفاظ عليها وإدخالها في السجل الوطني للموروث).

وللتعرف اكثر على العمارة الحديثة، لابد من التعرف على المعماريين العراقيين الرواد، والذين قسمتهم الدكتورة شذى، حسب الحقب الزمنية، الى معماريي الرعيل الاول واولهم احمد مختار ابراهيم، عبدالله احسان كامل، مدحت علي مظلوم، جعفر علاوي، وقد سبقهم في العمارة العراقية المهندسون الانكليز ولسون وميسون وكوبر، الذين احتلوا منصب معماري الدولة، بحسب ماجاء به (مجلس اعمار الدولة) لذلك يعتبر المهندس احمد مختار ابراهيم اول معماري عراقي جاء من ليفربول واستلم منصب معماري الدولة عام 1935، ليكون معماري الحكومة.

ثم تطرقت الدكتورة شذى الى اعماله، والتي اولها النادي الاولمبي في الاعظمية الواقع في ساحة عنتر، ويعد هذا النادي مهم جدا كونه اول بناء حداثوي في العراق، إذ تؤكد شذى (أن البناء في السابق كان كلاسيكيا وله علاقة بالتراث والعمارة العباسية والعثمانية، وله اصول تاريخية، لكن المهندس احمد اول من بدأ بتطبيق الحداثة في العمارة العراقية، لذلك اكتسب ذلك المبنى صفة الريادة، وهنا تكمن اهميته). مشددة على ان لايمكن اعتباره كبناء نمطي ويمكن التجاوز عليه. ومثل ذلك كل الابنية التي بنيت في تلك الفترة على يد اول معماريي العراق.

كما تناولت العامري مَن جاء بعد الرعيل الاول، وهم محمد مكية، ونعمان منيب، حازم نامق وسامي بيردار، وتناولت كذلك تصاميمهم المعمارية والتي تعرض اغلبها الى الاهمال والتشويه الاضافات والتغليف.

وأشارت الى بيوت بعض المهندسين الرواد، حيث تم التجاوز عليها بعد بيعها من مالكها او مصادرتها، داعية الى ضرورة اقتناءها من قبل هيئة السياحة والآثار لغرض تسجيلها في سجل الحفاظ الوطني كونها مصممة بطرق حداثوية، او تحويلها الى متاحف وعدم السماح لأصحابها الحاليين باجراء اي تغييرات على ملامحه الاولى.

وتطرقت شذى العامري الى التغليف العشوائي التي تشوه الابنية الحديثة، بسبب سوء اختيار الالوان ونوع المواد المستخدمة وهي (الكابوند)، خاصة وانها غير ملائمة للبيئة العراقية مما يؤدي الى تساقطها وزيادة التشوهات الحاصلة على الابنية.

فيما طرحت المحاضرة تساؤلا عن سبب اهمال تلك الابنية الحداثوية، رغم ندرة قيمتها المصممة عالميا، قائلة (ان المهندسين الرواد لما خرجوا للدراسة الى خارج العراق، عادوا محملين بافكار الحداثة ومزجوا معها الحداثة المحلية او البغدادية لتعطي للمدينة هويتها).

اغنى الحاضرون الجلسة بالحديث عن اهمية العمارة العراقية التي لاتقل اهمية عن الآثار، والتي تمس الهوية الوطنية.

واختتمت الجلسة بتقديم الشهادة التقديرية للدكتورة شذى عباس العامري من قبل تجمع شارع المتنبي الثقافي تثمينا لدورها في تسليط الضوء على اهم مرحلة معمارية في تاريخ العراق.