18 نوفمبر، 2024 2:43 ص
Search
Close this search box.

العلو والغلو في المطالب..

العلو والغلو في المطالب..

معلوم أن لكل عقدة حلا وحلالين، وأحيانا تتعدد طرق الحل ويكثر الحلالون فيها، وفي أحيان أخرى تستعصي الحلول ويضيق أفق الحلالين بأية بارقة أمل تلوّح بأدنى حل، إذ قد تركن الحلول في زاوية غير منظورة، الأمر الذي يتطلب جهدا في البحث عنها، وأحيانا تقتضي الحاجة تحايلا ودهاءً لإخراجها الى الواقع المنظور. وقد قال (ابو المثل): (الكلمة الطيبة تطلع الحية من الزاغور) فلو شبهنا -مجازا- الكابينات الوزارية المكلف العبادي بإتمام تشكيلها بالأفاعي، فإن أساليب الوصول اليها معقدة وشائكة، كما أن الكلمة الطيبة قد لاتكون الوسيلة الملائمة لإخراجها من الـ -زاغور- وقد فاته -ابو المثل- أن بعض الأفاعي لاتفقه كنه الطيبة والكلام الطيب كما قال شاعر:

إن الأفاعي وإن لانت ملامسها

عند التقلب في أنيابها العطب

وإذا استبعدنا النوع الأخير من الأفاعي (المتقلبة) واحتسبنا ان جميع الأفاعي (مسالمة) فعلينا البحث عن الكلام الطيب الذي سيكون أداتنا للوصول الى الأفعى المتواري عن أنظارنا، والمتخفي في (زاغور) لاندرك غوره وعمقه.

أما الـ -زواغير- فما أكثرها في دهاليز ساستنا وكتلهم وأحزابهم، ولمتتبع الأخبار السياسية وجداول أعمال الكتل في عراقنا الجديد، لاأظنه يصل الى نتيجة توحي بأن هذه الكتل تعمل للصالح العام، وتوجه اهتماماتها الى مايسهم في بناء البلد، او يحل معضلة من المعضلات التي يمر بها، ولاسيما ضياع الأراضي الشاسعة والمدن الآمنة، واحتلالها بين ليلة وقبل ضحاها، من قبل عصابات أتت من غياهب الأرض، تدفعها جهات لاتبعد عن تلك الكتل إلا بعد القلب عن شغافه. فليس من المعقول ان يسرح ويمرح الإثنان في الساحة العراقية، بعضهم من الداخل والآخرون من الخارج، ويتحكمون بمصائر البلاد وملايين العباد، من دون أن يكون هناك اتصال بينهما، او على أقل تقدير مصلحة مشتركة. ولو رسمنا خطا بيانيا يمثل أعمال تلك العصابات، وآخر يمثل سياسة بعض الكتل في وضع شروطها وفرض طلباتها فوق المعقولة في كابينتها الوزارية المرتقبة، لاتضح انهما يسيران باتجاه واحد، ويلتقيان في النهاية بنقطة واحدة.

فعلى سبيل المثال لاالحصر.. فإن سقف المطالب التي يقدمها التحالف الكردستاني أخذ يعلو فوق علوه الشاهق.. وصار الأكراد يغالون فوق غلوهم المزمن في المطالبات التي لاتقف عند حد، كما يقول مثلنا: (انطيناه الكراع.. تناوش الذراع) فراح القائمون فيه ينتقون ماطاب لهم من طموحات مشروعة وغير مشروعة، وكانهم يمسكون قائمة الطلبات (Menu) في فندق خمس نجوم، ويدرجون ما يتشهّون من خيرات البلد، وكأن المال العراقي (سائب) وثرواته (سبيل) لمن هب ودب، ضاربين بعرض الحائط القيم والثوابت والاتفاقات السابقة، متجاوزين ما نص عليه الدستور. وقطعا لم يفتْهم تقليب كل قرار او قانون سبق أن تقلّب على رفوف التأجيلات والإرجاءات، لغاية في نفوسهم لاتخفى على رئيس الوزراء المكلف، بل وحتى على المواطن البعيد عن السياسة، إذ بات يعي تماما ماذا يعني النقاش البيزنطي في هذا الوقت العصيب في مواضيع مثل؛ المناطق المتنازع عليها… حصة الـ 17%… مبيعات النفط من أراضي الإقليم… رواتب البيشمرگة… المادة 140 من الدستور العراقي… وغيرها من القضايا المتراكمة من سنين.

باقي من الأيام تسعة.. فهل من طلبات وأمنيات ومشتهيات جديدة ياكردستاني وياغير الكردستاني؟! وكلها -كما تدركون جيدا- من عمر العراقيين.

*[email protected]

أحدث المقالات